عدو اللاجئين في قبضة العدالة .. اعتقال "أوميت أوزداغ" وإحالته للتحقيق في اسطنبول
أعلنت مصادر إعلامية تركية عن توقيف السلطات الأمنية لزعيم حزب النصر المتطرف "أوميت أوزداغ" يوم الاثنين، بتهمة إهانة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وذكرت المصادر أن أوزداغ تم اعتقاله في أحد المطاعم في أنقرة، بعد تصريحات أدلى بها في اجتماع حزبي في ولاية أنطاليا يوم الأحد، اتهم خلالها أردوغان بإضرار كبير بتركيا والشعب التركي، وهو ما استدعى التحقيق معه بتهمة إهانة الرئيس.
بعد اعتقاله، عبر أوزداغ عن استعداده لتكرار تصريحاته "ألف مرة" وأكد استعداده لأي تبعات قانونية بما في ذلك السجن أو الإعدام، في المقابل، أصدر حزب النصر بيانًا يدين فيه اعتقال زعيمه، ويؤكد تمسكه بموقفه، معلنًا عن دعمهم الكامل له.
حزب النصر والسياسات العنصرية تجاه اللاجئين
يعد حزب النصر من الأحزاب العنصرية في تركيا، وقد اشتهر بمواقفه العدائية تجاه اللاجئين، خاصة السوريين، وعرف الحزب بتوجهاته المناهضة للهجرة واللاجئين، حيث أطلق زعيمه وعودًا انتخابية بترحيل السوريين وفرض تعريفة سياحية على الأجانب في حال فوزه، ورغم هذه المواقف المتطرفة، فشل الحزب في تحقيق مكانة سياسية بارزة أو الحصول على مقاعد في البرلمان التركي.
ردود الفعل السياسية على الاعتقال
أثار اعتقال أوزداغ ردود فعل متباينة في الساحة السياسية التركية، حيث انتقدت شخصيات بارزة من المعارضة هذه الخطوة. زعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، اعتبر أن الاعتقال كان محاولة لتشويه سمعة السياسيين المعارضين، مشيرًا إلى أنه لا يمكن قبول هذا التصرف. من جهته، علق رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، على الحادثة قائلاً: "من غير المقبول أن يُعتقل رئيس حزب النصر بسرعة بسبب خطاباته، حيث يجب أن تتم المحاسبة عبر صناديق الاقتراع وليس عبر القضاء".
تصريحات أردوغان وتوجهات الحكومة التركية
في سياق مشابه، سبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن انتقد الأحزاب المعارضة التي استغلت معاناة اللاجئين السوريين لتحقيق مكاسب سياسية، مطالبًا بمحاكمة من التزموا الصمت أمام الخطابات العنصرية ضد السوريين في تركيا.
تصاعد العنصرية ضد اللاجئين السوريين
مع مرور الزمن، ازدادت المشاعر العنصرية ضد اللاجئين السوريين في تركيا، وخصوصًا مع استخدام ملف اللجوء كورقة انتخابية من قبل قوى المعارضة، وهو ما أثار نعرات عنصرية بين اللاجئين والمجتمع التركي. السوريون الذين لا يزالون يعانون من أوضاع قاسية منذ سنوات اللجوء، يعانون بشكل خاص من القوانين المتغيرة بشأن وضعهم، حيث لا يزالون تحت "الحماية المؤقتة" دون أن يتمتعوا بحقوق اللاجئين وفق القوانين الدولية.
وكان اعتبر رئيس حزب "النصر" المعارض أوميت أوزداغ، إقامة اللاجئين السوريين في تركيا طالت كثيراً، وأصبحت تشكِّل عبئاً وقسوة على المجتمع التركي، وأن تركيا ليست مدينة الملاهي للعالم، ووعد بتطبيق التعريفات السياحية على الأجانب واللاجئين في الولايات التي سيفوز بها، كما يكون ركوب الحافلة والمياه أكثر تكلفة.
وسبق أن نبّه "فخر الدين ألتون" رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، إلى ما أسماها "حملات خبيثة" تحتوي على معلومات مضللة عن اللاجئين في تركيا، الذين يشكل السوريون معظمهم، نشرتها مؤخراً وسائل إعلام، وذلك بالتوازي مع حملات عنصرية مستمرة منذ سنوات ضد اللاجئين.
وكثيراً ما يستهدف اللاجئين السوريين حملات عنصرية على مواقع التواصل، تقودها أطراف معلومة في غالبية تلك الحملات، تعمل على تشويه صورة اللاجئين بشكل عام لاسيما العرب والسوريين، في ظل حملات اعتقال وترحيل ممنهجة ضد المهاجرين والمخالفين في تركيا طالت الآلاف من السوريين.
ومنذ أكثر من اثني عشر عاماً، يعيش الشعب السوري بكل أطيافه وفئاته، مرارة التهجير والملاحقة والاعتقال والموت بكل أصنافه، دفعت ملايين السوريين للخروج لاجئين من بلادهم بحثاً عن ملاذ آمن، يحميهم من الملاحقة والموت في غياهب السجون المظلمة، ليواجهوا معاناة أكبر في الوصول للحلم المنشود في الأمن والأمان الذي يفقدون.
كانت تركيا من أكثر الدول التي استقبلت اللاجئين، كما أنها كانت ولاتزال ممراً للطامحين في الخروج باتجاه الدول الأوروبية، ويعيش في تركيا ملايين السوريين منذ أكثر من عشرة أعوام، اندمج الكثير منهم في المجتمع وتحول اللاجئ من عبء لمنتج، وأثبت السوريين أنهم ليسوا عالة على أي مجتمع، متقدمين على أقرانهم الأتراك حتى في مجالات شتى.
ومع طول أمد اللجوء السوري، تشكلت نزعة عنصرية كبيرة في تركيا ضد اللاجئ السوري بشكل عام، قاد تلك الحملات قوى المعارضة التركية، مستخدمين ملف اللجوء السوري كورقة انتخابية، لتجييش الشارع التركي وإثارة النعرات العنصرية ضدهم، وبات اللاجئ السوري في مواجهة حتمية مع أبناء المجتمع المضيف، مع اختلاف النظرة من مدينة لأخرى وطريقة التعاطي مع تلك الحملات.
وطيلة السنوات الماضية، واجه اللاجئ السوري مزاجية القوانين التي تنظم وجوده في تركيا، فلم يعتبر لاجئاً يتمتع بحقوق اللاجئ وفق القوانين العالمية، وإنما وضع تحت بند ما يسمى "الحماية المؤقتة" في تركيا، فكان عرضة لتغير قوانين تلك الحماية وحتى تعارضها بين مؤسسة وأخرى أو موظف وآخر أو مرحلة سياسية وأخرى.