
الوزيرة "قبوات" تُمثل سوريا في مراسم تشييع "البابا فرنسيس" وتُجري لقاءات دبلوماسية
شاركت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية، هند قبوات، في مراسم تشييع البابا فرنسيس، الذي توفي في 21 أبريل الجاري عن عمر ناهز 88 عاماً، وجمع التشييع شخصيات من مختلف أنحاء العالم، حيث التقت خلال المناسبة وزير خارجية سنغافورة، ورئيس وزراء بنغلاديش، في لقاءات عكست حرص سوريا الجديدة على الحضور الدولي الفاعل في مثل هذه المناسبات.
"الشرع" معزياً بوفاة البابا فرنسيس: فقدنا صوتاً عالمياً وقف إلى جانب السوريين في أوقاتهم الصعبة
وكان تقدّم رئيس الجمهورية، السيد أحمد الشرع، بخالص التعازي للطائفة الكاثوليكية الرومانية في سوريا والعالم، برحيل البابا فرنسيس، معرباً عن حزنه العميق لهذا الفقد الكبير.
وأكد الرئيس الشرع في تعزيته أن البابا فرنسيس "كان على الدوام يقف إلى جانب الشعب السوري في أصعب الظروف وأحلك الأوقات، ولم يتوانَ يوماً عن رفع صوته ضد العنف والظلم اللذين تعرّض لهما السوريون طوال السنوات الماضية".
وأشار الرئيس إلى أن الدعوات الإنسانية التي أطلقها البابا الراحل "تجاوزت كل الحدود السياسية والجغرافية"، مؤكداً أن إرثه من الشجاعة الأخلاقية وروح التضامن سيظل حيّاً في قلوب العديد من السوريين الذين لمسوا تعاطفه ودعمه لقضاياهم الإنسانية العادلة.
وفاة البابا فرنسيس... نهاية عهد روحي اتّسم بالدعوة للسلام والدعم الإنساني لسوريا
أعلن الفاتيكان، صباح يوم الاثنين 21 نيسان، في بيان مصوّر، وفاة البابا فرنسيس، الزعيم الروحي للكنيسة الكاثوليكية، عن عمر ناهز 88 عاماً، لينهي بذلك حبراً بابوياً استمر 12 عاماً، تخللته أزمات صحية متعددة، ومواقف أثارت جدلاً واسعاً، خصوصاً في ملفات السلم العالمي والعدالة الاجتماعية.
ويعد البابا فرنسيس، أول بابا من أميركا اللاتينية، وقد عُرف طيلة فترة بابويته بنبرته الإنسانية المشرّعة على قضايا العالم، لا سيما تلك المرتبطة بالحروب واللاجئين والفقراء، معتبراً أن الكنيسة يجب أن تكون إلى جانب الشعوب المنكوبة، وليست معزولة عن آلامها.
مواقف ثابتة تجاه سوريا... ودعوات متكررة لإنهاء معاناة شعبها
ترك البابا فرنسيس بصمة لافتة في مواقفه المتكررة تجاه سوريا، حيث دعا مراراً إلى إيقاف القتال، ورفع العقوبات، وإعادة الأمل لشعب دمّرته الحرب. ففي 9 فبراير 2024، وجه دعوة صريحة للمجتمع الدولي للعمل على إيجاد "حلول جديدة في سوريا"، مناشداً الأطراف المعنية بضرورة الانخراط في "حوار بنّاء وجاد" يفضي إلى إنهاء معاناة المدنيين، وخاصة المتأثرين بالعقوبات الاقتصادية.
وأكد في حينه أن الشعب السوري يعيش حالة من "عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي"، تفاقمت بعد الزلزال المدمر، وعبّر عن تضامنه مع ملايين اللاجئين السوريين المنتشرين في دول الجوار كلبنان والأردن.
صلوات من أجل "سوريا المعذبة"
في مناسبات متعددة، حث البابا فرنسيس العالم على عدم نسيان "الآلام السورية"، مشيراً إلى أن الصراع في هذا البلد لا يزال من أكثر الكوارث الإنسانية تعقيداً في العصر الحديث. وفي مارس 2021، ومع حلول الذكرى العاشرة لانطلاقة الحراك الثوري السوري، أطلق البابا نداءً عاطفياً قال فيه: "أجدد ندائي لأطراف النزاع... لعلّ بصيص أمل يفتح للسكان المنهكين".
وفي خطابه أمام المؤمنين في ساحة القديس بطرس، وصف المأساة السورية بأنها "عنف لا يُطاق"، وذكّر بالملايين من الضحايا، والمفقودين، واللاجئين، معتبراً أن سوريا تعيش في "معاناة هائلة ولا سيما للفئات الأضعف: النساء، الأطفال، والمسنين".
"قرقعة السلاح" في سوريا... موقف لا يُنسى
في رسالة عيد الفصح لعام 2021، هاجم البابا سباقات التسلح واستمرار النزاعات، منتقداً بشدة صمت العالم تجاه ما يحدث في سوريا واليمن وليبيا. وقال بوضوح: "عسى أن يضع المسيح، سلامنا، حداً لقرقعة السلاح في سوريا الحبيبة التي دمرتها الحرب، حيث يعيش الملايين في ظروف غير إنسانية".
كما دعا إلى تقاسم اللقاحات مع الدول الفقيرة، ووقف استخدام المجاعات والعقوبات كأدوات ضغط على الشعوب، في سياق صريح يدعو لتغليب القيم الإنسانية على السياسات المتوحشة.
في 9 من حزيران 2019، أرسل البابا فرنسيس رسالة إلى رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، عبر الكردينال بيتر توركسون، حثّه فيها على إنهاء القتال، وضمان عودة النازحين، ومعاملة المعتقلين السياسيين بإنسانية، والدفع نحو مفاوضات سياسية جادة.
وفي أول موقف علني له بعد سقوط نظام بشار الأسد، دعا البابا فرنسيس مقاتلي عملية "ردع العدوان"، الذين أطاحوا بالنظام، إلى تحقيق الاستقرار في سوريا والحكم بطريقة تعزّز الوحدة الوطنية. في عظته الأسبوعية بساحة القديس بطرس، في 11 من كانون الأول 2024.
إرث بابوي ورسالة باقية
رحل البابا فرنسيس، تاركاً خلفه إرثاً من الرسائل الروحية والإنسانية، لطالما جسد فيها موقف الكنيسة إلى جانب الفقراء والمقهورين، وخصوصاً الشعب السوري، الذي نال حصة كبيرة من اهتمامه وصلواته ومبادراته الأخلاقية والدبلوماسية، وبرحيله، تطوى صفحة حبر أعاد تشكيل صورة الفاتيكان بوجه أكثر اقتراباً من معاناة الشعوب، وأكثر دعوة للسلام العادل، في عالم أنهكته الحروب والانقسامات.