دون الإشارة إلى اسمها أو اتخاذ إجراء بحقها.. "عدل وتمكين" ترفض التصرفات الفردية وتواجه موجة انتقادات
دون الإشارة إلى اسمها أو اتخاذ إجراء بحقها.. "عدل وتمكين" ترفض التصرفات الفردية وتواجه موجة انتقادات
● أخبار سورية ٢٤ أبريل ٢٠٢٥

دون الإشارة إلى اسمها أو اتخاذ إجراء بحقها.. "عدل وتمكين" ترفض التصرفات الفردية وتواجه موجة انتقادات

أكدت منظمة "عدل وتمكين" في بيان أصدرته عقب اجتماع طارئ لمجلس إدارتها بتاريخ 22 نيسان/أبريل 2025، تمسكها بثوابتها كمؤسسة مدنية مستقلة، مجددة التزامها بالقيم الثقافية والاجتماعية الراسخة في محافظة إدلب، واحترامها العميق للعادات والتقاليد التي تميّز المجتمع السوري.

وجاء بيان المنظمة في أعقاب موجة غضب أثارتها تصريحات المدعوة "هبة عز الدين"، إحدى الممثلات للمنظمة، اتهمت فيها أهالي إدلب باختطاف نساء من الطائفة العلوية وبيعهن كسبايا، إلى جانب تسجيل صوتي نُسب إليها تضمّن عبارات مهينة بحق النساء المنقبات، إذ عبّرت فيه عن "كرهها الشديد" لهن، وهددت بإغلاق أحد مراكز المنظمة في حال وجود نساء يرتدين النقاب. لاحقاً، أنكرت عز الدين نسب هذه التصريحات لها، وادعت أن التسجيلات "مفبركة".

المنظمة لم تُسمّ المتهمة.. ولم تعتذر
ورغم الانتقادات الواسعة من أهالي إدلب ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، فإن بيان "عدل وتمكين" لم يذكر اسم عز الدين أو يتناول تصريحاتها بشكل مباشر، ولم يتضمّن أي اعتذار رسمي للأهالي الذين عبّروا عن استيائهم مما وصفوه بـ"إهانة موصوفة بحق مجتمع بأكمله"، و"صمت غير مبرر من مؤسسة تدّعي الالتزام بالعدالة".

البيان يكرّر الخطوط العامة دون إجراءات واضحة
أكدت المنظمة في بيانها أنها تعمل وفق "سياسات واضحة تقوم على الشفافية والمساءلة واحترام الجميع دون تمييز"، وتقدّم خدماتها في مجالات التمكين الاقتصادي والدعم النفسي والاجتماعي والتدريب، مشيرة إلى أن مراكزها استقبلت آلاف النساء دون تسجيل أي شكوى متعلقة بسوء المعاملة.

كما شدد مجلس الإدارة على أن "أي رأي شخصي لا يمثّل المنظمة"، وأن المؤسسة لا تتحمل مسؤولية التصرفات الفردية. وأوضحت أن جميع أنشطتها تخضع للتقييم المستمر لضمان توافقها مع المبادئ الأساسية التي تأسست عليها.

خلل تقني في حسابات التواصل.. وتأكيد على استمرارية الرسالة
وأشارت المنظمة إلى فقدان الوصول إلى صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي نتيجة ظروف خارجة عن الإرادة، مؤكدة أنها تعمل مع إدارة "ميتا" لاستعادة السيطرة على الحسابات. ودعت جمهورها إلى تفهّم هذا الظرف المؤقت، واعدة بالعودة إلى التواصل المباشر بأقرب وقت.

وختمت "عدل وتمكين" بيانها بالتأكيد على أن "احترام النساء، والتمسك بالمبادئ الإنسانية، والالتزام بقيم المجتمع" يمثل جوهر رسالتها، متعهدة بمواصلة العمل من أجل صمود المجتمع المحلي وتعزيز استقراره، دون أن تعلن أي إجراءات بحق المتهمة أو خطة لمعالجة آثار التصريحات المسيئة.

ردود غاضبة: "بيان إنشائي لا يرقى للمساءلة"
في المقابل، وصف عدد من المتابعين البيان بأنه "عام وضبابي، ويفتقر إلى الجرأة في مواجهة الخطأ"، بينما اعتبره آخرون "محاولة التفاف على غضب شعبي حقيقي كان يتطلب موقفاً واضحاً ومسؤولاً"، مؤكدين أن "التبرؤ من المسؤولية دون محاسبة داخلية يضع مصداقية العمل الحقوقي في مهب الريح".

ويبقى السؤال مطروحاً حول ما إذا كانت المنظمة ستتخذ إجراءات لاحقة، أو تكتفي بـ"رفض عام للتصرفات الفردية" دون خطوات عملية تعيد ثقة المجتمع بمؤسسة يفترض أن تكون صوتاً للعدالة والتمكين، لا موضعاً للجدل والتجاهل.

ناشطة نسوية تُعيد إنتاج روايات أيتام الأسد حول "السبايا": إدلب مجدداً في مرمى شيطنة ممنهجة
أثارت الناشطة النسوية المدعوة "هبة عز الدين" والتي تدير منظمة "عدل وتمكين" العاملة في شمال سوريا، الجدل عبر منشور على حسابها في "فيسبوك"، تحدثت فيه عن مشاهدتها لسيدة غريبة عن المنطقة ترافق أحد المقاتلين في مدينة إدلب، وقالت إنها علمت أن السيدة من إحدى قرى الساحل السوري، وقام بإحضارها معه بعد أحداث الساحل الأخيرة، وزعمت أنها تعرف الشخص.

سردية "عز الدين" التي توجه اتهامات واضحة لأبناء محافظة إدلب بشكل رئيس بـ "سبي العلويات"، هي استكمال لرواية دأب أيتام النظام البائد الترويج لها في الحديث عن "مظلوميتهم" والتي سارت على دربهم قبل أسابيع "غادة الشعراني" في السويداء، وروجت لذات المزاعم والأكاذيب، كذلك ماروجه أيتام الأسد في مظاهرات طائفية في جنيف، واللعب على وتر "خطف النساء وسبي العلويات".
 

هذه السردية التي روتها الناشطة النسوية، لاقت موجة ردود أفعال واسعة النطاق في أوساط النشطاء والفعاليات الأهلية، واعتبرت أنها في سياق الحرب الدعائية التي تستهدف أبناء محافظة إدلب بشكل خاص، واتهامهم تارة بارتكاب المجازر في الساحل وتارة بـ "سبي العلويات"، من خلال بناء صورة سوداء عن المحافظة التي تنحدر منها الناشطة بالأصل.

ولاقت السردية الغير منضبطة، والتي لم تستند لأي معلومة حقيقية، رواجاً واسعاً في صفحات الذباب الإلكتروني لفلول وأيتام نظام الأسد، والتي تعج بالأخبار المضللة يومياً عن حالات خطف وقتل وسلب وتعويم للفتنة، وكانت مادة دسمة للاستناد لها وإعادة العزف على ذات الأمر الذي سبق وأن حاولت الترويج له مراراً دون أن تقدم أي أدلة أو معلومات تثبت عمليات خطف أو سبي.


وبالرغم من أن عدد من النشطاء قاموا بالتواصل مع الناشطة على حسابها الشخصي (نشروا المحادثات لاحقاً)، وطلبوا منها تقديم معلومات واضحة كونها قالت إنها تعرف الرجل الذي تزوج المرأة، للوقوف على حقيقة "سبي المرأة" إلا أنها تهربت وادعت عدم معرفتها بالشخص، مناقضة نفسها في منشورها الأساسي الذي اضطرت لإخفائه لاحقاً ومن ثم إخفاء حسابها من مواقع التواصل "فيسبوك".

هذا الحدث عن "سبي النساء العلويات" بات رائجاً في الأسابيع الأخيرة، رغم أن أحداً لم يتطرق له عقب أحداث الساحل السوري الدامية، وكانت نظمت مايسمى بـ "رابطة العلويين المغتربين"، وقفة احتجاجية أمام مبنى الأمم المتحدة في جنيف للمطالبة بوقف ما وصفوه بـ"سبي النساء العلويات" و"الإبادة الجماعية" التي تتعرض لها الطائفة في سوريا.

هذه الوقفة أثارت ردود أفعال مختلفة، لاسيما أنها تأتي في وقت يحاول فيه البعض استثمار أحداث الساحل السوري الأخيرة والتي بدأت بهجمات فلول نظام بشار الأسد، لتعويم مايسمى بـ "مظلومية العلويين"، مطالبين تارة بحماية دولية، وتارة أخرى بالانفصال عن سوريا وتقرير المصير، لتبدأ اللعب على وتر "خطف النساء وسبي العلويات"، علماً أنه لم تسجل حالة خطف واحدة في عموم المناطق السورية للنساء خلال الأحداث الأخيرة.

"آية طلال قاسم" مثالاً
شاع خلال الأيام الماضية خبر مضمونه خطف فتاة من إحدى قرى ريف طرطوس تدعى "آية طلال قاسم"، وتم التعميم بالأمس عن عودتها وقيام الأمن العام بتوقيفها لمنعها من الحديث عن الجهة التي كانت تخطفها ، لكن وفق الصحفي "هيثم يحيى محمد" فإن الفتاة كانت قد تركت منزل عائلتها وتوجهت إلى حلب بقصد العمل بمبلغ مالي مغري وفق ماوعدتها صديقتها، وأنها تعرضت لمحاولة اعتداء فرت على إثرها من حلب وعادت إلى عائلتها، نافية أي عملية خطف أو سبي كما تم الترويج له لأيام على مئات المواقع والصفحات.

 
حقوقية سورية تستنكر استخدام أجساد النساء كـ "سلاح دعائي" لخدمة التراشق الطائفي
سبق أن قالت "نور الخطيب"، مديرة قسم التوثيق في "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، إن النساء سيظلن في قلب الحملات الدعائية التي تُستغل أجسادهن ورمزيتهن لخدمة التراشق الطائفي، مؤكدة أن ذلك بدأ من كذبة "جهاد النكاح" وصولًا إلى شائعة "الاغتصاب في حميميم".  

وأوضحت الخطيب في منشور على "فيسبوك" أنه عندما يُراد تأجيج خطاب الكراهية، يكون استخدام قصص الاعتداء الجنسي من أكثر الأساليب فعالية، حيث يستهدف هذا الأسلوب الحساسية العاطفية في أي مجتمع. 

وأضافت أن هذا ما حصل تمامًا مع كذبة "جهاد النكاح"، واليوم يُستنسخ نفس الأسلوب مع شائعة الاغتصاب في قاعدة حميميم، مشيرة إلى أن القاسم المشترك بين الروايتين هو أن كليهما لا يستهدف النساء فقط، بل يطال النسيج الاجتماعي الذي تنتمي إليه كل مجموعة.  

واعبترت الخطيب أن إطلاق كذبة "جهاد النكاح" كانت لها تأثيرات مدمرة على النساء، حيث تعرضت العديد منهن للعنف الاجتماعي والوصم، خاصة في المعتقلات. وقالت: "هذه الروايات الملفقة تؤدي إلى إيذاء حقيقي على الأرض، وليس مجرد معارك كلامية على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام".  

وأشارت إلى أن الأطراف التي روجت لكذبة "جهاد النكاح" في الماضي هي نفسها التي تدافع اليوم عن النساء اللواتي لجأن إلى قاعدة حميميم، وترفض وصمهن، بينما الأطراف التي كانت تنكر "جهاد النكاح" هي نفسها التي تروج اليوم لشائعة "اغتصاب النساء في حميميم". 

واعتبرت الحقوقية السورية، أن هذا يثبت أن القضية لم تكن يومًا دفاعًا حقيقيًا عن النساء، بل مجرد استخدام لهن كسلاح دعائي كلما تطلبت الظروف ذلك، مطالبة بضرورة إجراء مراجعة أخلاقية وكسر الحلقة المفرغة التي تجعل النساء وقودًا لحروب لا ناقة لهن فيها ولا جمل.

واختتمت الخطيب بالإشارة إلى أنه من "جهاد النكاح" إلى شائعة "الاغتصاب في حميميم"، ستظل النساء في قلب الحملات الدعائية التي تُستغل أجسادهن ورمزيتهن لخدمة الأغراض الطائفية، وأكدت أن هذه الأكاذيب، سواء كانت "جهاد النكاح" أو "اغتصاب حميميم"، تؤدي في النهاية إلى نفس النتيجة وهي "تدمير حياة النساء وتشويه صورة مجتمعات بأكملها".


ورغم كل ماظهر من تهميش وقهر مورس بحق أبناء "الطائفة العلوية" مارسه نظام بشار الأسد بدا واضحاً عقب هروبه وانهيار نظامه، إلا أن هناك من يحاول استثمار أحداث الاضطراب الأمني في سوريا للمطالبة بحماية الأقليات واستثمار الورقة دولياً لمحاربة السلطة الجديدة في سوريا، لاسيما من أزلام وأتباع النظام السابق ورجالاته الذين أقروا علانية بمسؤوليتهم عن الانقلاب الأمني الأخير في الساحل السوري، دون تحمل عواقب ماحصل ولاسيما أن "الطائفة العلوية" كانت أكثر المتضررين.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ