
تقرير شام الاقتصادي | 12 أيار 2025
شهدت الأسواق المالية السورية خلال تعاملات الاثنين 12 أيار 2025، تراجعاً نسبياً في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار في السوق الموازية، فيما حافظت على استقرارها في النشرة الرسمية الصادرة عن مصرف سوريا المركزي.
وبلغ سعر الدولار في السوق السوداء بدمشق وحلب وإدلب نحو 11,650 ليرة للبيع، فيما تجاوز في محافظة الحسكة 11,850 ليرة، وهو ما يعكس فجوة متزايدة بين السعر الرسمي والسوق الموازية التي تفرض إيقاعها على حركة السوق الفعلية.
أما في الحسكة، فقد تخطى سعر الدولار حاجز 11,850 ليرة للبيع، بزيادة تقارب 200 ليرة عن دمشق، ما يشير إلى تفاوت في توافر القطع الأجنبي بين المناطق الشرقية والمركزية.
ومع هذه الأسعار، فإن 100 دولار أميركي تعادل اليوم في السوق الموازية نحو 1,155,000 ليرة سورية، مما يفاقم أعباء المواطنين، خاصة مع ازدياد الاحتياجات وارتفاع الطلب على الخدمات والمعيشة.
أما السعر الرسمي المحدد من قبل مصرف سوريا المركزي، فقد بقي عند مستوى 12,000 ليرة للشراء و12,120 ليرة للبيع، بفارق يزيد عن 400 ليرة عن سعر السوق السوداء، ما يزيد الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي ويؤثر على حركة التحويلات الخارجية التي تُجبر على التعامل بالسعر الرسمي الأدنى.
لم يكن اليورو بمنأى عن هذه التقلبات، حيث سجّل في السوق السوداء 12,995 ليرة للشراء و13,112 ليرة للبيع، وسط حالة من التذبذب المرتبطة بسوق العملات العالمي من جهة، وتغيرات المشهد الاقتصادي الداخلي من جهة أخرى.
أما الليرة التركية، فقد بقيت ضمن هامش ضيق، وسجلت 296 ليرة للشراء و301 ليرة للبيع، ما يجعلها من العملات القليلة التي تشهد استقراراً نسبياً مقارنة بالعملات الأجنبية الأخرى المتداولة في سوريا.
بالمقابل شهدت أسعار الذهب في السوق السورية تراجعاً ملموساً اليوم، مدفوعة بانخفاض عالمي في سعر الأونصة، على خلفية تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وبلغ سعر غرام الذهب عيار 21 في دمشق نحو 1.03 مليون ليرة سورية للبيع و1.05 مليون ليرة للشراء، ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5% عن الأسبوع الماضي.
أما الذهب من عيار 24، فسجّل 1.18 مليون ليرة للشراء و1.19 مليون ليرة للبيع، في حين بلغ سعر عيار 22 حوالي 1.08 مليون ليرة للشراء و1.09 مليون ليرة للبيع.
وسجّل عيار 18 نحو 889 ألف ليرة للبيع و901 ألف ليرة للشراء، بينما جاء سعر غرام الذهب عيار 14 عند 753 ألف ليرة للشراء و763 ألف ليرة للبيع.
ورغم تراجع أسعار الذهب، لا تزال حركة البيع والشراء ضعيفة في الأسواق السورية، حيث يعتبر المعدن الأصفر وسيلة ادخار شبه جامدة حالياً، بسبب انكماش السيولة النقدية لدى المواطنين وعدم قدرتهم على الادخار وسط تسارع التضخم وتراجع الدخل الحقيقي.
في سياق متصل، حذّر الخبير الاقتصادي "شفيق عربش" من استمرار تراجع الحوالات الخارجية بنسبة 30%، مشيراً إلى أن هذه الأموال كانت تمثل طوق نجاة لشريحة واسعة من السوريين.
وأضاف أن الإنتاج المحلي أيضاً يعاني من تحديات تتعلق بالتمويل وانقطاع الكهرباء وارتفاع تكاليف التشغيل، ما يعني أن المعروض في السوق لن يكون كافياً لتلبية الطلب مستقبلاً، مما ينذر بموجات تضخمية إضافية.
من جهة أخرى، كشف "محمد العقاد"، نائب رئيس لجنة تجار ومصدري الخضر والفواكه في دمشق، عن تراجع ملحوظ في الصادرات السورية الزراعية، خاصة بعد توقف الشحنات إلى العراق. في المقابل، تواصل الأسواق السورية استيراد أصناف محددة من الفواكه من تركيا ولبنان، في ظل قرار حكومي بمنع استيراد البطاطا والبصل من مصر، ما خلق تحدياً إضافياً في التوازن بين العرض والطلب.
ورغم ذلك، توقع العقاد ألا ترتفع الأسعار في الوقت الحالي، مرجحاً أن يشهد السوق انخفاضاً نسبياً مع بداية الشهر المقبل نتيجة بدء إنتاج البطاطا والبصل محلياً في المنطقة الساحلية.
في موازاة هذه التحديات، تسعى دمشق لفتح نوافذ جديدة نحو الاقتصاد الأوروبي، كما ظهر في زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى باريس ولقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. هذه الزيارة، التي ترافقت مع إعادة افتتاح السفارة الألمانية في دمشق، تمثل خطوة سياسية-اقتصادية يمكن أن تفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات الغربية مستقبلاً.
وفي هذا الإطار، صرّح جوناثان باس، الرئيس التنفيذي لشركة "أرغنت" الأميركية للغاز الطبيعي، عن استعداد شركته لضخ استثمارات كبرى في سوريا قد تصل قيمتها إلى تريليون دولار، شريطة رفع العقوبات وتوفير مناخ استثماري ملائم.
وأوضح باس أن هناك توجهاً لنقل سلاسل التوريد من الصين إلى سوريا، ما قد يخلق فرصاً كبيرة في قطاعات الطيران، الملابس، والبنى التحتية.
وفي ظل كل هذه المتغيرات، يبقى الاقتصاد السوري يراوح مكانه في منطقة ضبابية، بين مؤشرات أمل ببوادر انفتاح خارجي، وضغوط داخلية تتصاعد يومًا بعد يوم مع استمرار تراجع القوة الشرائية وتفاقم الفجوة بين الدخل والأسعار.
وبينما تواصل السوق السوداء التحكم بسعر الصرف، تترقب الأوساط الاقتصادية أي بادرة فعلية قد تسهم في إحداث اختراق ملموس في المشهد المتجمد.
هذا وتشهد الأسواق السورية تقلبات لافتة مع بداية الأسبوع، حيث تراجعت الليرة السورية بشكل طفيف في السوق الموازية، وسط استقرار نسبي في السعر الرسمي وفق نشرة مصرف سوريا المركزي، في وقت تسود فيه حالة من الترقب والقلق في الأسواق المالية والمعيشية على حد