حلم العودة إلى الوطن يُجهضه ارتفاع التكاليف.. من يستغل حنين السوريين؟”
حلم العودة إلى الوطن يُجهضه ارتفاع التكاليف.. من يستغل حنين السوريين؟”
● أخبار سورية ١٨ مايو ٢٠٢٥

حلم العودة إلى الوطن يُجهضه ارتفاع التكاليف.. من يستغل حنين السوريين؟

يشهد السوريون الراغبون في العودة إلى وطنهم استنزافاً مادياً غير مبرر من قبل شركات الطيران، التي تفرض أسعاراً باهظة للتذاكر مقارنة بالوجهات الأخرى. هذا الواقع يثير تساؤلات جدية حول غياب الضوابط وبدائل النقل الجوي الوطني، ويضع شريحة واسعة من السوريين، خصوصاً في فترات الأعياد والمناسبات، أمام تحديات مالية كبيرة تعيق عودتهم إلى البلاد.

المقارنة بين أسعار الرحلات توضح حجم الفجوة. على سبيل المثال، الرحلة من إسطنبول إلى دمشق في 20 أيار تصل تكلفتها إلى 1100 دولار، في حين أن الرحلة من إسطنبول إلى نيويورك – الأطول زمنياً بمراحل – لا تتجاوز 580 دولاراً. أما من الدوحة إلى دمشق، فتصل التكلفة إلى 550 دولاراً مقابل 490 دولاراً فقط للرحلة من الدوحة إلى لندن، رغم أن الأخيرة تستغرق أكثر من ضعف الوقت. كذلك الرحلة من عمّان إلى حلب تُكلف 785 دولاراً، مقابل 268 دولاراً فقط لرحلة من عمّان إلى لندن.

شاهد من الواقع:
في مايو من هذا العام، حاول أحد السوريين المقيمين في إسطنبول حجز تذكرة سفر إلى دمشق لقضاء عطلة عيد الأضحى مع عائلته، ليفاجأ بأن تكلفة التذكرة على الخطوط التركية بلغت 1100 دولار أمريكي لرحلة لا تتجاوز ساعتين. وللمقارنة، وجد أن تذكرة السفر من اسطنبول إلى نيويورك، وهي رحلة تستغرق أكثر من 11 ساعة، لم تتجاوز 580 دولاراً في اليوم نفسه.
هذا المثال يبرز التناقض الكبير في التسعير، ويؤكد أن ارتفاع الأسعار لا علاقة له بتكاليف التشغيل أو المسافة، بل يعكس استغلالاً مباشراً للطلب المرتفع على السفر إلى سوريا، في ظل محدودية البدائل المتاحة.

ذوو الدخل المحدود: ضحايا غير مرئيين

هذا الواقع لا يؤثر فقط على من يسافر بشكل متكرر، بل يضرب بشكل مباشر أصحاب الدخل المحدود، الذين ينتظرون سنوات طويلة حتى تتاح لهم فرصة زيارة بلدهم. كثير منهم يعملون في وظائف متواضعة ويقتصدون لأشهر، وربما لسنوات، كي يجمعوا ما يكفي لتذكرة سفر، فما بالك إذا كانت التكلفة تتجاوز ألف دولار؟

يقول أحد المغتربين:

"لي أكثر من 10 سنوات لم أزر سوريا. لدي عائلة وأقارب وأصدقاء هناك، ومن الطبيعي أن أزورهم ومعي بعض الهدايا، ولو بسيطة. هناك أيضاً مصاريف الإقامة والتنقل داخل البلد. فكيف يمكنني تحمل كل ذلك، وفوقه تذكرة سفر بهذا السعر؟ هذا يمنعنا حرفياً من رؤية أهلنا."

هذه الفجوة بين الواقع الاقتصادي للمغتربين وبين الأسعار المفروضة تجعل السفر إلى الوطن حلماً مؤجلاً بالنسبة لكثيرين، في وقت هم في أمسّ الحاجة إلى التلاقي العائلي بعد سنوات من الغربة والانقطاع.

وفق تقديرات تقريبية، فإن شركات الطيران تجني شهريًا أكثر من 20 مليون دولار من جيوب السوريين، في ظل غياب أي رقابة أو تدخل فعّال.

وطالب سوريون بوضع حلول لهذه المشكلة، واقترحوا فرض رقابة حكومية على أسعار التذاكر من وإلى سوريا، وتفعيل الناقل الوطني "السورية للطيران" وتحديث أسطوله عبر استئجار طائرات حديثة في مرحلة أولى، وفتح المجال لرأس المال الخاص للمشاركة في تطوير النقل الجوي الوطني. وإرغام شركات الطيران الأجنبية على وضع سقف سعري للتذاكر، خاصة في فترات الذروة.

مع اقتراب عيد الأضحى وموسم الصيف، حيث يزداد تدفق السوريين إلى بلادهم، تبرز الحاجة الملحة لتدخل حكومي واضح يضع حداً لهذا الاستغلال، ويعزز من سيادة الدولة على واحد من أكثر القطاعات ارتباطاً بحياة المواطنين في الخارج.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ