
تضارب الحسابات الفلكية والرؤية الشرعية يُلقي بظلاله على تحديد أول أيام عيد الفطر المبارك
تجدد الجدل في عدة دول عربية وإسلامية، اليوم السبت 29 مارس، حول موعد حلول عيد الفطر المبارك، مع تضارب واضح بين الحسابات الفلكية وإمكانية الرؤية الشرعية لهلال شهر شوال، ففي حين أكّد معهد البحوث الفلكية في مصر أن عيد الفطر سيوافق يوم غد الأحد، شكك آخرون بإمكانية رؤية الهلال مساء اليوم، سبق أن أعلنت تركيا التي تعتمد على الحسابات الفلكية أن يوم الأحد هو أول أيام العيد.
الحسابات الفلكية تحسم عيد الفطر
أكد المعهد القومي للبحوث الفلكية في مصر بشكل متكرر، أن الأحد 30 مارس 2025 هو أول أيام شهر شوال وعيد الفطر المبارك بحسب الحسابات الفلكية، إلا أن الأمر يبقى خاضعاً للرؤية الشرعية التي ستقوم بها دار الإفتاء المصرية مساء اليوم، باعتبارها الجهة الرسمية الوحيدة المخولة إعلان بداية الأشهر القمرية والمناسبات الدينية المرتبطة بها.
وأعلنت دار الإفتاء المصرية أنها ستقوم بالإعلان عن نتيجة الرؤية الشرعية لهلال شوال بعد صلاة المغرب اليوم السبت.
وأوضح معهد البحوث الفلكية في مصر أن هلال شهر شوال قد ولد بالفعل عند الساعة الواحدة ظهر اليوم السبت (29 رمضان 1446 هـ)، وسيبقى ظاهرًا في سماء القاهرة لمدة 11 دقيقة بعد غروب الشمس، في حين سيمكث في سماء مكة المكرمة لمدة 7 دقائق.
ولفت إلى أن الهلال الجديد سيبقى في سماء بقية محافظات مصر لمدة تتراوح بين 9 إلى 12 دقيقة، وفي العواصم والمدن العربية والإسلامية الأخرى من 3 إلى 19 دقيقة، وأضاف المعهد أنه استنادًا لهذه الحسابات، فإن الأحد 30 مارس هو بداية شهر شوال وأول أيام عيد الفطر.
المهندس السوري "أنس الرحمون" قال: "إذا أردنا الاعتماد على الحساب الفلكي _ غير المعتبر شرعاً في معظم الدول الإسلامية _ فغداً الأحد أول أيام العيد قطعياً، أما إذا أردنا الاعتماد على الرؤية الشرعية فغداً الأحد 30 رمضان قطعياً لاستحالة إمكانية الرؤية".
تشكيك فلكي وإصرار على تعذّر الرؤية
زاد من حدة الجدل تأكيد عدد من الفلكيين في العالم العربي، على استحالة رؤية الهلال مساء اليوم السبت 29 مارس، مشددين على أن الإثنين 31 مارس هو أول أيام عيد الفطر وفقاً لمبدأ الرؤية الشرعية وليس الأحد.
وفي هذا الإطار، قال الفلكي الكويتي بدر العميرة، إن رؤية الهلال اليوم مستحيلة بسبب تزامنها مع كسوف جزئي للشمس، والذي يعد دليلاً واضحاً على وجود القمر في منطقة الاقتران غير المرئية، وبالتالي سيكون عيد الفطر بحسب الرؤية الشرعية هو يوم الاثنين وليس الأحد، مؤكداً أن «الصوم والإفطار مرتبطان بالرؤية البصرية لا بالحساب الفلكي».
من جانبها، أكدت الدكتورة أفنان الملحم، أستاذ المناخ بجامعة الملك فيصل في السعودية، أن مجرد ولادة الهلال لا يعني إمكانية رؤيته شرعًا، مستشهدةً بالحديث النبوي الشريف: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»، ودعت المترائين إلى تقوى الله وعدم تقديم شهادات رؤية غير دقيقة.
مركز الفلك الدولي يؤكد استحالة الرؤية مساء السبت
شدد مركز الفلك الدولي بدوره على أن رؤية هلال شوال مساء السبت 29 مارس، مستحيلة من شرق العالم وغير ممكنة من بقية المناطق في العالم العربي والإسلامي حتى باستخدام جميع الوسائل الفلكية كالتلسكوب والتصوير الفلكي.
وبيّن المركز أن الهلال رغم وجوده في السماء بعد غروب الشمس لمدة 11 دقيقة في القاهرة، و8 دقائق في مكة المكرمة، و19 دقيقة في الرباط، فإن ذلك لا يكفي لرؤيته بالعين المجردة أو عبر الأجهزة الحديثة، خاصة أن عمر الهلال حينها سيكون أقل بكثير من العمر المطلوب لرؤية صحيحة وفق معايير «دانجون» العالمية للرصد.
وأوضح المركز أن أقل مدة مكوث للهلال أمكن خلالها رؤيته بالعين المجردة كانت 29 دقيقة، فيما كان أقل عمر لهلال تمّت رؤيته بالعين المجردة 15 ساعة و33 دقيقة، وهي معايير لا تتحقق مساء السبت.
جدل متوقع حول موعد إعلان العيد
نوّه المركز الدولي إلى أنه في ظل هذه الظروف، من المتوقع أن تُعلن بعض الدول الأحد عيدًا للفطر استنادًا لوجود الهلال فلكيًا رغم استحالة رؤيته، فيما ستعلن دول أخرى إكمال شهر رمضان ثلاثين يومًا وإعلان الاثنين عيدًا للفطر.
كما أوضح المركز أن حدوث كسوف جزئي للشمس ظهر اليوم السبت، والذي سيشاهد في أجزاء من غرب العالم العربي مثل موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس، هو دليل قطعي على استحالة رؤية الهلال مساء اليوم، لأن الكسوف الشمسي يُمثل لحظة اقتران الشمس والقمر بشكل مرئي، وبالتالي لا يمكن رؤية الهلال بعد ساعات قليلة من هذه الظاهرة.