
العراق يفكك شبكة مخدرات كبرى.. وتحذيرات من مسار تهريب جديد عبر سوريا
أعلنت مديرية شؤون مخدرات الكرخ في العراق، يوم أمس الأحد، تفكيك شبكة محلية كبيرة لتجارة المخدرات داخل بغداد، واعتقال 21 متهمًا، إضافة إلى ضبط 183 كيلوغرامًا من مادة المارجوانا، وكميات أخرى من المخدرات. وأوضح بيان الداخلية العراقية أن هذه المواد أُدخلت من خارج البلاد وخُبئت داخل العاصمة تمهيدًا لتوزيعها.
يأتي ذلك تزامنًا مع بروز مؤشرات حول تشكّل خط تهريب جديد للمخدرات يثير قلق السلطات العراقية، على خلفية سقوط نظام الأسد في سوريا، حيث ضبطت القوات الأمنية مؤخرًا شحنة ضخمة من الكبتاغون قادمة من الداخل السوري مرورًا بالأراضي التركية. وحذّر مختصون من خطورة تحوّل العراق من بلد عبور إلى سوق رئيسية للمخدرات، في حال عدم توفر التنسيق الأمني الإقليمي الكافي.
ضبط شحنة كبيرة قادمة من سوريا
وكانت قوات وزارة الداخلية العراقية، وبالتعاون مع سلطات إقليم كوردستان، نفذت قبل أيام عملية أمنية نوعية أسفرت عن ضبط شاحنة تحمل أكثر من طن من حبوب الكبتاغون المخدرة، دخلت إلى العراق قادمة من سوريا عبر الأراضي التركية، بعد تمويهها داخل مواد تجارية مخصصة للتصدير. وجاءت هذه العملية بناءً على معلومات استخبارية دقيقة قدمتها المملكة العربية السعودية، ما يعكس تصاعد التعاون الإقليمي في مواجهة شبكات المخدرات.
واعتبر مختصون هذه التطورات مؤشرًا على استمرار خطر تهريب المخدرات من سوريا نحو العراق، رغم إعلان الإدارة السورية الجديدة تفكيك بعض المستودعات سابقًا، مؤكدين أن الكميات المضبوطة حديثًا تدل على وجود مخزون سابق ما يزال يُهرّب بطرق متطورة.
مسار تهريب محترف
وقال الخبير الأمني سيف رعد إن ضبط شحنة الكبتاغون رغم أهميته، كشف مسارًا سابقًا لعمليات التهريب، مما يؤكد أن هذه الشحنات مرت من قبل دون اكتشاف، خاصةً وأن أساليب التمويه تشير إلى احترافية الشبكة وتكرار نشاطها.
وأوضح رعد في حديثه لموقع (باسنيوز) أن الطريق الذي اتبعته الشاحنة، من سوريا مرورًا بتركيا ثم العراق، يعزز موقع العراق كممر رئيسي لتهريب المخدرات العابرة للحدود. وأشار إلى احتمال استمرار بعض الشبكات القديمة التابعة لماهر الأسد أو تشكيل شبكات جديدة تستغل الفوضى الأمنية في مناطق جنوب سوريا مثل درعا والسويداء.
إحصائيات مرعبة
وبحسب المعطيات الميدانية، فإن عشرات المستودعات التي كانت تستخدم لتصنيع وتخزين الكبتاغون في سوريا لا تزال قائمة أو أُخفيت في مناطق جديدة، الأمر الذي يعزز فرضية استمرار نشاط شبكات المخدرات القديمة بطرق جديدة، مستغلةً المخزون السابق والتوترات الإقليمية.
وتُظهر الإحصائيات الرسمية أن السلطات العراقية اعتقلت 14,438 شخصًا بتهم تتعلق بالمخدرات خلال عام 2024، بينهم 512 متهمًا بتصنيع وزراعة المخدرات، و7,271 بتهمة الحيازة بقصد البيع، و6,362 شخصًا بتهمة التعاطي الشخصي.
وبحسب البيانات الرسمية، تُعد مادة الكريستال الأكثر انتشارًا في العراق بنسبة 37.3%، تليها مادة الكبتاغون بنسبة 34.35%، وتتركز بشكل خاص في المناطق الفقيرة وبين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عامًا.
قصور البرامج الحكومية
من جهته، أكد الناشط في مجال حقوق الإنسان وسام العبدالله، ضرورة مواجهة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع الشباب نحو تعاطي المخدرات، كالفقر والبطالة وانعدام فرص التعليم.
وقال العبدالله لـ(باسنيوز)، إن البرامج الحكومية لإعادة تأهيل المدمنين تعاني قصورًا واضحًا، إذ إن المراكز المتاحة غير كافية وتفتقر للكوادر المختصة، مما يجعل التعافي صعبًا للغاية.
وأشار إلى أن التعامل مع المدمنين يجب أن يكون بوصفهم ضحايا بحاجة للدعم النفسي والاجتماعي وليس بوصفهم مجرمين، داعيًا إلى استراتيجية وطنية شاملة تدمج بين البعدين الأمني والاجتماعي لمكافحة المخدرات.