بعد "حلب وحماة وإدلب".. جيش النظام يُقر بهزيمته في "درعا والسويداء" ويُعلن إعادة التموضع
أعلنت "القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة" التابعة لنظام الأسد، إعادة الانتشار والتموضع لقواتها العسكرية في جيش النظام، في محافظتي "درعا والسويداء"، معلنة بذلك خروج المحافظتين عن سيطرة النظام بالكامل، على غرار حلب وإدلب وأجزاء كبيرة من محافظة حمص.
وتحدثت قيادة النظام عن "إقامة طوق دفاعي وأمني قوي ومتماسك على ذلك الاتجاه بعد أن قامت عناصر "إرهابية" بمهاجمة حواجز ونقاط الجيش المتباعدة بهدف إشغال قواتنا المسلحة التي بدأت باستعادة زمام الأمور في محافظتي حمص وحماة في مواجهة التنظيمات الإرهابية"، وفق نص البيان.
وأكدت "القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة" أن قواتها المسلحة تتعامل مع مجريات الأحداث انطلاقاً من حرصها على أمن الوطن والمواطنين، وستواجه هذا الإرهاب بكل حزم وقوة، وفق تعبيرها.
وبرع نظام الأسد في سياسة "إعادة التموضع والانتشار" خلال المعارك الدائرة في عموم مناطق سوريا، في سياق تبرير حالة الهزيمة والانسحاب تحت ضربات الثوار من كل القوى والمكونات العسكرية شمال وجنوبي سوريا، تذكرنا بسياساته السابقة التي برع فيها في "الاحتفظا بحق الرد"
وتنتشر في محافظة السويداء ثكنات عسكرية كبيرة للجيش السوري غالبيتها تتبع للفرقة الخامسة عشرة من القوات الخاصة، إضافة إلى مقرات أمنية ومفارز مع نقاط وحواجز عسكرية، إضافة إلى كتائب رادار ودفاع جوي، ونقاط لحرس الحدود والهجانة.
ومع انطلاق عمليات عسكرية في درعا من فصائلها المحلية ضد مواقع الجيش الذي سارع بالانسحاب نحو السويداء، شهدت الأخيرة هبة شعبية في مختلف أرجائها، انهارت أمامها وحدات الجيش والأمن بغضون ساعات عقب مواجهات محدودة.
قال موقع "السويداء 24" إن المجموعات الأهلية والفصائل المسلحة بدأت تحاصر الثكنة تلو الأخرى، وتعرض على عناصرها الاستسلام وتجنب المواجهة، كما وجهت دعوات لجميع أفراد الجيش والأمن بالانشقاق والانسحاب من محافظة السويداء.
وأضاف أن المئات من أفراد الجيش والأمن رفضوا المواجهة وتجاوبوا مع دعوات الانشقاق، لتتساقط الكتائب العسكرية بشكل متسارع، وتستولي المجموعات الأهلية والفصائل على كميات كبيرة من المعدات العسكرية والذخائر والأسلحة، كان من بينها دبابات وراجمات صواريخ.
فيما حصلت اشتباكات مع بعض المواقع التي رفضت الاستسلام، مثل حاجز شهبا، وقسم المخابرات الجوية، وفرع أمن الدولة، وكانت الاشتباكات عنيفة في بعض الأحيان، ما تسبب بسقوط ضحايا ومصابين. لكن مع اشتداد المواجهات، توالت عمليات الاستسلام من الجوية إلى باقي المراكز الأمنية.
ولفت الموقع إلى أن أهم المواقع التي تم اخلاؤها أو السيطرة عليها من المجموعات الأهلية: قيادة الفرقة 15، قيادة شرطة السويداء، الفوج 404، الفوج 405، الفوج 44، الفوج 127، مطار الثعلة، كتيبة الكيمياء، مركز الأغرار، إضافة إلى مقرات الجوية، والسياسية، وأمن الدولة والجنائية.
وتحدث عن عمليات نهب واسعة النطاق حصلت في جميع المراكز العسكرية والأمنية التي جرى اخلاؤها او الانسحاب منها، مشيراً إلى أن كميات الأسلحة والذخائر التي وقعت بأيدي المنتفضين من الأهالي والفصائل المسلحة "مرعبة".
كما اقتحمت مجموعات أهلية سجن السويداء المركزي وفتحت أبوابه أمام مئات السجناء الذين فروا في شوارع المدينة، وغالبيتهم موقوفين على خلفيات جنائية، مع عدد قليل من المعتقلين على خلفيات سياسية.
وعلى وقع هذه التطورات، فرّ محافظ السويداء إلى العاصمة دمشق، ولحقه قادة الفروع الأمنية وضباط الجيش الكبار، تاركين خلفهم المئات من أفراد الجيش الذين استسلموا للأهالي والفصائل، وتمت استضافتهم في بيوت المواطنين.
فيما أعلنت فصائل مسلحة مختلفة عن تشكيل أكثر من "غرفة عمليات"، منها رجال الكرامة ولواء الجبل، وتجمع أبناء الجبل وقوات شيخ الكرامة، وتجمع القوى المحلية وغيرها من الفصائل. كما أعلنت الفصائل حالة منع تجوال في مدينة السويداء لمدة 24 ساعة على إثر التطورات الراهنة.
ويبدو التحدي كبيراً أمام هذه الفصائل في الساعات والأيام المقبلة مع انهيار ثكنات الجيش والمراكز الأمنية، وسط تساؤلات عن مدى قدراتها على ضبط الأوضاع الأمنية، والحفاظ على المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة، في ظل انتشار أنباء عن عمليات سرقة ونهب، طالت معمل الموكيت والسجاد على طريق ظهر الجبل.
وفي درعا، أعلنت "غرفة عمليات الجنوب" يوم الجمعة 6 كانون الأول، عن تحقيق سلسلة من الانتصارات الميدانية ضمن معركة "كسر القيود" التي تهدف إلى تحرير محافظة درعا من سيطرة قوات النظام السوري، حيث تمكنت من تحرير غالبية مناطق المحافظة، وسط انهيار وانسحاب عناصر ومواقع قوات النظام.
ووفق مصادر "شبكة شام"، فقد دخلت قوات "غرفة عمليات الجنوب" إلى وسط منطقة المحطة بمدينة درعا، بعد الإتفاق مع ضباط وعناصر النظام بتسليم المدينة بدون قتال، مع ضمان انسحابهم إلى العاصمة دمشق دون قتال، وأكدت المصادر أن غرفة العمليات خيرت العناصر بالانشقاق او التوجه إلى العاصمة دمشق، مع ضمان سلامة الراغبين بالانشقاق منهم.
وسيطرت الغرفة على العديد من المدن أهمها (بصرى الشام وإزرع ونوى وبصر الحرير والحراك وجاسم وإنخل) وعشرات المواقع والتلال والمقرات والألوية العسكرية في المحافظة، واستهلت غرفة عمليات الجنوب المعركة بتحرير جميع المخافر الحدودية الممتدة من الرقم 0 إلى الرقم 11 على الحدود السورية الأردنية، بعد استسلام قوات النظام المتمركزة هناك.
كما نجحت القوات في السيطرة على "معبر نصيب الحدودي"، أحد أهم المعابر الاستراتيجية في المنطقة، حيث سلمت عناصر النظام أسلحتهم بالكامل، وفي شرق درعا، تمكنت قوات الغرفة من تحقيق تقدم لافت بالسيطرة على مدينة بصر الحرير وبلدة الغارية الغربية، بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام.
وأحرزت القوات نصراً استراتيجياً بتحرير اللواء 52، أحد أكبر وأهم المواقع العسكرية في المنطقة، ما عزز سيطرتها على مناطق واسعة، أما في ريف درعا الغربي، فقد أحرزت "غرفة عمليات الجنوب" تقدماً كبيراً بالسيطرة على بلدتي المزيريب وخراب الشحم، إضافة إلى تل الجموع وحاجز عين ذكر. كما سيطرت على اللواء 112 ميكا وتلال الجابية وحرفوش والهش العسكرية، مما ساهم في إضعاف خطوط الدفاع للنظام في المنطقة.
وفي الشمال، واصلت الغرفة تقدمها بتحرير مدينة طفس وثكنة الأغرار العسكرية وتل السمن، إضافة إلى حاجز بلدة عتمان. كما سيطرت على مدينتي جاسم وإنخل وقرى العالية وسملين، مع انشقاق عدد كبير من عناصر النظام وانحيازهم إلى صفوف الثورة، حيث تجاوز ال300 جندي في المقرات والألوية المحيطة بمدينة بصرى الحرير.
وأكدت "غرفة عمليات الجنوب" التزامها بضمان سلامة المؤسسات الحكومية في المناطق المحررة والحفاظ عليها، مشددة على أهمية استمرارية عملها لتقديم الخدمات للسكان المحليين. كما أعلنت عن تأمين انشقاق مئات العناصر من قوات النظام، وتعهّدت بضمان سلامتهم وإعادتهم إلى ذويهم.
ويُشكل سيطرة الفصائل الثورية على محافظة حلب ومن ثم إدلب وحماة ودرعا والسويداء، مرحلة جديدة في سياق الحرب الدائرة في سوريا على مدار سنوات، بعد أن كانت قوات الأسد وميليشيات إيران قد سيطرت عليها بعد معارك استمرت لأشهر طويلة، وبقيت حصينة وبعيدة عن مرمى قوى الثورة لسنوات، فجاءت معركة “ردع العدوان” لترسم خارطة جديدة في عموم سوريا، وتعطي الأمل لقوى الثورة في إمكانية استعادة الحقوق وإعادة روح الثورة.
ولايبدو الموقف الدولي في صف الأسد بالمطلق، حتى أن حلفائه روسيا وإيران باتوا في موقف المتفرج نسبياً، إذ لم تقدم روسيا ذلك الدعم والموقف الحقيقي سياسياً وعسكرياً، رغم مشاركة طائراتها في القصف، كما أن ميليشيات إيران شهدت انهياراً كلياً وغابت عن المشهد الفاعل لها، ولم تتحرك أي من الدول الصديقة للأسد لتحقيق أي ضغوطات أو التفاوض حتى لوقف العملية العسكرية التي يبدو أنها ستقترب من حدود دمشق وتهدد الأسد في العاصمة.