
دمشق تنفي تقرير رويترز عن "تسويات مشبوهة" مع رجال أعمال من حقبة الأسد وتؤكد: لا حصانة للمتورطين
نفت الحكومة السورية صحة المعلومات التي وردت في تقرير موسّع نشرته وكالة "رويترز" حول وجود تسويات مالية مع رجال أعمال بارزين من عهد المخلوع بشار الأسد، مؤكدة أن تلك الإجراءات الجارية لا تمنح أي حصانة قانونية، بل تُعد جزءاً من مسار محاسبة يهدف إلى استرداد الأموال المنهوبة وتحقيق العدالة دون التأثير السلبي على عملية التعافي الاقتصادي.
وفي تصريحات خاصة لموقع "نيولاينرز"، شدد مسؤولون حكوميون كبار، لم تُكشف هوياتهم، على أن اللجنة المعنية بإعادة هيكلة الاقتصاد السوري تعمل وفق مرسوم رئاسي علني، وليست لجنة "سرية" كما وصفها تقرير "رويترز"، نافين المزاعم حول إشراف شقيق الرئيس السوري أو شخصيات لبنانية على أعمالها.
إجراءات مساءلة لا تعني الإفلات من العقاب
قال أحد المسؤولين إن التسويات الجارية مع رجال الأعمال تشمل ملفات الفساد والجرائم المالية فقط، ولا تعني إسقاط الملاحقات المتعلقة بجرائم الحرب أو الانتهاكات الجسيمة، موضحاً أن "ما يحدث ليس عفواً، بل شكلاً من أشكال المحاسبة"، خاصة في قضايا تمويل الحرب والاحتكار ونهب المال العام.
وأشار إلى أن بعض رجال الأعمال المتورطين هم من تقدموا بطلبات تسوية بعد مراجعات وتحقيقات دقيقة، وقد طُرح عليهم خيار اللجوء إلى القضاء أو تسوية مالية تحفظ حقوق الدولة ولا تضر بمصالح الموظفين العاملين في تلك الشركات.
لا تسويات نهائية.. والمفاوضات مستمرة
نفى المسؤولون صحة ما ورد في التقرير بشأن مصادرة 1.5 مليار دولار من ثلاثة رجال أعمال، مؤكدين أنه لم تُبرم أي تسويات رسمية حتى لحظة نشر التقرير، رغم أن بعض المفاوضات وصلت إلى مراحل متقدمة. وأوضحوا أن أي تسويات سيتم الإعلان عنها لاحقاً من خلال بيانات رسمية.
أبو مريم ليس صاحب سلطة
رداً على ما جاء في "رويترز"، أكد أحد المسؤولين أن المستشار إبراهيم سكريه، المعروف بلقبه "أبو مريم الأسترالي"، لا يشغل موقعاً تنفيذياً ولا يملك صلاحيات على البنك المركزي، واصفاً المزاعم بأنه يقود اللجنة بأنها "تضخيم إعلامي أقرب إلى رواية سياسية"، كما نفوا إشراف حازم الشرع، شقيق الرئيس السوري، على أي من هذه الملفات.
إصلاح الاقتصاد دون تصفيات أو انتقام
بحسب تصريحات الحكومة السورية، فإن اللجنة المُشكّلة لإعادة هيكلة الاقتصاد تعمل على تفكيك تشابكات النفوذ التي نشأت خلال العقود السابقة، ولكن دون اللجوء إلى تصفية رجال الأعمال أو تفكيك مؤسساتهم، مشيرين إلى أن الهدف هو إعادة توجيه الثروات التي جُمعت بشكل غير قانوني إلى الصالح العام.
وأشاروا إلى أن عدداً من تلك الشركات ارتكب مخالفات تتعلق بالحصول على عقود حكومية بطريقة غير مشروعة، كما أن بعض كياناتها كانت على صلة بجهات خارجية متورطة في جرائم حرب، من بينها "حزب الله" ومجموعات إيرانية وروسية.
توضيحات رسمية ومطالبة بالتحقق
أكدت الحكومة السورية أن اللجنة التي يدور حولها التقرير تأسست بمرسوم رسمي معروف، وأن جميع أعضائها مكشوفون للرأي العام، مطالبين وسائل الإعلام بتحري الدقة عند تناول ملفات حساسة تتعلق بالمرحلة الانتقالية وإعادة الإعمار، ومؤكدين في الوقت ذاته أن أي خطوات قادمة ستُبنى على الشفافية والمساءلة ضمن إطار قانوني واضح.
خلفية تقرير رويترز
كانت وكالة "رويترز" قد نشرت تحقيقاً كشفت فيه عن تحركات تقودها لجنة وصفتها بـ"السرية"، قالت إنها صادرت أصولاً تُقدّر قيمتها بـ1.6 مليار دولار من رجال أعمال بارزين عبر صفقات تسوية غير معلنة. وذكر التحقيق أن تلك التحركات تهدف إلى إصلاح الاقتصاد السوري دون إشعال اضطرابات أو تصفيات داخلية، مشيراً إلى دور مفترض لكل من حازم الشرع و"أبو مريم" في قيادة هذه الخطط.