
دعوات للتوضيح.. مساعدات ورواتب للعسكريين المتقاعدين بالسويداء تولد تساؤلات كثيرة
تشهد محافظة السويداء خلال الأيام القليلة الماضية توزيع رواتب ومساعدات غذائية لفئات محددة، تشمل العسكريين المتقاعدين، عناصر الشرطة، وورثة المتقاعدين، إضافة إلى ما أطلق عليه بـ"ذوي الشهداء"، ما طرح تساؤلات جدية حول هذه التوجهات الحكومية في المحافظة.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فقد تم توزيع رواتب مستحقة لثلاثة أشهر، وتشمل الفترة من عام 2011 حتى عام 2024، ضمن قاعة مجلس المحافظة في مبنى محافظة السويداء، مع الإشارة إلى أن عملية الصرف ستستمر حتى يوم الخميس، كاستكمال للدفعات التي بدأت في منطقتي صلخد وشهبا وتوقفت لاحقاً.
إلى جانب الرواتب التي شملت شرائح بشكل مثيل للجدل سيما ترجيح وجود قتلة ومجرمين بين صفوف المتقاعدين وكذلك شريحة ما يسمى بـ"ذوي الشهداء"، جرى توزيع 280 سلة غذائية على أهالي قرية "الصورة الكبيرة"، وذلك بتوجيه من محافظ السويداء الدكتور "مصطفى البكور".
وجاء ذلك وفق التوصيف الرسمي في خطوة وُصفت بأنها تأتي ضمن خطة دعم أهالي المحافظة حسب الحاجة، مع وعود بتوسيع نطاق التوزيع ليشمل مناطق أخرى.
رغم أهمية هذه الخطوات في التخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية على بعض الشرائح، فإنها أثارت تساؤلات جدية في أوساط المجتمع المحلي، لا سيما بشأن طبيعة المعايير المعتمدة في اختيار الفئات المستفيدة والمناطق التي تحصل على الدعم.
ويتخوف البعض من أن تكون هذه الخطوات ذات طابع انتقائي أو توظيف سياسي واجتماعي، يكرّس التفاوت بين أبناء المجتمع السوري.
وذلك خاصة مع وجود مناطق كانت من أبرز حواضن الثورة السورية، وما زالت تدفع أثماناً باهظة، في وقت تعاني فيه شريحة كبيرة من السوريين – لا سيما المهجرين والنازحين – من أوضاع معيشية متردية دون أي دعم مماثل.
وفي ظل الظروف الحالية، يرى مراقبون أن معالجة هذه المسائل تتطلب قدراً كبيراً من الشفافية والعدالة، لتجنّب أي شعور بالإقصاء أو التهميش، وضمان تعزيز السلم الأهلي في محافظة تعد من أكثر المحافظات حساسية في البنية المجتمعية والسياسية السورية.
ويؤكد عدد من النشطاء في السويداء على ضرورة أن تكون أي مبادرات إغاثية أو مالية متاحة لجميع المواطنين دون تمييز، وأن تخضع لمعايير واضحة، بما يسهم في ترسيخ الثقة بين المواطن والدولة، وقطع الطريق على أي محاولات تهدف لتفتيت النسيج الوطني.
ولعل أكثر ما يثير القلق هو احتمال تعميق الإحساس بالتمييز بين المناطق داخل السويداء أو بين أبناء الجنوب السوري عمومًا فانتقاء قرى أو شرائح محددة، كأهالي "الصورة الكبيرة"، لتقديم المساعدات، دون توضيح معايير الاختيار، قد يُفسر على أنه استبعاد متعمد لحواضن الثورة، أو تجاهل لمناطق ما تزال تعاني من الإقصاء الاقتصادي والخدمي.
ويذكر أن هذه الممارسات "حسب مراقبون"– سواء كانت مقصودة أو لا – تهدد بإعادة إنتاج التوترات الاجتماعية، وتغذية مشاعر الظلم، خصوصًا لدى من يعتقد أن التضحيات التي قدمها لم تُقابل سوى بالتجاهل والتهميش.