
رئيسة هيئة المفقودين في الأمم المتحدة: المهمة في سوريا "هائلة" ولكنها بدأت فعلاً
قالت المحامية المكسيكية كارلا كينتانا، رئيسة الهيئة المستقلة للأمم المتحدة المعنية بالمفقودين في سوريا، إن البحث عن المفقودين السوريين يمثل "مهمة ضخمة"، لكنها شددت على أن الهيئة بدأت التحرك فعلياً وتمضي قدماً في تنفيذ ولايتها، مستفيدة من التغيرات السياسية التي شهدتها البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وفي مقابلة مع موقع "معلومات العدالة" المتخصص بمبادرات العدالة في مناطق النزاع، أوضحت كينتانا أن الوضع في سوريا بعد 8 كانون الأول "مختلف تماماً"، معتبرة أن هذا التحول يتيح للمرة الأولى إمكانية العمل الميداني داخل الأراضي السورية. وقالت: "لدينا الآن فرصة استثنائية، لكنها تتطلب جهداً هائلاً".
وأشارت إلى أن الهيئة أطلقت أول بعثة لها إلى سوريا في شباط الماضي، وتسعى لتنظيم زيارات شهرية منتظمة، كما قدمت طلباً رسمياً لفتح مكتب دائم في دمشق، بانتظار رد الحكومة السورية الجديدة. وأضافت أن اللقاء الذي جمعها بوزير الخارجية السوري أسعد شعيباني خلال مؤتمر بروكسل للمانحين أسفر عن تفاهم مبدئي على التعاون، مشيرة إلى أن الوزير قال لها: "نعم، يمكنكم القول إننا سنعمل معاً".
وأكدت كينتانا أن المسؤولية الأساسية في عملية البحث عن المفقودين يجب أن يتولاها السوريون أنفسهم، ووصفت المهمة بأنها "لا يمكن لأي جهة تنفيذها بمفردها". ولفتت إلى تجربتها السابقة في المكسيك، قائلة: "هناك أكثر من 130 ألف مفقود، والعدد الحقيقي قد يكون أكبر... لكن عائلات الضحايا هي من تملك المعلومات الأساسية".
وشددت على أهمية بناء ثقة مباشرة مع هذه العائلات، وقالت: "إذا لم تثق بك فلن تشاركك بالمعلومات، وهذا ليس فقط أمراً أخلاقياً، بل أساسياً لنجاح العمل". وأضافت: "حين كنا في سوريا، من سائق التاكسي إلى النادل، كل شخص تقريباً لديه قريب مفقود".
وفيما يتعلق بالموارد، كشفت كينتانا أن ميزانية الهيئة لعام 2025 تبلغ 11 مليون دولار، مشيرة إلى أنها تعمل حالياً بـ28 موظفاً من أصل 47 مخططاً، في ظل تجميد التوظيف داخل الأمم المتحدة. إلا أنها عبّرت عن تفاؤلها، مشيرة إلى إطلاق صندوق تمويل طوعي تلقت الهيئة فيه دعماً مبدئياً من ألمانيا ولوكسمبورغ بقيمة 1.2 مليون دولار، مع وعود بدفعات إضافية قريباً.
أما عن العلاقة مع الهيئات الأممية الأخرى، فأوضحت كينتانا أن الهيئة تتعاون مع اللجنة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق والآلية الدولية المحايدة، لكن مع الحفاظ على "فصل الأدوار"، حيث أن هيئة المفقودين تعمل في المجال الإنساني، بينما تختص الجهات الأخرى بالمحاسبة القضائية. وقالت: "نتبادل المعلومات بما يسمح به تفويضنا، لكن لا نعمل من المكتب نفسه كي لا نربك الضحايا".
وفيما يخص تقديم الدعم لذوي الضحايا، شددت كينتانا على أن طبيعة هذا الدعم يجب أن تُحدد بناءً على احتياجات العائلات، وليس وفق تقييم موظفي الأمم المتحدة. وأكدت أن الهيئة تعمل حالياً مع الدول المضيفة للاجئين السوريين لبناء شبكات دعم نفسي واجتماعي متكاملة.
وختمت حديثها بالتشديد على أن "المهمة طويلة وشاقة، لكن ما يجري اليوم يشكل بداية ضرورية ومبشرة في مسار البحث عن الحقيقة وتحقيق العدالة".