
حقوقي يرد على بيان يطالب بتقرير مصير العلويين: خطاب ينضح بالطائفية ويهدد الوحدة الوطنية
أعرب المحامي السوري "عارف الشعال" عن استنكاره الشديد لما ورد في بيان مصور ألقاه المحامي عيسى إبراهيم، حفيد الشيخ صالح العلي، عبر صفحته في "فيسبوك"، والذي زعم أنه صادر عن ممثلين للطائفة العلوية في سوريا، ووجه خلاله دعوة إلى المجتمع الدولي لإجراء استفتاء بإشراف دولي لتقرير المصير للعلويين في مناطقهم، وصولاً إلى إقامة كيان "عصري" قائم على "العلمانية والديمقراطية والمواطنة".
وفي تعليق مفصل على البيان، قال الشعال إن إطلاقه من قبل رجل قانون ومعارض للنظام السابق، ويتمتع برمزية تاريخية، يفرض ضرورة التوقف عنده وتفنيد ما جاء فيه من مغالطات ومخاطر على السلم الأهلي.
"بيان جبان ومجهولو التوقيع"
واعتبر الشعال أن البيان "جبان"، إذ جاء من دون توقيع صريح من أية جهة واضحة، بل جرى الاكتفاء بإلقائه من قبل شخص واحد دون إعلان أسماء من يقفون خلفه، وهو ما اعتبره دليلاً على إدراك أصحابه لخطورة ما اقترفوه.
"طرح انفصالي يتجاهل الواقع الديمغرافي"
وانتقد الشعال ما ورد في البيان بشأن مزاعم تمركز الغالبية العلوية في مناطق الساحل وحمص والريف الغربي، متسائلًا: "في حال تم فرض استفتاء وأُسست دولة في هذه المناطق، ماذا سيكون مصير العلويين المقيمين في دمشق في مناطق كالمزة 86 وعش الورور؟ هل سيُعاملون كأجانب داخل بلدهم؟".
"تزييف واضح للموقف من الهوية الدينية للعلويين"
وردّ الشعال على ما ورد في البيان من اتهام للإعلان الدستوري بإقصاء العلويين من دائرة المواطنة، مؤكداً أن هذا الادعاء "تزوير صريح"، لأن الإعلان الدستوري لا يتضمن ما يشير إلى أي إقصاء، بل يؤكد على احترام القوانين السورية، ومنها قانون الأحوال الشخصية الذي يعترف بالعلويين كفرقة من المسلمين تسري عليهم أحكامه الشرعية.
وأضاف أن البيان تجنّب عمداً وصف العلويين كمسلمين، مكتفياً بتعريفهم كـ"جماعة ثقافية إثنية"، وهو توصيف لا يعكس الواقع الديني ولا الموقف الرسمي للمراجع العلوية نفسها.
"تبرئة صادمة لنظام دموي"
وفي معرض حديثه، شدد المحامي الشعال على أن وصف البيان لنظام الأسد البائد بأنه "سلطة لا دينية يتشارك فيها الجميع" هو "تزوير خطير للتاريخ"، معتبراً أن النظام السابق كان استبدادياً، دموياً، طائفياً بامتياز، وأن الموقعين على البيان إما متواطئون مع جرائمه أو من بقاياه الذين يسعون لتبرئته من الفظائع التي ارتكبها، بما في ذلك المجازر والاعتقالات والإخفاء القسري، وفق تعبيره.
"مطالبة عنصرية بمحاكمات حصرية"
ووصف الشعال طلب البيان إنشاء لجنة تحقيق ومحكمة جنائية دولية خاصة بجرائم الإبادة الجماعية ضد العلويين فقط، بأنه "طلب فج ينضح بالنرجسية والإقصاء"، متسائلًا: "أين التحقيقات في المجازر التي ارتُكبت بحق بقية مكونات الشعب السوري؟".
"بيان يهدد السلم الأهلي ويزرع الفتنة"
وختم الشعال تعليقه بوصف البيان بأنه "خطير، يحمل أبعاداً طائفية واضحة، ويهدد وحدة البلاد، ويخالف القانون السوري الذي يجرم النيل من الوحدة الوطنية وإثارة النعرات الطائفية". داعياً المجتمع السوري إلى الحذر من هذه الخطابات التي تهدف لإعادة إنتاج الفتنة وتمزيق النسيج الاجتماعي في لحظة تاريخية حرجة تسعى فيها البلاد إلى تجاوز إرث الماضي وبناء دولة المواطنة الجامعة.
دعوات سابقة لعودة الاحتلال بزعم حماية الطائفة
وسبق أن أثار المدعو "صالح حسن منصور"، الذي ظهر بمقاطع مرئية تحريضية من الساحل السوري، جدلاً واسعاً في فيديو نشر في 15 كانون الثاني/ يناير، قدم فيه نفسه على أنه شيخ ممثل الطائفة العلوية، وطالب بعودة الاحتلال الفرنسي في الساحل السوري، وقال "منصور"، "إذا استمر قتل أبنائنا لأنهم علويون سأتقدم بوثيقة للأمم المتحدة تضم توقيع الملايين من أبناء الطائفة العلوية لنطلب الحماية فيها من الحكومة الفرنسية"
وأشار إلى استعداده للتواصل مع أي جهة خارج سوريا لدعم هذه الخطوة، ريثما يتم تشكيل الدولة ادّعى أنه ممثل الطائفة العلوية مدعومًا بإجماع من العلويين في تركيا وجبل محسن في لبنان وظهر خلال إلقائه كلمة أمام حشد في تشييع أحد الأشخاص بقرية "قرفيص" بريف جبلة.
وانتشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بغطاء توثيق الانتهاكات تارة وطلب حماية الأقليات تارة أخرى، هذا وتشير معلومات ومعطيات عديدة بأنّ هناك جهات من فلول نظام الأسد تحاول استغلال بعض الأحداث في سوريا، ودوافع هذا الخطاب والهدف منه هو في الدرجة الأولى "الافلات من المحاسبة" بمطالب العفو الشامل، وكذلك مطالب غير منطقية تدعو إلى "محاسبة الطرفين" وفق مطلب مثير جداً، وكل محاولات إثارة الفوضى لم تجعلهم خارج دائرة المسائلة.