
سوريا تسعى لإصلاح النظام القضائي: تشكيل هيئة لمراجعة القوانين بعد 2011
كشفت مصادر حقوقية في دمشق، عن مسعى لتشكيل هيئة خاصة تقوم بمراجعة جميع القوانين المعمول بها حالياً، وأوضحت المصادر أن القوانين التي تم إصدارها خلال فترة النظام السابق ستخضع لمراجعة شاملة من قبل الهيئة، التي ستنظر في إمكانية تعديلها، إلغائها، أو الإبقاء على بعضها حسب مدى توافقها مع الإعلان الدستوري الحالي.
ونقل موقع "القدس العربي"، عن مصادر أفادت بأن باب المشاركة في تأسيس هذه الهيئة سيفتح أمام الجهات الحقوقية، مثل نقابة المحامين، التي سيكون لها دور أساسي في وضع النظام الداخلي للهيئة، نظراً لأنها تمثل أحد أجنحة العدالة إلى جانب وزارة العدل.
اللجنة المعنية بإعادة النظر في قوانين المحاكمات
في سياق متصل، شكل وزير العدل السوري، مظهر الويس، الأسبوع الماضي لجنة متخصصة لإعادة النظر في "قانون أصول المحاكمات المدنية رقم 1 لعام 2016" واقتراح التعديلات اللازمة عليه.
ضمت اللجنة عدداً من كبار القضاة في محكمة النقض، وإدارة التشريع، والتفتيش القضائي. وستعمل اللجنة على مراجعة القانون بما يتوافق مع أحكام الإعلان الدستوري الحالي ومبادئ حقوق الإنسان، مع التركيز على تبسيط إجراءات التقاضي وتحديثها باستخدام تقنيات المعلومات. وقد مُنحت اللجنة مهلة ستة أشهر لإنجاز مهمتها وتقديم تقرير مفصل إلى وزير العدل.
القوانين الموجهة لخدمة السلطة: مطالبات بالتعديل والإلغاء
وفي تعليقه على الموضوع، قال المحامي عارف الشعال إن معظم القوانين السورية، التي تصل إلى حوالي 7 آلاف قانون، كانت تصب في خدمة السلطة، مؤكداً أن العديد منها يحتوي على ثغرات ويحتاج إلى تعديل جذري. وأضاف أن الهيئة المرتقبة لم تحدد بعد ما إذا كانت ستكون استشارية فقط أو صاحبة صلاحية اتخاذ القرارات في تعديل القوانين، وتقديم مسودات القوانين الجديدة لجميع الوزارات والجهات الحكومية.
وأوضح الشعال أن بعض القوانين يجب أن يتم إلغاؤها بدلاً من تعديلها، مشيراً إلى قوانين تم إصدارها في بداية الثورة السورية عام 2011، مثل قانون الضابطة العدلية الذي يسمح بالتوقيف لمدة شهرين في الأجهزة الأمنية دون محاكمة. وأكد أن هذه القوانين كانت في معظم الأحيان تتجاوز الحدود القانونية، حيث امتد اعتقال الكثيرين إلى سنوات دون عرضهم على القضاء.
كما أشار إلى ضرورة إلغاء "قانون محكمة الإرهاب"، الذي تم تجميد العمل به، لكن إلغاؤه يتطلب قانوناً من مجلس الشعب غير الموجود حالياً. وأوضح أن هناك قوانين أخرى، مثل قانون أمن حزب البعث المنحل، الذي يتضمن عقوبات مشددة ضد من يسيء للحزب، وكذلك قانون منع التعامل بالدولار، كلها قوانين تتطلب الإلغاء لأن النظام السابق أوجدها لخدمة مصالحه.
تعديلات النظام السابق بحاجة إلى مراجعة
من جانبه، أكد الخبير القانوني والمحامي عمار يوسف أن النظام السابق عدل العديد من القوانين في السنوات الأخيرة، إلا أن التعديلات كانت غالباً مشوهة ومفصلة لخدمة أشخاص معينين. وأشار يوسف إلى ضرورة تعديل هذه القوانين بما يتوافق مع المبادئ القانونية الحديثة. ومن الأمثلة التي قدمها يوسف، قانون أصول المحاكمات المدنية الذي تم تعديله في عام 2016، والذي ظهرت نسخته الجديدة مشوهة مقارنة بالنسخة القديمة.
كما شدد يوسف على ضرورة دمج بعض القوانين، مثل القوانين الخاصة بالعقارات، في قانون واحد لتجنب التشتت والتعقيد الذي كان سائداً في عهد النظام السابق. وأعرب عن تأييده أن يتم التعديل وفقاً للقوانين الوضعية التي تتناسب مع مكونات الشعب السوري.
إجراءات وزارة العدل بعد سقوط النظام
منذ سقوط نظام بشار الأسد، اتخذت وزارة العدل السورية عدة إجراءات مهمة، منها تجميد العمل بمحكمة الإرهاب، وإنشاء منصب رئيس العدلية في كل محافظة، وإلغاء منصب المحامي العام. كما قامت الوزارة بإحالة جميع القضاة الذين عملوا في محكمة الإرهاب إلى التفتيش القضائي للتحقيق معهم.