
"جميل الصالح" يستذكر اللحظات الأخيرة في حياة منشد الثورة "عبد الباسط الساروت"
لا ينسى الشعب السوري الشهداء الذين قدموا الدماء والتضحيات على درب الثورة الطويل، وخاصة الشخصيات البارزة التي قدمت تضحيات جسيمة في سبيل دعم الثورة، وكان عبد الباسط الساروت واحدًا من هؤلاء، إذ لا يزال الناس يذكرونه كأحد أبطال ورموز الثورة السورية، الذي خلد اسمه في مراتب الشهداء الأخيار الذين قدموا دمائهم في سبيل حرية الشعب السوري.
في برنامج بودكاست "دفين" الذي يقدمه محمد طاهر، الذي يعرض على "تلفزيون سوريا"، تحدث العميد جميل الصالح قائد "جيش العزة" سابقاً، والذي كان ينتمي "الساروت" كقيادي في الفصيل في آخر أيامه، تحدث عن اللحظات الأخيرة في حياة منشد الثورة الراحل عبد الباسط الساروت، مؤكدًا أنها كانت لحظات مفعمة بالشهامة والرجولة.
وتناول الصالح تفاصيل الساعات الأخيرة للساروت، حيث قال:"كنا نعمل على حاجز تل ملح، وطلبت منه ألا يشارك في هذه المعركة، وأن يبقى معي في غرفة القيادة. كانت هذه الحواجز يحاول النظام السابق بكل الوسائل منع سقوطها. ورغم ذلك، أصرّ الساروت على المشاركة إلى جانب المقاتلين لرفع معنوياتهم".
اللحظات الأخيرة في حياة الساروت
وأضاف: "كان وجود الساروت بالفعل يدعم المعنويات، كان ينشد وهو يمشي، وينشد وهو يقاتل، ولم يتوقف عن بث الروح الحماسية في من حوله. وأكد لي أن المعركة مصيرية، وفضّل أن يبقى. وبعد جدال، دخل المعركة وكان يقودها. وبالفعل، تم تحرير الحاجز. وعند حلول المغرب، طلب العودة لترتيب الرباط، وإدخال الطعام للمقاتلين، وإعطائهم دفعة معنوية، لكن أثناء ذلك، أصابته قذيفة".
وأشار "الصالح" إلى أن الساروت كان في طريقه لإسعاف اثنين من المقاتلين أُصيبا بقذيفة، فبقي إلى جانبهم، ثم تعرض هو لقذيفة أخرى. نُقل إلى خان شيخون ثم إلى إدلب، وبعدها إلى الدانا، حيث تبيّن أن حالته تتطلب نقله إلى تركيا، وهناك استشهد في أحد مستشفياتها.
ردود الأفعال
تفاعل المتابعون مع الفيديو، وأعربوا عن محبتهم العميقة للساروت. وكتب أحدهم: "رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه الفردوس الأعلى، وتقبله الله في الشهداء. كان محباً لوطنه. أنا مصري، لكني كنت أحبه في الله، رحمه الله وجميع شهداء سوريا".
وكتب آخر:"الله يتقبله ويجعل مأواه الجنة. بطل الثورة وحارسها، ضحّى بنفسه لنحيا بحرية. رحل وترك خلفه تاريخًا نفاخر به. سيبقى في قلوبنا، ولن ننسى صوته وأناشيده التي ستظل معنا، وسيبقى شوكة في حلق كل من كرهه وظلمه، والله سيحاسبهم".
وأضاف ثالث:"عاش بطلًا ومات بطلًا. الله يرحمه، وسيظل شوكة في حلق الفلول والمفبركين. في جنات الخلد يا ساروت".
منشد الثورة عبد الباسط الساروت
عبد الباسط الساروت، اسمٌ تجاوز حدود الوطن السوري، وعُرف في شتى أنحاء العالم. صدح صوته في المظاهرات السلمية منذ بدايات الثورة، ولا تزال أهازيجه وأناشيده وعباراته تتردد في الساحات والمحافل الثورية. خلّدها بصوته وإحساسه الثوري، لتبقى شاهداً على نضاله في وجه النظام وحلفائه.
"ثورة الياسمين" خسرت آلاف الرموز الثورية على طريق الحرية الطويل. كان القادة الكبار والنشطاء الأحرار روادًا في درب الشهداء، ثاروا وناضلوا في وجه الظلم والاستبداد الذي مارسه الأسد ونظامه الإجرامي. وستظل أسماء هؤلاء الرموز منارةً لجيل الثورة الصاعد، يستمد منها عزيمته وإصراره على الثبات والصمود، مستلهمًا سير الأبطال والشهداء الأبرار.
يبقى عبد الباسط الساروت رمزاً حيّاً في ذاكرة السوريين، لا يمحوه الغياب ولا تنساه الأجيال. لم يكن مجرد منشد للثورة، بل كان روحها النابضة وصوتها الصادق، قاتل حتى الرمق الأخير مؤمناً بعدالة قضيته. وفي ذكراه، يتجدد العهد بأن تستمر الثورة حتى تحقيق أهدافها، وأن تظل تضحيات الأحرار منارات تُنير درب الساعين نحو الحرية والكرامة.