تغيير سيارات الأمن في سوريا: خطوة رمزية لمحو إرث الرعب وإعادة بناء الثقة
لطالما زرعت أجهزة الأمن والشرطة والمخابرات في عهد الأسد الرعب والخوف في قلوب المواطنين، حتى أن مجرد رؤية إحدى سياراتهم في الشارع أو في أي مكان كانت تكفي لإثارة القلق والارتباك، حتى لو لم يكن الشخص قد ارتكب أي مخالفة.
هذه السياسة القائمة على بث الخوف عمد النظام البائد إلى استخدامها لضمان سيطرته على السوريين وإجبارهم على الامتثال، بما يضمن الحفاظ على سلطته وسيطرته المطلقة.
وبعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر عام 2024، بدأت الجهود تُبذل من قبل الشعب السوري والحكومة الجديدة لمحو آثار ذلك النظام وطمس ملامحه، بهدف تمكين المواطنين من تجاوز المآسي التي عاشوها خلال سنوات حكمه. وشملت هذه الجهود تغيير أسماء المؤسسات التي كانت تحمل رموزه، وتحطيم تماثيله، وإزالة كل ما يذكر السوريين بإجرام بشار الأسد وعناصره
ومن بين هذه الخطوات، جاء العمل على إطلاق سيارات حديثه بهوية جديدة، وهو ما أشار إليه المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، عبر حسابه الرسمي في منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، حيث نشر فيديو يظهر بظهر مجموعة من السيارات، مرفقاً إياه بتعليق جاء فيه: "قريباً، هوية جديدة وعربات متطورة في وزارة الداخلية تجسد رؤيتنا لسوريا المستقبل".
تشير هذه الخطوة إلى العديد من الدلالات الرمزية المميزة، أبرزها العمل على طمس إرث الخوف والرعب، خاصة أن السيارات القديمة كانت رمزاً للتهديد والقمع طوال سنوات حكم الأسد، وكانت رؤيتها تزرع الخوف في قلوب المواطنين، ويعني تغييرها محاولة لمحو هذا الإرث النفسي والرمزي.
كما تهدف إلى إعادة بناء الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية، فالمظهر الجديد للسيارات يرسل رسالة مفادها أن الأجهزة الأمنية تحاول التحول من صورة القمع إلى مؤسسات حديثة تهدف لخدمة المجتمع وليس إرعابه.
وتحمل هذه الخطوة أيضاً رمزية التحول السياسي والاجتماعي بعد الثورة، كونها جزءاً من سلسلة إجراءات رمزية تهدف إلى محو آثار النظام المخلوع وتغيير الرموز التي كانت تربط المواطنين بالقمع والاستبداد، مثل تغيير أسماء المؤسسات ونزع التماثيل.
كما تمثل هذه السيارات رمزاً بصرياً لرؤية جديدة للمستقبل، فهي ليست مجرد مركبات، بل تجسد الهوية الجديدة للوزارة والدولة بعد التغيير، بما يسهم في إعادة ترتيب العلاقة بين السلطة والمجتمع.
ختاماً، تمثل تغيير سيارات الأمن ليس مجرد تعديل للمظهر، بل خطوة رمزية تمحو إرث الرعب وتعيد الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية، لتفتح صفحة جديدة من الأمان بعد سنوات من الخوف.