تأثير الأجهزة الذكية ومنصات التواصل على الأطفال واليافعين في سوريا: تحديات ثقافية واجتماعية
تأثير الأجهزة الذكية ومنصات التواصل على الأطفال واليافعين في سوريا: تحديات ثقافية واجتماعية
● أخبار سورية ٢٩ يوليو ٢٠٢٥

تأثير الأجهزة الذكية ومنصات التواصل على الأطفال واليافعين في سوريا: تحديات ثقافية واجتماعية

مع الانفتاح الرقمي في سوريا وتزايد اقتناء الأجهزة الذكية بتطبيقاتها المتنوعة، أصبحت هذه الأجهزة جزءاً لا يتجزأ من حياة اليافعين والأطفال. ورغم فوائدها العديدة، فإنها أثرت سلباً على حياتهم التعليمية والاجتماعية في ظل غياب الرقابة الأسرية، خاصة مع الانجذاب لمتابعة محتوى فارغ على منصات مثل تيك توك وغيرها.

وجه ناشطون نداءً إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بعد انتشار مقطع مصور في حلب يُظهر ثلاث طفلات في مكان عام. إحداهن كانت تدخن وتصور فيديو، متعمدة نفث الدخان أمام الكاميرا، بينما كانت أخرى تضع أحمر الشفاه، والثالثة تؤدي حركات متزامنة مع إيقاع أغنية.

مشهد لا يُليق بالطفولة
اعتبر الناشطون أن هذا المشهد لا يتناسب مع طفولة الفتيات، مؤكدين حاجتهن إلى التوعية والتأهيل ورقابة الأهل لتجنب تقليد العادات السلبية المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي. وأشاروا إلى أن بعض المشاهير، الذين يعرضون يومياتهم على هذه المنصات، أصبحوا قدوة لهؤلاء الفتيات.

تغيّر القدوات
بدلاً من أن يكون قدوتهم الطالب المتفوق الذي ينجح دراسياً، يساعد أهله، ويحظى بتقدير الآخرين لتصرفاته الإيجابية، أصبحوا مفتونين بمؤثرات يروجن لمساحيق التجميل والملابس الفاخرة من ماركات متنوعة، ويمضون أوقاتهم في زيارة المطاعم والمنتجعات والمنتزهات في مشهد بعيد عن الواقع في سوريا وما شهدته من ظروف قاسية خلال الحرب.

تعزيز المحتوى الفارغ
يُشير مراقبون إلى أن تكرار سلوكيات بعض الأشخاص على منصات مثل تيك توك، كالتحديات الغريبة، الرقص في الشوارع، ومقالب مصطنعة تهدف فقط لجذب المشاهدات دون تقديم فائدة، قد رسّخ لدى الأطفال واليافعين فكرة أن هذه الأفعال عادية ومقبولة.  في المقابل، لا تتناسب بعض هذه السلوكيات مع عادات وتقاليد المجتمعات، التي يُفترض بالأهالي والأبناء الالتزام بها، مما قد يعرض الأبناء وأسرهم لانتقادات لاذعة ومحرجة في حال مخالفتها. كما تعبر بعض الأمهات عن أمنيتهن بأن يبتعد أبنائهن وبناتهن عن تيك توك، ويقضوا أوقاتهم في الواجبات المنزلية والعائلية والاجتماعية الملائمة لأعمارهم.

تراجع المستوى الدراسي 
عبّرت أمهات التقيناهن عن قلقهن من تراجع مستوى أبنائهن الدراسي بعد السماح لهم بحمل الهواتف الذكية واستخدامها دون قيود. فقد أصبحوا منشغلين بتطبيقات الفيديوهات المصحوبة بالأغاني ومتابعة المقاطع المتنوعة، بل وامتد الأمر إلى السهر لساعات طويلة وعدم تناول الطعام بانتظام، وصار تواصلهم من الأسرة والآخرين قليل مقارنة بالسابق.

ضرورة مراقبة الأهالي
للحد من الآثار السلبية للاستخدام المفرط للأجهزة الذكية وتأثير تطبيقاتها غير المرغوب، يؤكد الأخصائيون على دور الأهالي الأساسي في مراقبة أطفالهم واليافعين، من خلال وضع حدود زمنية لاستخدام الهواتف وتشجيعهم على أنشطة تعليمية واجتماعية تُعزز مهاراتهم. كما يشددون على أهمية التحكم بنوعية المحتوى الذي يتابعه الأطفال، لتجنب ما قد يؤثر سلباً على سلوكياتهم وتفاعلاتهم مع الآخرين.

دور التوعية
ينبغي تنظيم حملات توعوية للأهالي، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لتثقيفهم حول مخاطر المحتوى غير المناسب وسبل التعامل معه. كذلك، يمكن للمدارس إطلاق مبادرات تربوية، مثل ورش عمل وبرامج تُروج لقدوات إيجابية وتُنمي مهارات الطلاب الحياتية، لتحقيق التوازن بين استخدام التكنولوجيا والتفاعل مع الحياة الواقعية.

 يعكس الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك، تأثيراً ملحوظاً على سلوكيات الأطفال واليافعين في سوريا، مما يهدد قيمهم وتقاليدهم المجتمعية. هذا الواقع يبرز الحاجة الملحة لتعزيز الوعي بمخاطر المحتوى غير المناسب، وضرورة توجيه الأجيال الشابة نحو سلوكيات إيجابية تتماشى مع هويتهم الثقافية والاجتماعية.

الكاتب: فريق العمل - سيرين المصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ