
دمشق تختتم مؤتمرها الدولي الأول لطب الأسنان بتكريم شهداء ومعتقلي الثورة
اختتمت في دار الأوبرا بالعاصمة دمشق أعمال "مؤتمر دمشق الدولي الأول لطب الأسنان" باحتفالية حملت عنوان “أطباء الحرية أحياء في قلوبنا”، كرّمت من خلالها الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية بالتعاون مع وزارات التعليم العالي والصحة والثقافة ونقابة أطباء الأسنان بدمشق، شهداء ومعتقلي الثورة السورية من أطباء الأسنان الذين قدّموا حياتهم دفاعاً عن القيم الإنسانية والمهنية.
تكريم رموز الطب والحرية
أكد معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية لشؤون مجلس الوزراء علي كده أن هذه الفعالية تجسّد معاني الوفاء والعرفان لأطباء أدوا رسالتهم النبيلة في أصعب الظروف، مشيراً إلى أنهم كانوا نموذجاً للشجاعة والتفاني والإخلاص في خدمة وطنهم.
وقال كده إن “الأمانة العامة تثمن عالياً هذه المبادرات التي تكرّس ثقافة الوفاء والعلم، وتؤكد دعمها لكل ما يعزز مكانة الكوادر الطبية والعلمية في سوريا الجديدة”.
العلم في خدمة الوطن
من جانبه، أوضح وزير التعليم العالي والبحث العلمي مروان الحلبي أن المكرمين من “أطباء الحرية” ضمّدوا جراح الوطن بالكرامة والإيمان، ودفعوا حياتهم ثمناً لمواقفهم النبيلة، مشيراً إلى أن المؤتمر شكّل حدثاً طبياً بارزاً من حيث المشاركة الواسعة للأطباء السوريين والعرب والأجانب، وورشات العمل التي رفعت مستوى الخبرة العملية لأطباء الأسنان السوريين.
أما وزير الصحة مصعب العلي، فشدّد على أن هذا التكريم يحمل رمزية وطنية كبيرة، تتجاوز إحياء الذكرى إلى تجديد الالتزام ببناء وطنٍ آمنٍ وحُرٍ ومزدهرٍ كما حلم به الشهداء، مؤكداً أن “الأوطان تُبنى بالعلم والعمل لا بالشعارات”، وأن هذه الفعالية تعبّر عن التزام المجتمع العلمي بتخليد ذكرى من ضحّوا في سبيل الوطن.
ذاكرة العطاء والوفاء
من جهته، وصف محافظ دمشق ماهر إدلبي التكريم بأنه “رسالة وفاء من العاصمة إلى كل من قدّم روحه دفاعاً عن الإنسان والوطن”، مؤكداً أن العطاء الإنساني يبقى خالداً في الذاكرة الوطنية مهما طال الزمن.
بدوره، أشار نقيب أطباء الأسنان في دمشق الدكتور محمد حمزة إلى أن الاحتفالية جاءت تخليداً لذكرى الشهداء والمعتقلين الذين قدموا حياتهم وأعمارهم خدمة للوطن، مضيفاً أن “رسالتهم ستبقى حيّة في وجدان السوريين”.
وفي كلمة لعميد كليات طب الأسنان في لندن، الدكتور ماهر المصري، أكد أن المؤتمر يجسد تبادلاً معرفياً وإنسانياً يعيد الكرامة للشعب السوري، معتبراً أن الشهداء والمعتقلين هم منارات تُضيء طريق المستقبل.
شهادات حيّة ومعانٍ مؤثرة
استعرض محمود عاشور، مسؤول العلاقات العامة في رابطة سجناء سوريا، تجربته في السجن التي امتدت لأربعةٍ وعشرين عاماً، حيث عمل طبيب أسنان داخل المعتقلات، معبّراً عن امتنانه العميق لهذا التكريم الذي وصفه بأنه “جبر خاطر معنوي كبير” بعد عقود من الظلم والقهر في سجون النظام البائد.
كما تحدثت والدة الشهيد محمد فراس عن ابنها الذي رفض البقاء في الخارج رغم تفوقه في دراسته ببريطانيا، واختار العودة إلى وطنه لخدمته حتى استشهد، مؤكدة أنها تعتبر نفسها أماً لمئات الشهداء والمعتقلين الذين قدّموا أرواحهم من أجل حرية سوريا وكرامتها.
فيما روى المعتقل السابق أحمد عناية تفاصيل اعتقاله في أحد الأفرع الأمنية لأكثر من عامين، قبل الإفراج عنه عام 2020، موضحاً أنه واصل دراسته حتى نال شهادة طب الأسنان، معتبراً أن هذا التكريم يعيد الاعتبار لكل من عانى الظلم وتمسك بالعلم والأمل.
حضور وطني ودولي واسع
حضر الحفل عدد من الوزراء والسفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية، إلى جانب شخصيات أكاديمية وطبية بارزة، وكان المؤتمر، الذي انطلقت أعماله الخميس الماضي، قد شهد مشاركة واسعة من الأطباء السوريين في الداخل والمغتربين، إلى جانب أطباء من دول عربية وأجنبية، ورافقه معرض طبي تخصصي وورشات علمية متقدمة، في حدث وصفه المشاركون بأنه “جسر علمي وإنساني يربط الذاكرة الوطنية بالمستقبل”.