
جدل واسع بعد ظهور قاضٍ من محكمة الإرهاب.. والأحرار يطالبون بالعزل والمحاسبة
أثارت صورة تداولها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر فيها وزير العدل السوري الدكتور مظهر الويس وهو يصافح القاضي عمار بلال، موجة استياء واسعة في الأوساط الحقوقية والثورية، وسط دعوات عاجلة إلى تطهير الجسم القضائي من الشخصيات المرتبطة بحقبة النظام البائد.
ويُعرف القاضي بلال بصفته أحد أبرز قضاة "محكمة الإرهاب" التابعة للنظام السوري السابق، والذي ارتبط اسمه بإصدار أحكام جائرة طالت آلاف المعتقلين من نشطاء الثورة السورية. كما حمل حسابه الإلكتروني المعروف باسم "الفينيق الأحمر" منشورات تمجّد نظام الأسد وتتبنّى خطاباً طائفياً وتحريضياً علنياً.
بيان حقوقي: لا عدالة بوجود الجلادين
وبحسب ما نشرته منصة "زمان الوصل"، فقد أصدر عدد من المحامين والقضاة المنشقين ونشطاء الثورة بياناً مفتوحاً موجّهاً إلى وزير العدل، دعوا فيه إلى اتخاذ إجراءات فورية لعزل كل من تورط في انتهاكات جسيمة بحق المدنيين السوريين خلال السنوات الماضية.
وحذر الموقعون من أن استمرار هؤلاء القضاة في مواقعهم يمثّل "صفعة للعدالة، وإهانة لذكرى الضحايا"، مطالبين بإحالة القضاة المتورطين إلى المحاكمة وفق مبادئ العدالة الانتقالية، بدلاً من مكافأتهم بمناصب رسمية.
دعوات لدعم الكفاءات الوطنية المنحازة للثورة
وأكد البيان أن السلك القضائي يضم العشرات من القضاة المنشقين والمحامين الشرفاء الذين يمتلكون من النزاهة والكفاءة ما يؤهلهم لقيادة المرحلة الجديدة، مشددين على أن إعادة بناء دولة القانون لا يمكن أن تتم على أيدي من ساهموا في قمع السوريين، بل على أساس المحاسبة والتطهير المؤسساتي.
اتهامات تطال موظفة رفيعة في الوزارة
وفي سياق متصل، تصاعدت الدعوات لمحاسبة "دالين بسّام فهد"، التي تم تعيينها مؤخراً في موقع إداري رفيع، بعد أن تداول ناشطون وثائق تتهمها بالتورط في التعاون مع جهاز المخابرات الجوية التابع للنظام السابق، خاصة في ما يتعلق بملف إخفاء هوية أطفال معتقلين وتسليمهم إلى دور رعاية دون علم ذويهم.
وطالب الناشطون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات بفتح تحقيق عاجل حول القضية، مشددين على ضرورة استبعاد أي شخصية يثبت تورطها بانتهاكات أو مشاركة في عمليات التعتيم على الجرائم الإنسانية.
العدالة لا تُبنى على المصافحات
واختتم البيان الحقوقي بالتشديد على أن "العدالة الانتقالية لا تُقام على مصافحات شكلية، بل على محاسبة صادقة تطال من ارتكب الجرائم أو ساندها"، مؤكدين أن الشعب السوري لن يقبل بنسيان من تسببوا بسنوات القمع، وأن أي عملية إصلاح حقيقية يجب أن تبدأ من داخل مؤسسات القضاء.
نقابة محامي حلب توقف الترافع أمام قاضٍ متهم بارتكاب جرائم جسيمة وتدعو لمساءلته قانونيًا
أصدر مجلس فرع نقابة المحامين في حلب، قرارًا يقضي بوقف الترافع أمام القاضي "حسين فرحو" في جميع القضايا المعروضة عليه، وتجميد أي نشاط قانوني أو محاماة أمامه من قِبل المحامين المنتسبين للفرع، وذلك على خلفية اتهامه بالضلوع في ارتكاب "جرائم جسيمة" بحق الشعب السوري خلال فترة توليه مهامه القضائية.
وأوضح المجلس أن القرار جاء حفاظًا على مهنة المحاماة ومبادئ العدالة، واستنادًا إلى معلومات وشهادات موثقة تشير إلى ارتكاب القاضي المذكور مخالفات خطيرة تنتهك القيم القانونية والإنسانية، مؤكدًا أنه إجراء احترازي لحين اتخاذ التدابير القانونية بحقه من الجهات المختصة.
وشدد القرار على ضرورة التزام جميع المحامين في فرع النقابة بحلب بتنفيذه، محذرًا من أي مخالفة قد تعرض مرتكبها للمساءلة المسلكية أمام مجلس التأديب، وذلك بموجب أحكام قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 30 لعام 2010 والنظام الداخلي للنقابة.
وأكد مجلس النقابة على التزامه الكامل بمتابعة قضايا الشعب السوري، والعمل على ضمان حق المواطنين في محاكمات عادلة، داعيًا إلى حماية حقوق الإنسان وتعزيز استقلالية القضاء.
ردود فعل واعتبار القرار سابقة قانونية
وفي تعليقه على القرار، اعتبر المحامي السوري عارف الشعال أنه يشكل "سابقة قانونية وتاريخية" تُحسب لنقابة المحامين في حلب، لما لها من أثر مباشر على تعطيل القاضي عن عمله، إذ إن المحامين ملزمون قانونيًا بعدم الترافع أمامه تحت طائلة المسؤولية المسلكية.
ورأى الشعال أن القرار سيُحرج مجلس القضاء الأعلى، الذي وصفه بالتباطؤ في محاسبة القضاة المتورطين بانتهاكات، مشيرًا إلى أن تحركات بعض القضاة، مثل عمار بلال، تحاول إعادة تدوير أنفسهم رغم سجلهم السلبي، وهو ما يستوجب المساءلة العاجلة.
وأضاف أن القرار يمثل محطة مفصلية تعيد لنقابة المحامين دورها الوطني كرافعة للعمل النقابي، بعد أن أفرغها نظام حزب البعث من مضمونها منذ عام 1980، وجعلها أداة أمنية بيد المنتفعين.
ونوّه الشعال بأهمية الجهود القانونية في المحافظات الأخرى، مشيدًا بالعمل الحقوقي الذي تنهض به نقابة المحامين في درعا من خلال لجنة رصد انتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى نشاط لجنة العدالة الانتقالية في نقابة حمص، معتبراً أنها خطوات هامة لاستعادة دور النقابات في الدفاع عن الحريات العامة والحقوق المدنية.
ناشط إعلامي يكشف عن استمرار قاضٍ من عهد الأسد في عمله رغم إصدار أحكام قمعية بحق المتظاهرين
وكان أثار ظهور القاضي حسين فرحو، الذي ارتبط اسمه بإصدار أحكام قاسية بحق ناشطي الثورة السورية، موجة جدل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، بعدما وثّق الناشط الإعلامي لؤي أبو الجود، من أمام القصر العدلي في حلب، مشهد لقائه المفاجئ بالقاضي الذي حكم عليه بالسجن 22 عاماً في العام 2012 بسبب مشاركته في التظاهرات السلمية ضد نظام بشار الأسد.
وقال أبو الجود في مقطع فيديو صوّره من أمام مبنى المحكمة: "كنت بصدد إنجاز معاملة قانونية في القصر العدلي بحلب، حين تفاجأت بوجود القاضي حسين فرحو، لا يزال على رأس عمله"، مضيفاً: "هذا القاضي هو من أصدر بحقي حكماً بالسجن لمدة 22 سنة بتاريخ 5 آذار 2012، بعد أن تم اعتقالي خلال مشاركتي في إحدى المظاهرات".
وأشار الإعلامي إلى أن عائلته اضطرت حينها لدفع مبالغ مالية لإطلاق سراحه بكفالة، مستعرضاً جانباً من الانتهاكات التي ارتكبها القاضي ذاته بحق معتقلين آخرين، بعضهم – كما قال – لا يُعرف مصيرهم حتى اليوم، متسائلاً بمرارة: "هل لا يزالون على قيد الحياة؟".
ووجّه أبو الجود نداء إلى الحكومة السورية الجديدة ووزارة العدل، قائلاً: "ما الذي يفعله الشبيحة في مؤسسات الدولة حتى الآن؟"، داعياً إلى فتح ملفات أولئك القضاة الذين تورطوا في قمع الحراك الثوري وتلفيق التهم ضد المواطنين، مطالباً بمحاسبتهم ضمن مسار العدالة الانتقالية.
تفاعل واسع ودعوات لمحاسبة الجناة
انتشر الفيديو بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وأثار استياء واسعاً في أوساط السوريين الذين رأوا في استمرار وجود شخصيات كهذه في مناصب حساسة "إهانة لذاكرة الضحايا"، وانتهاكاً واضحاً لوعود الحكومة الجديدة بتحقيق العدالة.
ودعا العديد من المتابعين الناشط أبو الجود إلى تقديم شكوى رسمية بحق القاضي فرحو، مؤكدين أن "العدالة لا تُطلب على فيسبوك"، بل من خلال القنوات القانونية. وكتب أحدهم: "قدم شكوى واطلب محاسبة من تسبب في اعتقالك... وإذا لم يستجب أحد، حينها تحدّث للعامة"، فيما أضاف آخر: "لا تصمت، وأبلغ الجهات المختصة، فربما هناك آخرون مثلك بحاجة إلى صوتك".
أمل بمحاسبة رموز القمع
وعبّر ناشطون عن تطلعهم إلى مرحلة جدية من المحاسبة الشاملة لكل من ارتكب انتهاكات بحق السوريين خلال عهد النظام المخلوع، سواء من الأجهزة الأمنية أو القضائية، مؤكدين أن التغاضي عن هذه الأسماء سيُفقد الدولة الجديدة مصداقيتها في أعين من دفعوا أثماناً باهظة في سبيل الحرية والكرامة.
وأكدت تعليقات أخرى أن "الكثير من رموز القمع ما زالوا طلقاء، يمارسون وظائفهم، بل ويُمنح بعضهم مناصب جديدة"، وهو ما وصفه ناشطون بأنه "تهديد حقيقي لمسار العدالة الانتقالية"، داعين إلى تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق ومتابعة ملفات القضاة المتورطين بجرائم ضد الإنسانية.