
"الوفاء لحلب".. مبادرة أهلية تنبع من أبنائها وتعيد النبض إلى شوارع الشهباء
أطلق ناشطون من مدينة حلب مبادرة مجتمعية تحمل عنوان "الوفاء لحلب"، تسعى إلى دعم الخدمات العامة، ترميم النسيج الاجتماعي، وتعزيز التآخي بين أهالي المدينة، وذلك عبر سلسلة من الأنشطة الإنسانية والنفسية الموجهة لتحسين الواقع الخدمي والمجتمعي في المدينة التي أنهكتها الحرب.
جهد شعبي جامع من أجل المدينة
وقال عبد العزيز مغربي، مدير المبادرة، في تصريح لموقع "جسر" إن الحملة مفتوحة أمام جميع أبناء المدينة دون استثناء، داعياً مختلف الشرائح، خصوصاً المجتمع الأهلي، إلى المشاركة بما يستطيعون من جهد أو دعم مادي ومعنوي، مضيفاً: "حلب اليوم بحاجة مضاعفة لجهود جميع أبنائها لتجاوز تبعات الحرب وآثار الدمار الممتدة".
وأوضح مغربي أن الهدف الرئيسي للحملة هو تحسين مستوى الخدمات في معظم أحياء حلب، إلى جانب تعزيز الوعي والمسؤولية المجتمعية، من خلال إشراك السكان المحليين في أنشطة تطوعية تُنفذ عبر فرق منظمة بالتعاون مع الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، وفق أولويات الاحتياج.
ولفت إلى أن باكورة نشاطات الحملة ستكون حملة تنظيف شاملة تترافق مع نشاطات توعية صحية وبيئية، بما في ذلك رش المبيدات الحشرية في الأحياء المستهدفة.
أولويات خدمية ومساحات للحوار
من جانبه، أكد أحمد حلاق، عضو مجلس إدارة الحملة، أن المبادرة جاءت استجابة لحاجة ملحة لدى السكان، ولرغبة عارمة بإعادة الروح إلى المدينة، مشيراً إلى أن الحملة ستشمل إلى جانب تنظيف الشوارع وإنارتها، تنظيم ورشات تدريب وتطوير، بالإضافة إلى جلسات حوار مجتمعية تهدف إلى تقريب وجهات النظر وبناء الثقة بين مكونات المجتمع الحلبي.
وأوضح أن الحملة لن تقتصر على الأنشطة الخدمية، بل ستتوسع لتشمل برامج مجتمعية وتثقيفية تُعلن تباعاً.
مشروع شعبي مستقل نابع من أبناء المدينة
بدوره، أكد نبيل الشيخ عمر، المسؤول التنفيذي للمبادرة، أن "الوفاء لحلب" هي مبادرة مستقلة بالكامل ولا تتبع لأي جهة رسمية أو منظمة، بل وُلدت من رحم الحاجة، بمبادرة من مجموعة من الشبان العائدين إلى المدينة، بالتنسيق مع عدد من السكان المقيمين، بهدف بناء جسور جديدة من الثقة وتعزيز ثقافة التطوع وتفعيل دور المجتمع المدني في الحياة العامة.
وأشار إلى أن الحملة بدأت أولى خطواتها بالتعاون مع شركة النظافة "eclin"، وعدد من فرق الدفاع المدني ومنظمات أهلية محلية، كما أطلقت حملات توعية تهدف إلى تشجيع السكان على تحسين بيئتهم، من بينها مبادرة بسيطة بوضع لمبة أو "ليد" أمام كل منزل لإضفاء لمسة من الأمل على الأحياء.
ترميم النسيج الاجتماعي وإحياء الأمل
وفي السياق ذاته، أكد عبد الرحمن إسماعيل، المنسق الإعلامي للمبادرة، أن البعد الأعمق لحملة "الوفاء لحلب" يكمن في سعيها لترميم العلاقات الاجتماعية التي تضررت بفعل الحرب، مشدداً على أهمية استعادة الثقة والتواصل بين مختلف أطياف المجتمع.
ونوّه إسماعيل إلى أن الحملة حظيت منذ انطلاقتها بتفاعل واسع من الأهالي، بدعم لافت من المغتربين، لا سيما من أبناء المدينة العاملين في التجارة والصناعة، ممن عادوا مؤخراً إلى حلب وساهموا في تمويل ودعم العديد من الأنشطة.
رسالة الحملة: "حلب لا تزال حيّة"
"الوفاء لحلب" ليست مجرد حملة خدمية، بل رؤية اجتماعية وإنسانية تنبع من أبناء المدينة أنفسهم، وتوجه رسالة واحدة مفادها: "رغم الدمار والتحديات، حلب لا تزال حيّة بأهلها، بشبابها، وبروحها التي لا تنكسر".