
برنامج الحماية المؤقتة للسوريين ينتهي بعد 13 عاماً في أمريكا وسط جدل حقوقي وسياسي
في خطوة مثيرة للجدل، أعلن مسؤول أميركي أن استمرار حماية آلاف المهاجرين السوريين من الترحيل لم يعد ينسجم مع "المصلحة الوطنية"، معتبراً أن الظروف في سوريا لم تعد تمنع مواطنيها من العودة إلى ديارهم.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن نحو 6 آلاف سوري حصلوا على حق العيش والعمل في الولايات المتحدة عبر برنامج "الوضع المحمي المؤقت" (TPS)، الذي وُضع أصلاً لمساعدة المهاجرين غير القادرين على العودة إلى بلدانهم بسبب ظروف أمنية غير مستقرة.
تبرير رسمي وانتقادات واسعة
صرّحت تريشيا ماكلولين، مساعدة وزير الخارجية للشؤون العامة، بأن "الأوضاع في سوريا لم تعد تمنع مواطنيها من العودة، وإن السماح للسوريين بالبقاء في بلدنا يتعارض مع المصلحة الوطنية"، مشددة على أن البرنامج "صُمم ليكون مؤقتاً".
لكن خبراء سياسات الهجرة رأوا في القرار خطوة متسرعة، إذ أكدوا أن الوضع الأمني في سوريا لا يزال هشاً. وقالت أماندا باران، الرئيسة السابقة لسياسات خدمات المواطنة والهجرة في إدارة بايدن، إن إنهاء البرنامج "ينهك آلاف السوريين الحاصلين على الحماية المؤقتة والمجتمعات التي يعيشون فيها"، مؤكدة أن "الأوضاع في سوريا ما زالت خطيرة وغير مستقرة، ما يستدعي تمديد البرنامج بموجب القانون".
من جهته، أشار ديفيد جيه بير، مدير دراسات الهجرة في معهد كاتو للأبحاث، إلى أن السوريين "لم يشكلوا تاريخياً أي خطر إرهابي كبير"، لافتاً إلى أن "السلطات الفيدرالية لديها القدرة على استبعاد أي فرد يشكّل تهديداً للأمن القومي من البرنامج".
60 يوماً للمغادرة الطوعية
وبحسب الصحيفة، فإن السوريين المشمولين بالبرنامج سيكون أمامهم 60 يوماً لمغادرة البلاد طواعية قبل أن يواجهوا الاعتقال والترحيل القسري، بعد إنهاء البرنامج الذي أُقر لأول مرة عام 2012 ومدد مرات عدة، كان آخرها في 30 سبتمبر/أيلول الماضي بقرار من إدارة بايدن.
خلفية البرنامج وسياق سياسي أوسع
يعود إنشاء البرنامج إلى إدارة الرئيس باراك أوباما، حين قالت وزيرة الأمن الداخلي آنذاك جانيت نابوليتانو إن السوريين في الولايات المتحدة "سيواجهون تهديدات خطيرة لسلامتهم الشخصية" إذا أُجبروا على العودة إلى ديارهم، مؤكدة أن المتقدمين يخضعون لفحوص شاملة لخلفياتهم الأمنية قبل منحهم الموافقة.
وترى الصحيفة أن إنهاء برنامج الحماية المؤقتة يأتي ضمن سياسة أوسع تتبعها إدارة الرئيس دونالد ترامب لتكثيف عمليات الترحيل وتشديد قيود الهجرة، حيث تؤكد الإدارة أن الحماية كانت دائماً مؤقتة، وأن الظروف في بعض البلدان "تحسنت" بما يسمح بعودة المهاجرين.
سوريا الجديدة بين التغيير والمخاوف
ورغم أن السوريين نجحوا في إنهاء حكم عائلة الأسد بعد أكثر من عقد من الحرب، إلا أن الخبراء يحذرون من استمرار المخاوف بشأن عودة العنف والانقسام الطائفي، رغم سعي القيادة السورية الجديدة إلى الابتعاد عن الدكتاتورية وفتح صفحة سياسية واقتصادية مختلفة.
بهذا القرار، تبدو إدارة ترامب عازمة على المضي في إعادة صياغة سياسة الهجرة الأميركية، فيما يبقى مصير آلاف السوريين معلقاً بين واقع سياسي متغير في واشنطن وأوضاع داخلية في سوريا لا تزال موضع جدل بين من يراها آمنة ومن يعتبرها غير مستقرة.