دفن 31 جثة مجهولة الهوية عُثر عليها ضمن مقبرة جماعية بريف درعا
كشفت مصادر إعلامية عن قيام جهات صحية، يوم الخميس 2 كانون الثاني، بدفن 31 جثة مجهولة الهوية، تم العثور عليها سابقاً في مزرعة "الكويتي" قرب مدينة إزرع في ريف درعا الأوسط،
وذكرت أن الدفن في مقبرة الشهداء على طريق الشيخ "مسكين- إزرع" بريف محافظة درعا جنوب سوريا، باشراف إدارة الأمن العام بالتعاون مع مشفى مدينة إزرع عقب أيام من اكتشاف مقبرة جماعية.
وفي 16 كانون الأول الماضي اكتشف مواطنون مقبرة جماعية في مزرعة “الكويتي” على أطراف مدينة إزرع في ريف درعا الأوسط، التي كانت سابقًا تحت سيطرة ميليشيا تابعة لفرع الأمن العسكري.
ووفقًا للمعلومات، تم استخراج ما لا يقل عن 25 جثة، يُعتقد أن بعضها مدفونة منذ أكثر من 10 سنوات، بينما تتواصل الجهود لاستخراج المزيد من الجثث وسط صعوبات كبيرة في التعرف على هوية الضحايا.
أعاد هذا الاكتشاف تسليط الضوء على ملف المقابر الجماعية في سوريا، التي توثّق فظائع وانتهاكات جسيمة ارتكبت على مدار السنوات الماضية. ووفقًا لتقارير سابقة، تم توثيق العديد من المواقع المشابهة في مختلف أنحاء البلاد.
وكشفت صحيفة “القدس العربي” في تقرير نُشر عام 2021 عن وجود عدة مقابر جماعية في محيط ريف دمشق، يُعتقد أنها تضم رفات معتقلين قتلوا تحت التعذيب أو تم إعدامهم. التقرير أشار إلى أن هذه المقابر قد تحتوي على مئات الجثث التي دُفنت بشكل سري بعد تعرضها لانتهاكات مروعة.
في تقرير نشره موقع “العربي الجديد” عام 2019، تم الحديث عن اكتشاف أكثر من 12 مقبرة جماعية في محافظة الرقة تضم رفات ضحايا تنظيم “داعش”. وأوضح التقرير أن ما يقارب 4274 شخصًا لا يزالون في عداد المفقودين، ويُعتقد أن العديد منهم مدفونون في هذه المواقع.
وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، تم توثيق وجود 10 مواقع لمقابر جماعية في محافظة درعا وحدها حتى عام 2020. وتعود هذه المقابر إلى فترات متباينة من الصراع، وتشير إلى انتهاكات ارتكبتها قوات النظام السوري ضد المدنيين والمقاتلين المعارضين.
وذكرت تقارير حقوقية عام 2017 العثور على مقابر جماعية في مدينة تدمر، ضمت رفات عشرات المدنيين الذين أعدمهم تنظيم “داعش” أثناء سيطرته على المنطقة، وتُحمّل منظمات حقوقية، مثل الشبكة السورية لحقوق الإنسان، نظام الأسد المسؤولية عن غالبية الانتهاكات التي أدت إلى مقتل آلاف المدنيين ودفنهم في مقابر جماعية.
وإعادة فتح ملف المقابر الجماعية في سوريا ليس فقط أمرًا إنسانيًا يتعلق بتحديد هوية الضحايا، ولكنه أيضًا خطوة ضرورية لتحقيق العدالة لعائلاتهم ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، كما تُبرز هذه الاكتشافات حجم المعاناة التي عانى منها الشعب السوري خلال عقود من الاستبداد والانتهاكات.
هذا وأكد ناشطون أن اكتشاف مقبرة جديدة في درعا يضيف إلى السجل الأسود للانتهاكات التي نفذها نظام الأسد، بينما يُعتبر سقوطه نقطة تحوّل في البلاد، بينما تظل هذه الجرائم شاهدًا على الفظائع التي عاشها السوريون، وتؤكد الحاجة إلى تحقيق العدالة والمحاسبة في المستقبل القريب.
وسبق أن قال قال "ويليام ويلي" المدير التنفيذي للجنة العدالة والمساءلة الدولية، إن العبث بالأدلة في السجون السورية سيجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لمهمة المساءلة الشاملة، إذا فقدت الجهات المختصة أجزاء رئيسية من الأدلة.
وأضاف ويلي لصحيفة "فاينانشال تايمز"، أن "محققي لجنة العدالة والمساءلة الدولية كانوا ينقلون الوثائق بهدوء إلى مواقع آمنة داخل سوريا، وسيبدأون قريباً المهمة الضخمة المتمثلة في رقمنة الملفات".
ونقلت الصحيفة عن قائد عسكري كبير في "هيئة تحرير الشام"، قوله إن "معلوماتهم الاستخباراتية أظهرت وجود أوامر من الموالين للأسد بحرق المرافق"، ولفتت السلطات السورية الجديدة إلى أنها تفتقر إلى القوة البشرية حالياً لتأمين المواقع بشكل كاف، بينما تعتني بسيل من الأولويات الأخرى في البلاد التي مزقتها الحرب.
يأتي ذلك في وقت يبذل محققو جرائم الحرب والمجتمع المدني السوري وجماعات حقوق الإنسان، "جهوداً حثيثة" للحفاظ على أدلة جرائم نظام الأسد، بعد العبث بالمواقع الرئيسية في أعقاب سقوط النظام، محذرين من أن "الأمر سيستغرق شهوراً أو سنوات لبدء اختبار الحمض النووي للجثث من المقابر الجماعية".
وسبق أن قدمت قرابة 44 منظمة وهيئة من منظمات وهيئات المجتمع المدني السورية غير الحكومية، "ورقة قانونية" إلى الحكومة والقيادة العسكرية الحالية في سوريا، لتخطي انتقال مقيد زمنياً ومتوافق عليه، يؤسس لحكم ديمقراطي ويضمن الانتقال إلى السلم وإلى الدولة السورية المنشودة، عقب نجاح الشعب السوري بإسقاط نظام الأسد بعد ما يزيد عن خمسة عقود من العنف والقمع منها عقد ونيف هو الأكثر دمويةً في تاريخ البلاد.
ولفتت إلى أن ما يتطلبه ذلك من واقع ثقافي واجتماعي واحترام لروح القانون واتساعٍ لرقعة التسامح، بالتوازي مع الاتفاق على مشروعٍ للعدالة الانتقالية التأسيسية اللازمة للانتقال لحالة السلم الاجتماعي، والاستقرار السياسي والقضاء على مولدات العنف ومحفزات انتشاره، مبينة أنه على الرغم من أن تهيئة البيئة الداعمة لإنجاز التسوية تتطلب التزام جميع السوريين/ات بمختلف انتمائاتهم ومواقعهم، إلا أن العبء الأكبر يقع على من قادوا التغيير والحكومة المسؤولة عن تسيير شؤون البلاد حالياً.
وطالبت المنظمات أولاً بـ "حماية الأدلة والمواقع الحساسة لضمان العدالة والمحاسبة"، مؤكدة على ضرورة (الإغلاق الفوري للمقرات الأمنية ومراكز الاحتجاز في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الحكومة السابقة أو أحد أطراف النزاع، للمحافظة على السجلات والوثائق والأدلة الجنائية الموجودة فيها. وحمايتها من العبث تمهيداً لجمعها وتصنيفها على يد مختصين لاستخدامها في الكشف عن مصير المفقودين ومسارات المحاسبة والعدالة مستقبلاً).
وأكدت أهمية "الحفاظ على الأدلة وإيلاء اهتمام خاص لحماية الأدلة المتعلقة بالمعتقلين والمفقودين والمقابر الجماعية ومواقع التعذيب وتوثيق هويات الضحايا. بالتعاون مع جمعيات الضحايا ومنظمات المجتمع المدني العاملة على التوثيق وحفظ مثل هذه السجلات".
كذلك "حماية المواقع التي تتضمن مقابر جماعية أو رفات بشرية من العبث أو التدمير، ووقف أي مبادرات من أي طرف لنبش المقابر أو البحث عن الجثث دون إشراف مختص. يجب التأكيد على اعتماد الطب الشرعي كوسيلة وحيدة لتحديد هويات الجثامين، بما يضمن الحفاظ على الأدلة ومنع عرقلة جهود التحقيق. كما ينبغي أن يتم استخراج الجثث وتحديد هويتها وفقًا للمعايير الدولية المعتمدة، باستخدام بروتوكولات علمية موحدة، ونظام موحد للترقيم والتوثيق يضمن تحديد هوية أصحاب الرفات بدقة وشفافية".
علاوة عن تسهيل عمل فرق التحقيق الدولية لجمع الشهادات والمعلومات المتعلقة بالمقابر الجماعية المُحتملة، وتحديد مواقعها، والحفاظ عليها وعلى محتوياتها كدليل سليم صالح للاستعمال في المحاكمات ولجان تقصي الحقائق وإجراءات التعويض وجبر الضرر والشهادات التاريخية وغير ذلك من الآليات التي قد يتفق عليها السوريون مستقبلاً.
وطالبت بحفظ نسخ إلكترونية عن القوائم والسجلات الخاصة بمراكز الاحتجاز الرسمية والسرية وسجلات المشافي العسكرية تمهيداً لإنشاء قاعدة بيانات للمعتقلين على المستوى الوطني مستقبلاً.
ثانياً:"تشكيل هيئة قضائية مؤقتة"، من خلال تكليف لجنة من حقوقيين وحقوقيّات وقضاة وقاضيات سابقين مشهود بنزاهتهم وعدم تورطهم في انتهاكات حقوق الإنسان للعمل على تشكيل هيئة قضائية مؤقتة.
وتتحدد مهام الحكومة القضائية المؤقتة بـ "ضبط حالات الإفراج العشوائي عن المعتقلين التي تمت في الأيام الماضية والاستعانة بدوائر التنفيذ في المحاكم السورية لإنشاء سجلات تشمل المعتقلين الجنائيين الذين تم الإفراج عنهم لتتم معالجة أوضاعهم لاحقاً".
أيضاً "تشكيل لجنة وطنية مؤقتة لتوثيق المفقودين، تضم ممثلين عن المنظمات الحقوقية السورية وروابط الضحايا وأسر المفقودين، بهدف جمع البيانات الموثقة لدى المنظمات السورية ضمن قاعدة بيانات وطنية مركزية وتحديثها باستمرار بما يضمن شمولية ودقة البيانات".
كذلك "فرض الإقامة الجبرية أو التحفظ على المسؤولين السابقين في الحكومة وحزب البعث العربي الاشتراكي، ورؤساء الاتحادات والنقابات وكل من تشير الوقائع بحيازته معلومات أو أدلة تساهم في الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا أو الكشف عن الفساد الحكومي والمالي".
إضافة لـ "فرض الإجراءات اللازمة للتحضير لمحاسبة المسؤولين العسكريين أو المدنيين الذين وردت أدلة مقنعة تؤكد ضلوعهم في الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان في سوريا، والتي تتضمن على سبيل المثال لا الحصر التوقيف أو المنع من مغادرة البلاد".
ثالثاً: تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والمحلية
أكدت المنظمات على ضرورة "التعاون الكامل مع الآليات الدولية المتخصصة، بما في ذلك الآلية الدولية المحايدة والمستقلة (IIIM)، واللجنة الدولية المستقلة للتحقيق بشأن سوريا (COI)، والمؤسسة الدولية المعنية بالأشخاص المفقودين في سوريا (IIMP)، وتسهيل انتقال مكاتبها الى دمشق في حال اتخاذها هذا القرار".
ودعت إلى "تسهيل وصول هيئات الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الإنسانية وفرق الإغاثة إلى المحتاجين دون عوائق، وتسريع منح تصاريح الدخول للتخفيف من حدة الوضع الإنساني المتردي في جميع أنحاء البلاد".
كذلك "التعاون مع منظمات المجتمع المدني السورية والاستفادة من الخبرات التي راكمتها خلال سنوات النزاع، وإعفائها من متطلبات الترخيص الإداري أو أي موافقات او اشتراطات على انتقال مكاتبها إلى الداخل السوري ومباشرة عملها بحرية".
رابعاً: دعم المعتقلين المفرج عنهم وأسر المفقودين
وشددت المنظمات على ضرورة "تقديم الدعم الصحي والنفسي الفوري للمعتقلين المفرج عنهم مؤخراً ولأسرهم، بما في ذلك توفير الرعاية الطبية لمعالجة الاحتياجات الصحية الجسدية والنفسية، وتقديم المشورة المتخصصة لمساعدتهم على التعامل مع الصدمات وإعادة الاندماج في المجتمع".
وطالبت باستحداث مراكز مؤقتة لمتابعة شؤون الناجين والناجيات في مختلف المحافظات، وتسجيل أسمائهم وتحديد أعدادهم لتسهيل حصر وتحديد بيانات المفقودين والمغيبين.
خامساً: الوصول إلى المعلومات وتنظيم الوثائق
أكدت على ضرورة "دعوة المواطنين الذين حازوا على وثائق من المراكز الأمنية والدوائر الرسمية بعد سقوط النظام لتسليمها للجهات الرسمية، وإنشاء خط ساخن يضمن الحفاظ على هوية المتصل للإبلاغ عن حيازته لتلك الوثائق أو السجلات، وتيسير عملية تسليمها أصولاً لمراكز استلام في جميع المحافظات".
وإقرار حق الوصول إلى المعلومات، وتسهيل اطلاع المواطنين على كافة الوثائق والبيانات والتنظيمات والأوامر الإدارية الصادرة عن الحكومة والمعدة أصلاً للاطلاع العام من خلال منصة حصرية تختص بالتعاميم والقرارات الحكومية وتحد من فوضى التصريحات والشائعات.