
تقرير: أكثر من 50% من الفلسطينيين في سوريا بلا عمل حقيقي: البطالة تخنق آمال اللاجئين
أفادت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" في تقريرها الأخير بأن أكثر من نصف الفلسطينيين في سوريا يعانون من البطالة، حيث لا يجد أكثر من 50% منهم فرص عمل حقيقية.
وأوضحت أن هذا الوضع يفاقم من معاناتهم ويهدد استقرار حياتهم في المخيمات الفلسطينية التي كانت في الماضي ملاذًا للاجئين بعد النكبة. وفيما كانت المخيمات قبل الثورة السورية في 2011 تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية محدودة، إلا أن الأوضاع قد تفاقمت بشكل ملحوظ مع تصاعد النزاع في البلاد.
وأوضحت المجموعة أنه منذ بداية الصراع في 2011، شهدت المخيمات الفلسطينية في سوريا تغييرات جذرية، حيث أصبحت البطالة والهجرة أبرز التحديات التي تهدد الاستقرار الاجتماعي وتعوق الأمل بمستقبل أفضل. يسلط هذا التقرير الضوء على تطور أزمة البطالة في المخيمات الفلسطينية، بدءًا من فترة ما قبل الثورة وحتى الوضع الحالي، مع التركيز على التأثيرات الاجتماعية والإنسانية لهذه الأزمة.
البطالة قبل الثورة السورية
قبل عام 2011، كانت المخيمات الفلسطينية في سوريا تعاني من معدلات بطالة متفاوتة بين المخيمات. في مخيم درعا، على سبيل المثال، كانت البطالة تقدر بحوالي 10%، وكان يعتمد معظم السكان على العمل اليومي في قطاع البناء والأعمال الحرة. ورغم هذه النسبة، كانت هناك فرص عمل نسبية بفضل مشاريع البناء والإعمار التي كانت قائمة آنذاك.
تداعيات الثورة السورية وارتفاع معدلات البطالة
مع اندلاع الثورة السورية، أصبحت المخيمات الفلسطينية في قلب الأزمة، حيث دُمرت البنية التحتية بشكل كبير، وفقد الكثيرون مصادر رزقهم. وفي مخيم اليرموك، على سبيل المثال، تحول الوضع الاقتصادي من حالة من النشاط التجاري إلى "سوق أشباح"، حيث أُغلقت المحلات والورشات وواجه سكان المخيم صعوبة في الحصول على فرص عمل.
أصبح خريجو الجامعات يعانون من فجوة كبيرة في المهارات، إذ أصبح الحصول على وظيفة أمرًا شبه مستحيل في غياب القطاعات المنتجة. كما أن المشاريع الصغيرة في المخيمات تشهد انهيارًا بسبب نقص التمويل وارتفاع تكاليف النقل والكهرباء، مع غياب الدعم الفعلي لاقتصاد الظل الذي ينمو بشكل غير رسمي.
المخيمات الفلسطينية: الوضع الراهن
-مخيم جرمانا: شهدت المخيمات في جرمانا ارتفاعًا ملحوظًا في البطالة بين الشباب، حيث باتت فرص العمل شبه معدومة بسبب التدهور الاقتصادي الناتج عن الأزمة السورية. حتى العاملون في بعض القطاعات لا يحصلون على أجور كافية لمواجهة ارتفاع الأسعار.
-مخيم النيرب: شهدت نسبة البطالة زيادة كبيرة منذ بداية الثورة، لتصل إلى ذروتها بعد عام 2014. غالبية الشباب الذين كانوا يعملون في حرف البناء وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل بسبب تدمير البنية التحتية.
-مخيم خان دنون: يعد من أكثر المخيمات الفلسطينية فقراً في سوريا، حيث تتجاوز نسبة البطالة 50%، وتدني الظروف المعيشية أدت إلى ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 90% بين السكان.
-مخيم درعا: ارتفعت نسبة البطالة بشكل كبير لتصل إلى نحو ربع السكان بعد الثورة، بعد توقف العديد من مشاريع البناء والإعمار، وهو القطاع الذي كان يستوعب غالبية العمالة اليومية في المخيم.
-مخيم خان الشيح: سجلت نسبة البطالة في المخيم نحو 30% قبل سقوط النظام السابق، وهو ما فاقم من معاناة سكان المخيم، حيث توقفت المصانع وأعمال البناء التي كانت مصدر دخل رئيسي للعديد من السكان.
-مخيم سبينة: يعاني سكان المخيم من تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، حيث اضطر العديد منهم للعمل بأجور منخفضة لا تكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية، بسبب غياب الاستثمارات الاقتصادية.
-مخيم العائدين بحمص: يواجه المخيم نسبة بطالة مرتفعة بعد توقف العمل في المدينة الصناعية بحسياء، التي كانت تستوعب جزءًا من العمالة في المخيم، مما ضاعف من معاناة السكان.
-مخيم العائدين بحماة: يعاني المخيم من البطالة المقنَّعة، حيث يعمل البعض في وظائف حكومية بأجور زهيدة لا تكفي لتغطية نفقاتهم، ما يزيد من معاناتهم المالية.
-مخيم العائدين في اللاذقية: يواجه المخيم أزمة بطالة شديدة، تفاقمت بسبب الوضع الأمني والصعوبات الاقتصادية الناتجة عن العقوبات الاقتصادية وهجرة رؤوس الأموال.
التأثيرات الاجتماعية والإنسانية للبطالة
تأثرت الحياة الاجتماعية في المخيمات الفلسطينية بشكل عميق نتيجة أزمة البطالة. حيث تدهورت الأوضاع المعيشية في المخيمات، وتحول الفقر إلى واقع يومي مرير، كما هو الحال في مخيم خان دنون حيث يعيش أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر.
كما أدى انتشار البطالة إلى تدهور الروابط الاجتماعية، حيث تراجعت مظاهر التكافل الاجتماعي وزاد التفاوت الطبقي. في مخيم النيرب، على سبيل المثال، أدت البطالة والهجرة إلى نقص في عدد الشباب، ما أثر سلبًا على تماسك المجتمع المحلي.
جهود الأونروا والجمعيات الأهلية
في محاولة للتخفيف من حدة هذه الأزمة، أطلقت وكالة الأونروا وبعض الجمعيات الأهلية برامج تدريب مهني ودعمت بعض المشاريع الصغيرة. ومع ذلك، ظل تأثير هذه الجهود محدودًا بسبب ضعف التمويل والاتساع الكبير لمشكلة البطالة.
الخلاصة والتطلعات المستقبلية
إن أزمة البطالة في المخيمات الفلسطينية هي قضية معقدة ومتفاقمة نتيجة النزاع المستمر في سوريا. رغم بعض المحاولات الفردية والجماعية للتغلب على هذه الأزمة، يبقى الدور الأكبر على الأونروا والمنظمات الإنسانية لتوفير الدعم المستدام، بما يشمل توفير فرص عمل حقيقية، وتحسين الوضع الاقتصادي للمخيمات، وتحقيق تطلعات اللاجئين الفلسطينيين لمستقبل أفضل.