
رويترز: سوء تقدير سوري للرسائل الأميركية وراء تصعيد أحداث السويداء
كشفت وكالة "رويترز"، نقلاً عن ثمانية مصادر سياسية وعسكرية ودبلوماسية مطّلعة، أن الحكومة السورية أساءت تفسير الرسائل الأميركية المتعلقة بمبدأ مركزية الدولة، واعتقدت أن نشر قواتها في محافظة السويداء لن يواجَه بردٍ من إسرائيل، ما أدى إلى تصعيد مفاجئ في الموقف.
ووفقاً للمصادر، فإن دمشق اعتقدت أنها حصلت على ضوء أخضر ضمني من واشنطن وتل أبيب لنشر قواتها في جنوبي البلاد، مستندةً إلى محادثات أمنية أولية مع إسرائيل في العاصمة الأذربيجانية باكو، وتصريحات للمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، الرافضة لأي فيدرالية أو حكم ذاتي داخل سوريا.
مسؤول كبير في وزارة الخارجية السورية نفى هذا التفسير، مؤكداً أن القرار "اتُّخذ بناء على اعتبارات وطنية بحتة لحماية المدنيين ومنع النزاع الأهلي". لكن باحثين غربيين، بينهم جوشوا لانديس، اعتبروا أن الرئيس السوري أحمد الشرع "بالغ في قراءة الدعم الأميركي"، وربما فسر تصريحات واشنطن على أنها تفويض باستخدام القوة لفرض السيطرة المركزية على السويداء.
كما أشارت الوكالة إلى أن سوء تقدير دمشق شجعها على نشر قواتها دون توقع رد إسرائيلي، في حين اعتبر مسؤول خليجي أن "الانتهاكات التي ارتكبتها القوات السورية ضد أبناء الطائفة الدرزية وفرت ذريعة لتدخل إسرائيلي واسع".
مصادر استخباراتية إقليمية أشارت بدورها إلى "غياب الانضباط داخل الجيش السوري واعتماد القيادة على مجموعات مسلحة متعددة الخلفيات"، بينما شددت دمشق على أن عمليتها "لم تكن تهدف إلى الانتقام أو التصعيد، بل إلى حفظ السلم الأهلي ووحدة البلاد".
وأكد الرئيس السوري أحمد الشرع، في كلمة أدلى بها اليوم، أن الأحداث الأخيرة في السويداء شكلت منعطفاً خطيراً، مشيراً إلى أن انسحاب قوات الجيش والأمن الداخلي جاء استجابةً لوساطات أميركية وعربية، بهدف التهدئة ومنع التصعيد. وأوضح أن بعض المجموعات المسلحة في السويداء استغلت الانسحاب وارتكبت هجمات انتقامية وانتهاكات بحق عشائر البدو، ما استدعى تدخلاً سريعاً لمنع تفاقم الأزمة.
وشدد الرئيس الشرع على أن الدولة السورية هي الجهة الوحيدة المخوّلة بحماية أمن البلاد وبسط سيادة القانون، مؤكداً أن الاستقواء بالخارج أو استغلال بعض الأطراف الداخلية لصراعات دولية لا يخدم السوريين بل يفاقم الأزمة.
كما أكد الرئيس السوري رفض معاقبة الطائفة الدرزية بشكل جماعي بسبب تصرفات فئة قليلة، مبرزاً أن أبناء السويداء وقفوا إلى جانب الدولة ورفضوا مشاريع التقسيم، وأن الدروز يشكّلون ركناً أساسياً من النسيج الوطني السوري.
وحذّر الشرع من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، واصفاً إياها بأنها تهديد مباشر لاستقرار البلاد والمنطقة، مثمّناً في المقابل مواقف الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين الرافضة لهذه الاعتداءات، وكذلك دعم الولايات المتحدة المعلن لوحدة الأراضي السورية.
واختتم الرئيس تصريحاته بالتأكيد على أن هذه المرحلة تتطلب وحدة الصف، وتغليب صوت العقل والحكمة، وفسح المجال أمام مؤسسات الدولة لمحاسبة جميع المتورطين في الانتهاكات، وحماية جميع المواطنين دون استثناء.