
"الشيباني" يرفع علم سوريا الجديد في نيويورك: وفد سوري رفيع المستوى في الولايات المتحدة الأمريكية
في لحظة رمزية بارزة، رفع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، علم الجمهورية العربية السورية الجديد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، قبيل مشاركته في جلسة إحاطة بمجلس الأمن الدولي، ليكون بذلك أول مسؤول حكومي سوري رفيع المستوى يظهر علنًا في الولايات المتحدة منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في تصريحات خاصة لقناة "الجزيرة"، إن رفع علم الجمهورية العربية السورية في مقر الأمم المتحدة بنيويورك "يمثّل تتويجاً لانتصار الشعب السوري"، مؤكداً أن هذه الخطوة "ستُعزّز من دور سوريا في المنظمات والمحافل الدولية، وتفتح مرحلة جديدة من الحضور الدبلوماسي الفاعل".
وأضاف الشيباني أن استعادة المقعد السوري في الأمم المتحدة "تُشكّل لحظة حاسمة، فالعالم بحاجة الآن إلى سماع صوت ومتطلبات الشعب السوري، بعد سنوات من الغياب القسري عن الساحة الدولية".
وأكد الوزير أن سوريا "منفتحة على المجتمع الدولي وتتطلع إلى أن تُعامَل بالمثل"، مشدداً على أن "شعبنا يستحق أن يُمنح الثقة، وهو أهل لها، سواء في الداخل أو بين أبنائنا في الشتات، ممن يتطلعون إلى الإسهام في إعادة بناء وطنهم".
وبشأن العقوبات، قال الشيباني: "نحتاج اليوم إلى رفع القيود الاقتصادية المفروضة على بلدنا، والمساعدة في إنعاش الاقتصاد السوري"، مضيفاً أن "زوال أسباب العقوبات يفرض إنهاءها، فلا يجوز أن تبقى أدوات لمعاقبة الشعب وعرقلة مسيرة التعافي الوطني".
وفيما يتعلق بعلاقات سوريا الإقليمية، أكد وزير الخارجية أن "يدنا ممدودة إلى جميع دول الجوار"، مشيراً إلى أن هناك مصالح مشتركة عديدة مع العراق، قائلاً: "لا خلافات بيننا حالياً مع العراق، ونتشارك معه التحديات الأمنية والاقتصادية، ونأمل في تجاوزها عبر التعاون البنّاء".
ويأتي هذا الحدث في إطار زيارة رسمية يجريها وفد حكومي سوري إلى الولايات المتحدة، هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عقدين، للمشاركة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، بالإضافة إلى سلسلة من اللقاءات السياسية والدبلوماسية في نيويورك.
ويضم الوفد السوري كلاً من وزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير المالية محمد يسر برنية، إلى جانب حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور عبد القادر الحصرية. وقد توزع برنامج الزيارة بين شقين: سياسي بقيادة الشيباني في نيويورك، ومالي يقوده برنية والحصرية في العاصمة واشنطن، بينما أعلن وزير الاقتصاد والصناعة نضال الشعار عن نية زيارة مقبلة إلى الولايات المتحدة لتعزيز التعاون مع الجالية السورية-الأميركية وفتح آفاق جديدة للاستثمار.
وتسعى الحكومة السورية الجديدة، التي تولت السلطة بعد الإطاحة بالنظام السابق في ديسمبر 2024، إلى طي صفحة العزلة السياسية، والانخراط مجددًا في النظام المالي الدولي، في خطوة تهدف إلى تأمين دعم اقتصادي عاجل لإعادة الإعمار وتحسين الوضع المعيشي في البلاد، بعد سنوات من الحرب والانهيار المؤسسي.
وفي هذا السياق، أكدت وزارة الخارجية الأميركية إصدار تأشيرات دخول استثنائية للوزراء السوريين المشاركين، في إشارة يُنظر إليها على أنها خطوة أولى نحو تخفيف تدريجي للعقوبات المفروضة على سوريا. وقد لاقت هذه الخطوة ترحيبًا واسعًا من الجاليات السورية في المهجر، ومن منظمات أميركية دعت مرارًا إلى انفتاح مشروط على الحكومة السورية الجديدة.
ورغم عدم الإعلان بعد عن لقاءات رسمية بين وزير الخارجية السوري ومسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب، إلا أن مصادر دبلوماسية أشارت إلى وجود اتصالات غير مباشرة عبر قنوات أممية ودبلوماسية أوروبية.
وتعكس هذه التحركات جزءاً من رؤية استراتيجية شاملة تتبناها الحكومة السورية الجديدة، تقوم على إعادة بناء الثقة الدولية، واستقطاب الاستثمارات، وتطوير البنية التحتية، في إطار انتقال فعلي نحو مرحلة ما بعد الحرب، قائمة على الانفتاح والتكامل الإقليمي والدولي، بما يعزز من استقرار البلاد ومكانتها على الساحة العالمية.