عقب احتجاجات مناهضة.. "تحـ ـرير الشـ ـام" تُصعّد اعتقالاتها لكوادر "حـ ـزب التـ ـحرير"
صعدت "هيئة تحرير الشام" لمرة جديدة، حملات الاعتقال ضد كوادر "حزب التحرير" في ريفي حلب وإدلب، مع تصاعد المظاهرات المناهضة لها في عموم المنطقة، رغم كل الإجراءات الأمنية التي اتبعتها الهيئة سابقاً لإخماد صوت الحراك من تهديد وضغط واعتقال.
ووفق مصادر محلية، فإن حملة اعتقالات منظمة طالت يوم أمس الجمعة 22 تشرين الثاني، كوادر من "حزب التحرير" بأرياف إدلب وغربي حلب، طالت عدة أشخاص بينهم محام ومدرس وعدة شخصيات أخرى، بعد ملاحقات أمنية عقب خروجهم بمظاهرات شعبية مناهضة للهيئة في عدة مناطق.
ووفق مصادر من معرفات مقربة للحزب فإن الاعتقالات طالبت "المحامي محمد شريف، وفاتح ترمانيني، من بلدة ترمانين، والشقيقان أحمد عبدالحي سمسوم وبشار عبدالحي سمسوم، من مدينة الأتارب، ومعهما عمر رحال الذي يقطن في الأتارب.
وسبق أن اعتقلت عناصر أمنية تابعة للهيئة، الناشط الإعلامي "يحيى مصطفى سيد يوسف" بسبب تغطيته الاحتجاجات المناهضة للهيئة في مدينة إدلب، كما سجل اعتقال عدة أشخاص في مدن إدلب وجسر الشغور، بينهم "عبد الرزاق المصري" أحد الكوادر المنظمة للحراك في إدلب والمنتمي لحزب التحرير.
ورغم توقف الاحتجاجات الشعبية المناهضة للهيئة بعد سلسلة الاعتقالات والتضييق الذي مورس على الفعاليات الشعبية، إلا أن "حزب التحرير" واصل احتجاجاته التي تطالب بالإفراج عن المعتقلين من منتسبي الحزب بشكل خاص، ويشارك الحزب في التظاهرات التي يغلب عليها الطابع النسائي نساء من ذوي المعتقلين المغيبين في سجون الهيئة منذ سنوات، أملاً في تحقيق مطالبهم والوصول لخبر عن ذويهم.
وباتت تتظاهر العشرات من النساء من ذوي المعتقلين في سجون "هيئة تحرير الشام"، بشكل يومي، أمام مبنى "ديوان المظالم" التابع للهيئة، والذي جرى تشكيله قبل أشهر لحل مشكلة المغيبين في سجون الهيئة، لكن الديوان لم يظهر أي مبادرة لحلحلة الملف وإظهار قدرة على الإفراج عن شخص واحد من أولئك المعتقلين.
ومما لاشك فيه أن الاحتجاجات الشعبية المناهضة لـ "هيئة تحرير الشام" في إدلب، تمثل مرحلة وحقبة جديدة في الحراك الثوري السوري الرافض للظلم والاستبداد، أي كان طرفه ومرتكبه، ويجسد صورة جديدة لإعادة كسر حاجز الخوف، بعد سنوات من "البغي والتخويف" انتهجته الهيئة على فصائل الثورة وحاضنتها الشعبية.
ولعل الطابع الشعبوي للحراك الغير منظم بقيادة واضحة المعالم، خلقت اضطراباً في بنية الحراك، وجعله عرضة للاختراق من قبل أصحاب المشاريع سواء تيارات وأحزاب أو أشخاص، استثمروا التظاهرات لتصدر الحراك وتبني فكره، لتحقيق أجنداتهم على حساب أبناء الحراك الشعبي الحقيقي، وهذا ماحذر منه نشطاء مراراً وتكراراً لما فيه من أثر سلبي على الحراك وتطوره.
فبالرغم من أن تظاهرات "حزب التحرير" التي غلب عليها الطابع النسائي بدأت قبل أشهر عديدة ضد "هيئة تحرير الشام" على خلفية اعتقالات طالت قيادات الحزب وكوادره بشكل واسع، إلا أن أثر هذه التظاهرات ومناطق انتشارها كان محدوداً، ولم يحظ بشعبية ثورية، كون الحزب يرفع شعارات "الخلافة" التي تتناقض مع مطالب الحراك الشعبي الثوري.
لكن مع بدء الحراك الشعبي الثوري المناهض للهيئة في إدلب، على خلفية "قضية العملاء"، أعطى "حزب التحرير" حيزاً ومسرحاً لتوسيع احتجاجاته، وما ساعده على الدخول في الحراك علانية، هو إفراج الهيئة عن غالبية كوادر الحزب وقياداته الذين اعتقلهم، في سياسة اعتبرها مراقبون أنها مقصودة من قبل قيادة الهيئة، لإدراكها أن تلك القيادات ستدخل ضمن الحراك وتتصدر فيه، وبالتالي صبغ الحراك الشعبي كاملاً باسم "حزب التحرير" وتسويغ محاربته.
هذا الانخراط لـ "حزب التحرير" في التظاهرات كان موضع استثمار لقيادة الهيئة وإعلامها، والتي حاولت صبغ الحراك كلياً باسم "حزب التحرير"، والإشارة إلى أن من يدير الحراك هو قيادات وأنصار الحزب، خلافاً للواقع، في وقت عملت على حملة "شيطنة إعلامية" للتظاهرات مستثمرة حضور كوادر الحزب وتصدرهم في بعض المناطق، وهذا كان له تأثير سلبي على الحراك لصالح الجولاني، وحجة لضربه وتقويضه.
في سياق مماثل، كان لدخول شخصيات من تنظيم "حراس الدين" والتي لاتزال تنشط في الخفاء في إدلب، ومطالبتهم بالإفراج عن معتقلي التنظيم في سجون هيئة تحرير الشام الذين جرى اعتقالهم ضمن خلايا أمنية ساهمت في تنفيذ عمليات تفجير واغتيال، تلاه إقامة خيمة اعتصام في شارع الجلاء في إدلب، صبغت الحراك بوسم جديد أكثر سواداً، جعل الهيئة تتحرك بكل قوتها لضرب الاعتصام وإنهائه.
ولعل الحراك الشعبي المناهض لهيئة تحرير الشام، يحتاج لإعادة تنظيم وبناء رؤية واضحة، وأهداف منظمة، مع ضرورة إصدار موقف واضح حول كل من يدخل في الحراك ويصبغه بلون آخر مغاير تماماً للون الحراك وصورته، منها "حزب التحرير والحراس وأي شخصية متسلقة أخرى، لقطع الطريق على شيطنة الحراك وإعطاء الحجة لتقويضه وضربه.
وكان حذر ناشطون من خطورة تصدر وتسلق بعض التيارات والشخصيات التي ظهرت في ثوب الداعم للحراك ضد قيادة هيئة تحرير الشام، علما بأنها كانت جزء لا يتجزأ من مشروع الجولاني قبل استخدامها لصالح مشروعه الخاص والتخلص منها لاحقا بعد عملها لسنوات في تصدير مشروع الهيئة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، (أبو مالك التلي - بسام صهيوني - عبد الرزاق المهدي) وغيرهم الكثير ممن تحولوا لخصوم لأسباب شخصية.
ناهيك عن وجود شخصيات وتيارات كانت قد خاضت صراعات معلنة مع الهيئة لأسباب لا تمس الحراك الشعبي بصلة بينهم قادة وشرعيين سابقين وتيارات منها "حزب التحرير"، ويعتبر ذلك خلافات واقصاءات داخلية قد تزول عند زوال الأسباب، ويشير نشطاء إلى أن تأييد مثل هذه الشخصيات للمظاهرات لا يعني أنها تستحق قيادة الحراك وجعلها جزء رئيس منه، كونها لا تختلف كثيرا عن بقية خصوم الهيئة الجدد مثل حزب التحرير الذي لا يتقاطع مع الثورة السورية، وفق تعبيرهم.