المحاميد في المسجد العمري بعد مبادرة لرأب الصدع
المحاميد في المسجد العمري بعد مبادرة لرأب الصدع
● أخبار سورية ٢١ فبراير ٢٠٢٥

توتر في ساحة المسجد العمري بدرعا البلد إثر طرد خالد المحاميد

شهدت ساحة المسجد العمري في درعا البلد توترًا أمنيًا قبيل صلاة الجمعة، بعد مشادة حادة تطورت إلى إطلاق نار من قبل مسلحين مرافقين لرجل الأعمال خالد المحاميد، عقب طرده ومنعه من دخول المسجد من قبل شبان محليين.

عاد المحاميد إلى درعا بعد فترة غياب خارج البلاد، على الرغم من مشاركته في عملية تسليم درعا 2018 إذ لم يعد إلى سوريا إلا بعد سقوط نظام الأسد، إلا أن عودته أثارت موجة غضب بين الحاضرين، وأدى إلى حالة من الفوضى في محيط المسجد.

أظهر شريط مصور لحظة تصاعد التوترات، حيث اندلع إطلاق نار في ساحة المسجد العمري، تلاه اشتباك بالأيدي داخل الحرم أثناء تواجد مئات المصلين. وتعرّض المحاميد للضرب، وسط انقسام في الشارع بين مؤيدين ومعارضين لما جرى.

المحاميد، الذي يعتبر شخصية مثيرة للجدل في الجنوب السوري، يُعرف بدوره كعرّاب مصالحة عام 2018 بين النظام السوري وفصائل المعارضة برعاية روسية، والتي انتهت بسيطرة قوات النظام وروسيا على الجنوب السوري، وهو ما تسبب في نقمة شعبية ضده، خاصة في درعا.

وفي وقت لاحق، وبعد توتر كبير خاصة بين عشائر درعا البلد جراء تعرض المحاميد للضرب، قاد وجهاء من عشائر درعا مبادرة لرأب الصدع وتهدئة الأوضاع، حيث دخل خالد المحاميد مجددًا إلى المسجد العمري برفقة شخصيات اجتماعية، وأُقيمت صلاة العصر جماعة، في خطوة رمزية لإنهاء التوتر.

وكان نشطاء أظهروا تخوفهم من تطور هذه الحادثة لوقوع اشتباكات عشائرية في المدينة، وطالبوا الأمن العام بالتدخل فورا لمنع أي موجهات، إلا أن وجهاء العشائر أكدوا على أهمية نبذ الفتنة وتجنب الصراعات الداخلية، خاصة بعد سنوات الحرب الطويلة التي أنهكت الجنوب السوري.

خالد المحاميد.. شخصية مثيرة للجدل

يُعد خالد المحاميد من الشخصيات التي لعبت دورًا بارزًا في مشهد التسويات جنوب سوريا. وهو رجل أعمال ويملك العديد من الشركات وساهم في إعادة بناء الجامع العمري الذي تعرض للتدمير جراء قصف النظام السوري، كما ساهم أيضا في عدد من المشاريع الخيرية في محافظة درعا

وبرز اسمه كأحد أعضاء “مجموعة القاهرة” المعارضة، قبل أن ينضم للهيئة العليا للمفاوضات كممثل للجنوب السوري.

غير أن تصريحاته الإعلامية المثيرة للجدل تسببت في توتر علاقاته مع المعارضة السورية. ففي عام 2017، أقالته الهيئة العليا للمفاوضات بعد تصريحاته لقناة “الحدث”، التي أعلن فيها أن الحرب بين المعارضة والنظام “وضعت أوزارها”، في إشارة ضمنية لدعوته لإنهاء الصراع، ما أثار استياء واسعا في صفوف المعارضة حينها، خاصة أن المجازر بحق المدنيين حينها لم تتوقف بيد روسيا وايران ونظام الأسد.

كما أثار المحاميد جدلاً واسعاً بتصريحاته عام 2018، عن مجزرة الكيماوي في دوما عندما شكك في استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي، حين قال "يبقى استعمال الكيماوي في سوريا لغزاً وبحاجة إلى لجنة تحقيق سواء في الغوطة أو أماكن أخرى"، في اشارة لتشكيكه باستخدام النظام للكيماوي في الغوطة، رغم توثيق المنظمات الدولية استخدامه لأكثر من 200 مرة في البلاد. واعتُبرت تصريحاته آنذاك محاولة لتبرئة النظام من أحد أعنف هجماته الكيميائية.

إضافة إلى ذلك، أثارت علاقاته العائلية تكهنات حول دوره في التسويات، إذ أن شقيقته متزوجة من أحمد العودة، قائد “فرقة شباب السنة” سابقًا، الذي أصبح لاحقًا اللواء الثامن المدعوم روسياً، وكان من أوائل الفصائل التي قبلت بالتسوية مع روسيا عام 2018، وهو ما يشر لعلاقته المباشرة في سقوط درعا وتسليمها للنظام وروسيا.

حادثة اليوم.. تثير تساؤلات :: هل يمكن التسامح؟

الحادثة في المسجد العمري كشفت عن عمق الانقسام داخل محافظة درعا خاصة وبشكل عام بجميع سوريا، حيث تعكس الحادثة صعوبة التعامل مع الشخصيات التي أثارت الجدل طويلا منذ اندلاع الثورة السورية، مثل مشايخ النظام خاصة أحمد حسون وغيره، والشخصيات السياسية التي شاركت في الدفاع عن النظام ونافحت عنه في كل المنصات والمؤتمرات.

ما طرحه الرئيس السوري أحمد الشرع سابقا على ضرورة المصالحة والتسامح مع من لم تتطلخ يداه بدماء السوريين، يبدو أنه تنفيذه بات صعبا جدا، وحادثة اليوم تظهر صعوبة ذلك، ما يجعل مهمة الشرع والحكومة الحالية وربما مهمة الحكومات اللاحقة صعبة جدا، إذ أن الشعب السوري لن يقبل تواجد الذين تسببوا بمأساته طيلة 14 عاما في السلطة أو حتى في سوريا.

وكان الرئيس السوري قال سابقا، أن إعادة بناء الدولة السورية يجب أن تكون الأولوية المطلقة، معتبرًا أن "عقلية الثأر لا تبني الدولة"، داعيًا إلى تغليب التسامح لبناء دولة قوية ومتماسكة.

و شدد الشرع على أنه "لا تسامح مع مرتكبي الجرائم والمجازر بحق الشعب السوري"، لكنه دعا المطالبين بالحقوق الشخصية إلى إدراك أهمية التركيز على إعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة كخطوة أولى لتحقيق العدالة المستدامة.

 

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ