انتقادات وجدل عقب ظهور شخصيات رياضية سابقة في فعاليات عيد التحرير
أثار ظهور شخصيات رياضية معروفة بولائها لنظام الأسد خلال سنوات الحرب في مقدمة الفعاليات والمنافسات الرياضية في سوريا موجة جدل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثير من السوريين عن رفضهم لإعادة تعويم تلك الوجوه أو منحها حضوراً رمزياً جديداً، في وقت ما تزال فيه شخصيات رياضية حرة أعلنت موقفها الصريح ضد النظام السابق غائبة عن المشهد العام.
ويرى متابعون للشأن الرياضي والعام أن اختيار شخصيات مرتبطة بمرحلة مظلمة من تاريخ السوريين لتمثيل فعاليات وطنية حساسة، وخصوصاً المناسبات الرمزية مثل عيد التحرير، يتطلب قدراً كبيراً من الحذر، تفادياً لإيحاءات غير مقصودة توحي بتبييض صفحة تلك الأسماء أو منحها شرعية اجتماعية جديدة، رغم ما تحمله الذاكرة العامة من حقائق مؤلمة عن تلك الحقبة.
وفي هذا السياق، أثار فوز أبناء رجل الأعمال محمد حمشو بالمركزين الأول والثاني في سباق الفروسية بنادي الديماس، ومن ثم تكريمهما رسمياً بحضور وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، تساؤلات واسعة حول الرسائل التي قد يرسلها إبراز شخصيات ارتبطت بقوة بمنظومة النظام البائد، في لحظة يسعى فيها السوريون إلى ترسيخ مسار العدالة الاجتماعية وإعادة الاعتبار للضحايا.
ويؤكد منتقدو هذا التوجه أن السوريين الذين عاشوا سنوات من الدمار والنزوح ما زالوا يتعاملون بحساسية عالية مع أي محاولة لإعادة تقديم أسماء عملت طويلاً ضمن المنظومة السابقة، ويرون أن أي حضور رسمي لها اليوم قد يتعارض مع روح المرحلة الجديدة التي يُفترض أن تنحاز إلى العدالة والذاكرة الجمعية.
وتتكرر المخاوف ذاتها في ما يتعلق باختيار الشخصيات المشاركة في الفعاليات الرمزية لعيد التحرير، إذ أثار تكليف الرياضي يوسف سروجي بنقل "أمانة الشهداء" في المسار الممتد من إدلب إلى دمشق نقاشاً مشابهاً، كونه اسماً ظهر مراراً في فعاليات كانت تحمل طابعاً سياسياً في عهد النظام السابق.
ورغم عدم وجود أي معلومات تشير إلى تورطه في انتهاكات، إلا أن حساسية المناسبة وارتباطها بتاريخ موجع تفرض – بحسب المنتقدين – ضرورة التدقيق في الرمزية التي تحملها الأسماء المختارة، خصوصاً أن المناسبة يُنظر إليها باعتبارها حدثاً وطنياً جامعاً يجب أن يعبر عن التنوع الحقيقي للمجتمع السوري وتضحيات أبنائه.
ويشير أصحاب هذا الاتجاه إلى أن الفعاليات الوطنية تمثل فرصة لإشراك وجوه جديدة من أبناء المجتمعات المتضررة أو من أسر الشهداء والنازحين، بما يسهم في ترميم جزء من الثقة بين الشارع والمؤسسات، ويؤكد أن المرحلة المقبلة تستند إلى قيم العدالة والاعتراف بالتضحيات، لا إلى إعادة إنتاج رموز ارتبطت بفترة القمع والانقسام.
ويؤكد المنتقدون أن اعتراضهم لا يستهدف الأشخاص بذاتهم ولا يهدف إلى إقصاء رياضيين لم يرتكبوا ما يدينهم، بل يندرج ضمن حرص على عدم تجاهل الذاكرة المؤلمة التي ما تزال حاضرة في حياة ملايين السوريين، وعلى ضرورة مراعاة الحساسية المجتمعية عند اختيار رموز المشهد العام.
ويوضح أصحاب هذه الملاحظات أن هدفهم ليس الدخول في مواجهة مع المؤسسات الرسمية، ولا الحد من المبادرات ذات الطابع الوطني، بل الدعوة إلى مزيد من التدقيق في الرموز المستخدمة في المناسبات الكبرى، لضمان توافق الصورة العامة مع تطلعات السوريين ومعايير العدالة التي ينتظرها المجتمع.
وفي المقابل، يعرب هؤلاء عن أملهم بأن تستفيد وزارة الرياضة والقائمون على فعاليات عيد التحرير من هذه التنبيهات باعتبارها جزءاً من نقاش وطني بنّاء يسعى إلى بناء مرحلة جديدة أكثر انسجاماً مع آلام السوريين وآمالهم، مؤكدين أن الرسالة الأساسية ليست استهدافاً لأفراد ولا تقليلاً من مؤسسات الدولة، بل حرص على أن تبقى المناسبات الوطنية مساحة جامعة تعبّر عن تطلعات السوريين كافة.