
بريطانيا ترفع "هيئة تحـ ـرير الشام" من قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة
أعلنت الحكومة البريطانية، يوم الثلاثاء 21 تشرين الأول 2025، رفع اسم "هيئة تحرير الشام" من قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة، بعد نحو ثمانية أعوام من تصنيفها، في حين ألغت الولايات المتحدة رسمياً تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية، في إطار حزمة قرارات تهدف إلى دعم مرحلة الانتقال السياسي في سوريا الجديدة.
بريطانيا تُنهي الحظر بعد مراجعة شاملة
وقالت وزارة الداخلية البريطانية إن القرار جاء بعد مراجعة أمنية وسياسية معمقة خلصت إلى أن الهيئة، التي قادت التحالفات المعارضة لإسقاط نظام الأسد، لم تعد تشكل تهديداً إرهابياً للمصالح البريطانية، مشيرة إلى أن الهيئة "أعادت هيكلة نفسها سياسياً وعسكرياً منذ عام 2017، وتخلت عن أيديولوجيتها القديمة المرتبطة بتنظيم القاعدة".
وكانت لندن قد صنّفت الهيئة منظمة إرهابية عام 2017، حين كانت تُعرف باسم "جبهة النصرة"، قبل أن تندمج تحت اسمها الحالي وتعلن انفصالها عن القاعدة.
تحركات أميركية موازية
وجاء القرار البريطاني عقب إعلان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أن الولايات المتحدة ألغت تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية أجنبية، اعتباراً من 8 تموز/يوليو 2025، بموجب قانون الهجرة والجنسية الأميركي.
وأوضح روبيو أن الخطوة تأتي استناداً إلى حلّ الهيئة رسمياً واندماجها في مؤسسات الدولة السورية الجديدة، مشيراً إلى أن الحكومة بقيادة الرئيس أحمد الحسين الشرع "تلتزم بمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله" ضمن سياسة وطنية موحدة تهدف إلى إعادة بناء الدولة على أسس مدنية ودستورية.
وأضاف الوزير الأميركي أن القرار "يمثل تتويجاً للتقدم الكبير الذي أحرزته سوريا الجديدة في مكافحة التطرف"، مؤكداً أن هذه الخطوة جزء من سلسلة إجراءات شاملة لتخفيف العقوبات على دمشق ودعم إعادة الإعمار بعد سقوط نظام الأسد في كانون الأول 2024.
مداولات في مجلس الأمن لتخفيف العقوبات
بالتوازي مع ذلك، أفاد دبلوماسيون في الأمم المتحدة بأن مجلس الأمن يناقش مسودة قرار أميركية تقضي بتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، وتتضمن شطب اسم الرئيس أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قوائم العقوبات الأممية، مع الإبقاء مؤقتاً على اسم "هيئة تحرير الشام" لحين استكمال الإجراءات القانونية الخاصة بتصحيح وضعها الدولي.
من فصيل مسلح إلى شريك في الدولة الجديدة
تُعد هيئة تحرير الشام التي أسسها عام 2017 أحمد الشرع (المعروف سابقاً بأبي محمد الجولاني) من أبرز القوى التي لعبت دوراً محورياً في إسقاط نظام المخلوع بشار الأسد، قبل أن تتحول إلى العمود الفقري العسكري للحكومة السورية الحالية.
وخلال السنوات الأخيرة، قادت الهيئة عملية دمج الفصائل المسلحة ضمن مؤسسات الدولة الجديدة، وساهمت في ضبط الأمن بالمناطق المحررة، ما جعلها طرفاً فاعلاً في مرحلة ما بعد الحرب.
تحوّل استراتيجي في الموقف الغربي
يرى مراقبون أن رفع التصنيف الإرهابي عن هيئة تحرير الشام يعكس إعادة تعريف الغرب لتحالفاته في سوريا، استناداً إلى التحولات الجوهرية في المشهد السياسي والعسكري، فالقرار البريطاني – الأميركي المتزامن لا يُعدّ مجرد خطوة قانونية، بل مؤشراً على انفتاح تدريجي نحو دمشق الجديدة، تمهيداً لعودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة وبدء مشاريع إعادة الإعمار.
كما يراه محللون اعترافاً ضمنياً بشرعية الحكومة السورية الحالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وبأن الأولويات الدولية باتت تتجه نحو الاستقرار ومحاربة الإرهاب ضمن الدولة، لا عبر الفصائل.
ويُتوقع أن تمهد هذه التطورات الطريق أمام تفاهمات أوسع بين واشنطن ودمشق تشمل ملفات الأمن الإقليمي، والحدود، ووقف الحرب في غزة، ما يعيد رسم التوازنات السياسية في الشرق الأوسط بعد عقدٍ من الاضطرابات.