
"المشهد السوري .. و التهديد الأمني" قراءة في عقول باحثين سوريين و أتراك
أكد عدد من الباحثين السوريين و الأتراك خطورة الوضع الأمني في المنطقة و العالم الذي تعكسه التطورات في سوريا ، واصفين المسألة الأمنية السورية بأنها "إشكالية" معقدة و متحركة ، الأمر الذي سبب بزلزال ضرر الأعمدة السياسية في المنطقة و العالم .
و في ندوة أقيمت في مدينة إسطنبول التركية ، بتعاون من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية و مركز "سيتا" التركي ، تشارك خلالها أربعة باحثين من المركزين ، في توضيح "المشهد السوري و التهديد الأمني" عبر محاور عدة تراوحت بين العودة للجذور و دور نظام الأسد في افساد الحالة السلمية لشرعنة الحل الأمني ، و الدخول في متاهات السياسية الدولية و الإقليمية و كذلك وضع الحركات الداخلية و انعكاسها على المشهد بشكل عام .
و استعرض الباحث "معن طلاع" ، من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ، دراسته المتعلق بـ"الارتدادات الأمنية للسلوك الدولي و الإقليمي في سوريا " ، معتبراً أن إشكالية الملف الأمني السوري متحرك و معقد ، موضحاً بنود دراسته التي سلطت الضوء على سياسة سبع دول اتجاه القضية السورية و هي ( الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا و ايران و الخليج العربي و تركيا و الأردن و مصر و إسرائيل).
ولخص طلاع السياسة الأمريكية اتجاه سوريا بالقول " نحّت الاشتباك و غلّبت مكافحة الإرهاب و ابتعدت عن التعاون الأمني ) ، موضحاً أن أمريكا دأبت على الابتعاد قد المستطاع عن الملف السوري حفاظا على مصالحها ،انتهجت طرقاً غير متسقة أو كما قال بـ"لا خطة" .
في حين حلل الباحث ساشا العلو ، من مركز عمران ، الإشكالية الأمنية للملف السوري بين مرحلتي ٢٠١١ و الوقت الحالي ، مشيراً إلى أن نظام الأسد ادرك أهمية "الإرهاب" في مواجهة الحراك الشعبي ،و استغل الأمر بشكل جيد نتيجة خبرته الأمنية الكبيرة ، حيث عزز شرعنة الحل الأمني من خلال مجموعة من الأعمال و التصرفات المدروسة مستفيداً من خبرته الأمنية الغير موجودة لدى المعارضة .
و بيّن العلو مجموعة الأخطاء التي وقعت المعارضة بها ، والتي تسببت بحالة عن التوازن طوال السنوات الأربع الأولى من عمر الثورة السورية ، و منها التأخير في تحديد ثوابت وطنية موحدة ، وتراخي التعامل مع الأجنحة السياسية لبعض القوميات الموجودة في سوريا مما دفعها لسلوك الطريق المسلح ، إضافة عدم الوعي اتجاه المشاريع التي حملها من جاء للدفاع عن الشعب السوري .
و قدم العلو عرضاً مستفيضاً للتطورات التي شهدتها الثورة السورية ، لافتاً إلى كيفية استفاد النظام من الإرهاب بأن سمح له بالتمدد و التوسع ضمن استراتيجية مدروسة و كيف ساعدته السياسات الدولية في تنفذ مخططاته .
و حذر العلو من نتائج "الإرهاب" التي ستبقى مرافقة للحل السياسي و مابعده ، مشدداً على أن المعارضة ستكون الخاسر الأكبر من كل ذلك مالم تستدرك الأمر و تظهر بشكل يمكنها من لعب دور أساسي في عملية مكافحة "الإرهاب".
أما مراد يشيلتاش ، وهو باحث تركي في مركز "سيتا" للدراسات ، قراء في تغيرات الملف الأمني مؤكداً أن الاستراتيجيات الأمنية انهارت أو أنها تعرضت لزلازل أضرت في أعمدتها ، وذلك كارتداد للقضية السورية .
مشدداً على أن تغيير مفهوم الحدود يستتبع تغيير المفاهيم الأمنية و يولد مسارات سياسية جديدة تؤدي لانهيار المنطق التقليدي للدولة الوطنية .
و مضى الباحث التركي جان آجون ، من مركز "سيتا" ، في الحديث عن الفاعل الدولي الذي أثر بالملف السوري ، مشيراً إلى أن السياسات الأمنية فشلت أو توقفت و بات هناك عناصر جديدة في المنطقة هي الفاعلة .
وقال آجون أن "الدولة السورية" بكل جبروتها الأمني ذهبت ، و حل محلها جماعات أخرى هي من تتحكم بالوضع في مناطق تواجدها .
واعتبر الباحث التركي أن ظهور "بي يي دي " أمر في غاية الأهمية بالنسبة لتركيا ، مبيناً التطورات التي شهدتها هذه المنظمة و لاسيما الدعم الأمريكي بحجة مكافحة الإرهاب ، الأمر الذي مكنها من من انشاء حزام لها على الحدود التركية .