تفشي ظاهرة الكلاب الضالة في سوريا.. خطر متفاقم يستدعي استجابة عاجلة
تفشي ظاهرة الكلاب الضالة في سوريا.. خطر متفاقم يستدعي استجابة عاجلة
● أخبار سورية ٣ يوليو ٢٠٢٥

تفشي ظاهرة الكلاب الضالة في سوريا.. خطر متفاقم يستدعي استجابة عاجلة

تزايدت في الآونة الأخيرة شكاوى الأهالي في مناطق مختلفة من سوريا بشأن تنامي ظاهرة الكلاب الشاردة، والتي باتت تُهدد سلامة المدنيين، لاسيما الأطفال، بعد تكرار حالات الهجوم والإصابات الناجمة عن عضّات كلاب مصابة بأمراض خطيرة، على رأسها داء الكلب. 


هذا الخطر الذي أخذ يترسّخ في وعي السكان كأحد التهديدات اليومية، يعكس حالة من الإهمال المزمن ويستوجب تدخلًا فوريًا من الجهات المعنية.

ورغم عدم توفر إحصائيات رسمية دقيقة توثق عدد الإصابات، فإن المصادر المحلية والطواقم الطبية في المستشفيات الحكومية تتحدث عن تسجيل إصابات شبه يومية نتيجة عضّات الكلاب، لا سيما في المناطق الريفية والأحياء المتضررة من الحرب. 


وقد تكررت في السنوات الأخيرة حوادث مؤلمة انتهت بوفاة أطفال نتيجة عدم حصولهم على العلاج في الوقت المناسب أو بسبب وصول الفيروس إلى الجهاز العصبي.

أحد أبرز الأمثلة على هذه المأساة كانت وفاة الطفل عبيدة عامر الكفري (7 سنوات) من مدينة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي، بعد تعرضه لعضة كلب ضال مصاب بداء الكلب. ورغم حصوله على الجرعات الأولية من اللقاح، إلا أن حالته الصحية تدهورت لاحقًا حتى فارق الحياة، إثر ظهور أعراض عصبية حادة.

تفشي الكلاب الشاردة في المدن والقرى السورية ليس ظاهرة جديدة، لكنها تفاقمت بشكل لافت منذ اندلاع الحرب، نتيجة لعدة عوامل من بينها انتشار القمامة في الشوارع، وانهيار أنظمة إدارة النفايات، ووجود مساحات واسعة من الأبنية المدمّرة والمهجورة التي باتت مأوى مثالياً لهذه الحيوانات. هذه الظروف خلقت بيئة خصبة لتكاثر الكلاب الضالة، حيث تتجول في أحياء كاملة، وغالبًا ما تهاجم المارة ليلًا، ما يثير الرعب في نفوس الأهالي.

كما ساهم غياب برامج التعقيم والتطعيم الرسمية، وانهيار البنى التحتية للقطاع البيطري والصحي، في تعقيد الظاهرة. الكلاب المصابة بالفيروسات لا تلقى أي مراقبة صحية، مما يزيد من احتمالية تحولها إلى مصدر قاتل. 


ويشير مختصون إلى أن عضة كلب مصاب بداء الكلب قد تفضي إلى وفاة الإنسان إذا لم يُعالج بسرعة، نظراً لأن الفيروس يصيب الجهاز العصبي المركزي ويتسبب بأعراض عصبية شديدة مثل التشنجات ورهاب الماء، وتنتهي غالبًا بالموت.

كما حذرت تقارير طبية من أن عضّات الكلاب لا تقتصر مخاطرها على الفيروسات، بل قد تؤدي إلى التهابات بكتيرية حادة وخراجات، وقد تتطور إلى تعفن دموي في حال عدم تلقي المصاب مضادات حيوية بشكل فوري. وأكدت هذه التقارير ضرورة التوجه الفوري إلى أقرب مركز صحي عقب أي عضة للحصول على اللقاح المناسب.

في المقابل، تسببت إجراءات محلية سابقة اتخذتها بعض البلديات في موجة من الغضب الشعبي، بعد أن لجأت تلك الجهات إلى قتل جماعي للكلاب والقطط الشاردة، ما اعتبره ناشطون أسلوبًا قاسيًا وغير إنساني. وقد نُظّمت وقفات احتجاجية في مدن مثل دمشق وطرطوس رفضًا لهذه السياسة، وطالب المحتجون باعتماد حلول بديلة أكثر فاعلية وإنسانية، من أبرزها توسيع حملات تعقيم الكلاب، وتنفيذ برامج تطعيم واسعة النطاق بالتعاون مع المنظمات المختصة.

ورغم أن المبادرات الأهلية حاولت التخفيف من الظاهرة عبر حملات توعية أو إنشاء ملاجئ مؤقتة، إلا أن غياب الدعم الحكومي وانعدام خطة وطنية متكاملة ما زالا يحولان دون تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

ويُشكل تفاقم هذه الظاهرة تحديًا صحياً وأمنياً حقيقياً، وينبغي على الحكومة السورية الانتقالية والبلديات المحلية والمنظمات البيطرية أن تتعامل معها كأولوية عاجلة. ويتطلب الأمر تدخلًا سريعًا لتأسيس برامج تطعيم وتعقيم منظمة، وتفعيل فرق الاستجابة الطارئة، وتكثيف التوعية المجتمعية حول كيفية التعامل مع الكلاب الشاردة وطرق الوقاية من أخطارها.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ