
بعد كشفه ملفات فساد داخل "الإدارة الذاتية".. اعتقال مراسل قناة "العربية" في القامشلي
أقدمت قوى الأمن التابعة لـ"الإدارة الذاتية الكردية" في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، على اعتقال مراسل قناتي "العربية" و"الحدث" الصحفي جمعة عكاش، وذلك بشكل مفاجئ ودون توضيح رسمي للأسباب، ما أثار موجة تنديد واسعة في الأوساط الإعلامية.
وأعربت شبكة "العربية" عن رفضها القاطع لأي ممارسات تستهدف حرية الصحافة، مطالبة "الإدارة الذاتية" بالإفراج الفوري عن مراسلها، مؤكدة أن عكاش لطالما عمل بمهنية وتوازن في مناطق سيطرة "قسد"، دون انحياز لأي طرف.
ويأتي الاعتقال بعد أيام من نشر عكاش منشوراً على صفحته في "فيسبوك"، كشف فيه عن توقيف عدد من كبار المسؤولين في إدارة مكافحة المخدرات التابعة لـ"قسد" في مدينة الرقة، بتهم تتعلق بالفساد وإعادة الاتجار بالمخدرات المصادرة. وكتب حينها: "انتصار متأخر لضحايا المخدرات في الرقة... قيادات بارزة في مكافحة المخدرات في السجون بتهم فساد وسرقات وإعادة اتجار"، مضيفاً: "عقبال عصابة الابتزاز في الأمن العام بمدينة المالكية".
ونقل موقع "تلفزيون سوريا" عن أحد أفراد عائلة الصحفي أن "الأسايش" أوقفته أثناء خروجه من مطعم يملكه وسط القامشلي، دون توجيه أي تهمة رسمية أو عرضه على القضاء، في حين لا يزال مصيره مجهولاً. وأفادت العائلة أن الاعتقال على ما يبدو جاء بسبب منشوره الأخير، مشيرة إلى أنها آثرت التكتم على الخبر بانتظار نتائج وساطات محلية للإفراج عنه، قبل أن يتسرب إلى وسائل الإعلام.
من جهته، أكد مصدر أمني مطلع لموقع "تلفزيون سوريا" أن حملة اعتقالات طالت عدداً من مسؤولي "الإدارة العامة لمكافحة المخدرات" في الحسكة والرقة، بتهم تتعلق بسرقة المال العام وإعادة تدوير كميات مخدرات مصادرة لصالح شبكات تهريب، يعتقد أنها على صلة بشخصيات من النظام السابق.
وأشار المصدر إلى أن الشبكة المتهمة كانت تحقق أرباحاً بمئات آلاف الدولارات من خلال صفقات تهريب وتسهيلات غير قانونية، فيما التزمت "قسد" الصمت حيال الملف خشية التورط في فضيحة مدوّية، خصوصاً مع تصاعد التقارير الدولية التي تتهم قوى محلية في شمال شرقي سوريا بتسهيل تجارة الكبتاغون.
الجدير بالذكر أن الصحفي جمعة عكاش سبق أن تلقى إنذاراً رسمياً من "دائرة الإعلام" التابعة لـ"الإدارة الذاتية" أواخر عام 2024، بعد نشره تقريراً عن انشقاقات داخل الوفد الكردي المفاوض مع دمشق، إضافة إلى تحقيق حول انتشار المخدرات في الرقة، اعتُبر حينها "مثيراً للبلبلة"، وتضمّن تهديداً باتخاذ إجراءات أشد في حال تكرار ما وصفته "الإدارة" بـ"التجاوزات الصحفية".
وتأتي هذه الحادثة في سياق سلسلة متواصلة من الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في مناطق سيطرة "قسد"، من اعتقالات تعسفية وتقييد لحرية التعبير، في إطار محاولات حثيثة لإسكات الأصوات الناقدة وطمس التجاوزات الأمنية والإدارية التي تتكرر في تلك المناطق.