تعيين شقيق الرئيس أمينًا عامًا للرئاسة يثير جدلًا واسعًا في سوريا الجديدة
تعيين شقيق الرئيس أمينًا عامًا للرئاسة يثير جدلًا واسعًا في سوريا الجديدة
● أخبار سورية ٦ أبريل ٢٠٢٥

تعيين شقيق الرئيس أمينًا عامًا للرئاسة يثير جدلًا واسعًا في سوريا الجديدة

أثار تعيين الدكتور ماهر الشرع، شقيق الرئيس السوري أحمد الشرع، في منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، موجة واسعة من الانتقادات وردود الفعل المتباينة في الأوساط السياسية والإعلامية، وسط مخاوف من عودة منطق “المحاصصة العائلية” إلى مؤسسات الدولة الجديدة.

التعيين جاء بعد خروج عبد الرحمن سلامة من المنصب نفسه، وتكليفه بمهام أخرى لم تُعلن رسميًا بعد. وكان ماهر الشرع قد شغل في وقت سابق منصب وزير الصحة بالوكالة في الحكومة الانتقالية برئاسة محمد البشير منذ ديسمبر 2024 حتى مارس 2025، كما عمل مستشارًا صحيًا في مستشفيات الشمال السوري، ويحمل دكتوراه في العلوم الطبية إلى جانب دبلوم في إدارة النظم الصحية.

ما هي الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية؟

وفق مصادر مطّلعة وشخصيات مقربة من دوائر صنع القرار، فإن الأمانة العامة للرئاسة تُعد من أبرز المواقع الإدارية في الدولة. وتتمثل أبرز مهامها في:
 1. تنسيق أعمال الرئيس: تنظيم جدول الاجتماعات، الزيارات، والمراسلات.
 2. صياغة ومتابعة القرارات: إعداد مشاريع المراسيم والقوانين.
 3. التواصل مع مؤسسات الدولة: الربط بين الرئاسة والحكومة والبرلمان والأجهزة الأمنية والعسكرية.
 4. إعداد تقارير استراتيجية: تقديم معلومات للرئيس حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
 5. البروتوكولات الرئاسية: الإشراف على الترتيبات الرسمية للرئاسة.

هذه المهام تُبرز الطابع السيادي والحساس لهذا المنصب، ما جعله في صلب الجدل الدائر، خصوصًا من حيث موقعه في اتخاذ القرار وتنسيق العلاقة بين الرئاسة وباقي مؤسسات الدولة.


انتقادات لهذه الخطوة : السوريين ثاروا على حكم العائلة 

من بين أبرز الانتقادات، ما كتبه الناشط السوري أسامة أبو زيد، الذي حذر من أن تعيين شقيق الرئيس في موقع بهذا الحجم “قد يولّد تلقائيًا تصورات لدى الرأي العام عن المحسوبية وتضارب المصالح”، حتى مع توافر الكفاءة. وأضاف أن مثل هذا القرار يُربك ديناميات العمل المؤسسي، ويُضعف من استقلالية موقع القرار.

أبو زيد أشار إلى تجارب ديمقراطية عديدة مثل فرنسا وألمانيا وكندا، حيث تُفرض قواعد صارمة على تعيين الأقارب في المناصب السيادية، لضمان الشفافية واستقلال المؤسسات عن النفوذ الشخصي والعائلي. وختم بالقول إن “الثورة السورية لم تكن مجرد تمرد على شخص، بل على منطق الدولة العائلية”، وأن أي تراجع عن هذا المبدأ هو خرق لميثاق الثورة.

أما مذيع ومقدم برامج في التلفزيون العربي وائل التميمي، فاعتبر أن مجرد وجود صلة قرابة مباشرة بين الرئيس والأمين العام للرئاسة كافٍ للطعن في جدوى القرار، مشيرًا إلى أن “السوريين ثاروا على حكم العائلة التي حولت البلاد إلى مزرعة”، وأن مثل هذا التعيين لا يؤسس لجمهورية العدالة والمواطنة.


وجهة نظر مقابلة: منطق الثقة في زمن التهديدات

في المقابل، برزت أصوات أخرى دافعت عن التعيين، من بينها الكاتبة سهير الأومري، التي فرّقت بين طبيعة المنصب الوزاري، الذي يتطلب كفاءة إدارية ومهنية، وبين منصب الأمانة العامة، الذي اعتبرته “منصبًا خاصًا يتطلب الأمانة المطلقة والثقة الكاملة من الرئيس”.

الأومري أوضحت أن التعيين لا يمنح العائلة نفوذًا سياديًا أو اقتصاديًا، بل هو إجراء منطقي في ظل التهديدات التي تحيط بالرئيس الجديد، خاصة مع وجود محاولات اختراق من قوى فلولية وطائفية. واختتمت منشورها بإسقاط ديني: “حتى سيدنا موسى قال له ربه: سنشد عضدك بأخيك”.

بين الواقعية السياسية والمبادئ الثورية

الجدل الدائر يعكس انقسامًا واضحًا بين رؤيتين لسوريا الجديدة: الأولى واقعية تعتبر أن الثقة الشخصية ضرورة في مرحلة التأسيس، والثانية مبدئية ترى أن الثورة قامت على القطيعة مع منطق العائلة والولاء، وأن أي استثناء يمس بجوهر الشرعية الثورية.

في ظل هذا السجال، يبقى التساؤل قائمًا: هل يُمثل التعيين بداية نمط جديد في إدارة الحكم، أم أنه إجراء مرحلي فرضته ضرورات الأمن والثقة في شخص قريب من الرئيس؟ وبين هاتين الرؤيتين، يتابع الشارع السوري مسار التعيينات القادمة، بحثًا عن مؤشرات أوضح لمستقبل الدولة التي ما زالت تُكتب من جديد.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ