صورة
صورة
● أخبار سورية ١٢ أبريل ٢٠٢٥

"الشيباني" يترأس وفد سوري رفيع إلى واشنطن الأسبوع المقبل

كشفت مصادر دبلوماسية غربية عن زيارة مرتقبة لوفد حكومي سوري رفيع المستوى إلى العاصمة الأمريكية واشنطن الأسبوع المقبل، في خطوة تعد الأولى من نوعها منذ أكثر من عقد، وتأتي في سياق الانفتاح التدريجي الذي تشهده سوريا على الساحة الدولية عقب تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة.

ويرأس الوفد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ويضم في عضويته وزراء من وزارات الخارجية والمالية والاقتصاد، إضافة إلى مسؤولين من المصرف المركزي السوري. وتتمثل الغاية الرسمية من الزيارة في حضور الاجتماعات الربيعية المشتركة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي تُعقد هذا العام في واشنطن في الفترة ما بين 15 و20 نيسان/أبريل.

ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن الوفد السوري سيجري لقاءات جانبية على هامش الاجتماعات مع ممثلي الإدارة الأمريكية، بالإضافة إلى وفود من مؤسسات مالية دولية ودول عربية وأوروبية مشاركة في المؤتمر.

وتكتسب هذه الزيارة أهمية سياسية واقتصادية بالغة، إذ تُعتبر بمثابة اختبار دبلوماسي مهم للحكومة الانتقالية الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع، وفرصة لترسيخ حضور سوريا في المحافل الدولية بعد سنوات من العزلة.

كما تعكس الزيارة، بحسب مراقبين، تحوّلًا نوعيًا في مسار العلاقة بين دمشق والمؤسسات الدولية، وتفتح الباب أمام نقاشات محتملة حول مسارات دعم إعادة الإعمار، وتخفيف القيود المالية، والتعاون في ملفات الإصلاح الاقتصادي ضمن بيئة ما بعد الحرب.

رويترز: وزراء بارزون في طريقهم إلى واشنطن
وذكرت وكالة رويترز، نقلاً عن أربعة مصادر مطلعة، أن الوفد السوري سيضم وزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير المالية محمد يسر برنيه، ومحافظ البنك المركزي عبد القادر حصرية. وأضاف مصدران من بين الأربعة أن حصول أعضاء الوفد على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة لا يزال غير مؤكد حتى لحظة إعداد التقرير.

أول زيارة منذ الإطاحة بالأسد
تشكل هذه الزيارة أول تمثيل رسمي من السلطات السورية الجديدة إلى الولايات المتحدة منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي، وهي أيضاً أول مشاركة لدمشق في اجتماعات دولية بهذا المستوى منذ نحو عقدين.

جدول اللقاءات والملفات المرتقبة
وبحسب المصدرين الآخرين، من المتوقع عقد اجتماع رفيع المستوى على هامش اجتماعات البنك وصندوق النقد، مخصص لمناقشة جهود إعادة إعمار سوريا، في ظل تدهور حاد طال البنية التحتية للبلاد بسبب الحرب المستمرة منذ عام 2011.

رهانات سياسية واقتصادية
تسعى الحكومة الانتقالية، ذات التوجه الإسلامي المعتدل، إلى إعادة بناء العلاقات الخارجية لسوريا، والحصول على دعم دولي واسع لعملية إعادة الإعمار، في ظل استمرار العقوبات الأمريكية المفروضة منذ عهد النظام السابق.

ورغم إصدار الإدارة الأمريكية في يناير الماضي إعفاءً مؤقتاً لبعض العقوبات لتسهيل المساعدات الإنسانية، إلا أن هذا الإجراء لم يُحدث التأثير المرجو على أرض الواقع. وتشير تقارير إلى تعثر جهود تأمين تمويل خارجي لتغطية رواتب القطاع العام، وسط مخاوف من خرق العقوبات المفروضة.

موقف واشنطن: انقسام داخلي
ونقلت رويترز عن دبلوماسيين ومصادر أمريكية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب لم تُبدِ تفاعلاً ملموسًا مع الحكومة السورية الجديدة، ويعود ذلك جزئياً إلى الانقسام داخل البيت الأبيض بشأن آلية التعامل مع دمشق. ويفضّل بعض المسؤولين نهجًا أكثر صرامة، مبررين موقفهم بعلاقات سابقة بين بعض عناصر القيادة السورية الحالية وتنظيمات جهادية خلال فترات سابقة من الحرب.

السفارة الأمريكية ترحب بالإعلان الدستوري وتشكيل الحكومة: خطوة نحو سوريا أكثر شمولاً
وكانت أعربت السفارة الأمريكية في سوريا عن ترحيبها بالإعلان الدستوري الذي صدر مؤخراً، وبتشكيل الحكومة السورية الجديدة، معتبرة أن هذه الخطوة قد تمثل انطلاقة نحو مرحلة أكثر شمولية وتنوعاً في المشهد السياسي السوري.

وقالت السفارة في منشور لها على منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "ترحب الولايات المتحدة بالإعلان الدستوري وتشكيل الحكومة السورية، وتأمل أن تكون هذه الخطوة بداية نحو بناء سوريا شاملة لكل مكوناتها".

ويأتي هذا الموقف الأمريكي في وقت تحاول فيه الحكومة السورية الجديدة كسب اعتراف دولي أوسع، وسط مساعٍ لتعزيز الاستقرار الداخلي وإطلاق مسار إصلاحات سياسية وقانونية تشمل المؤسسات السيادية والمدنية على حد سواء.

في السياق، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، إن الحكومة السورية الجديدة بدت كأنها تشمل مجموعات إضافية في سوريا، لكن لا يزال هناك "الكثير مما يجب القيام به"، مشيرة إلى أن واشنطن تنتظر من دمشق أن تتخذ المزيد من الإجراءات.

وأضافت بروس خلال مؤتمر صحفي، أن واشنطن تدعو دمشق إلى "الالتزام بقانون حقوق الإنسان والقوانين العامة التي تحكم أي حكومة لائقة، وطبيعة الخيارات التي تتخذها"، مضيفة: "من الواضح أن هناك توقعات لم تتحقق بعد، لذا فنحن ننتظر لنرى ما سيفعلونه".

وسبق أن قال الباحث في معهد شرق الأوسط بواشنطن، سمير التقي، إن رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا يتطلب جهدًا سياسيًا ودبلوماسيًا كبيرًا، مشيرًا إلى أن السوريين يجب أن يتوجهوا إلى الكونغرس الأمريكي لتحقيق هذا الهدف. 

وأشار التقي إلى أن رفع العقوبات يواجه صعوبات في الكونغرس الأمريكي بسبب القوى المتنفذة داخل المؤسسة التشريعية، التي تحتاج إلى توافق بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وحتى داخل كل حزب على حدة. وأكد على ضرورة القيام بحملة واسعة في الكونغرس من أجل التأثير على القرار، بالإضافة إلى ضرورة تحسين الصورة الإيجابية لسوريا في المستقبل، وتحقيق ضمانات لطمأنة المجتمع الدولي.

تزامن الزيارة مع قرار واشنطن ضد بعثة سوريا في الأمم المتحدة


الزيارة تأتي بعد أيام فقط من قيام الولايات المتحدة بتخفيض الوضع القانوني لبعثة النظام السوري في نيويورك، وتحويل تأشيرات دبلوماسييها من الفئة G1 (المخصصة لحكومات معترف بها) إلى G3 (الخاصة بحكومات لا تعترف بها واشنطن)، وهو ما وصفته الخارجية الأمريكية بأنه “إجراء إداري يعكس السياسة الحالية لعدم الاعتراف بالنظام السابق”.

في المقابل، أكدت وزارة الخارجية السورية الجديدة أن هذا الإجراء “لا يمس شرعية الحكومة الانتقالية”، واعتبرته ضمن مراجعة شاملة لأوضاع البعثات السورية حول العالم.

ورغم أن الأمم المتحدة شددت على أن عضوية سوريا باقية كما هي،  إلا أن القرار الأمريكي أكد أن واشنطن لم تعترف بعد بالحكومة السورية الجديدة، وفي الوقت نفسه لم تعد تعترف بالبعثة التي عينها نظام الأسد سابقًا، والتي ما تزال تُمثل سوريا شكليًا في الأمم المتحدة، رغم سقوط النظام الذي عينها.


هل تُمهّد هذه الزيارة لتغيّر في الموقف الأمريكي؟


ترى دوائر سياسية أن السماح لوفد رسمي سوري بدخول واشنطن والمشاركة في اجتماعات رسمية، إلى جانب لقاءات مرتقبة مع نواب في الكونغرس، بينهم جو ويلسون المعروف بدعمه للانتقال السياسي والذي يطالب بالاعتراف بحكومة الشرع وبرفع العقوبات عن سوريا، وهو ما يمثل خطوة غير مباشرة نحو فتح قنوات التواصل مع دمشق الجديدة.

ورغم أن الطابع الرسمي للزيارة اقتصادي، إلا أن المراقبين يتوقعون طرح ملفات أوسع مع سياسيين أمريكين ودوليين من بينها رفع العقوبات أو تخفيفها، والمساعدة في إعادة الإعمار، وربما التطرق لملفات أخرى منها التواجد الروسي في سوريا والتعامل مع ايران وميليشياتها في المنطقة، وأيضا السلام مع اسرائيل.

وتوقعت مصادر أن تسعى الحكومة السورية إلى طمأنة المؤسسات الدولية بشأن توجهاتها السياسية، وأن تعرض رؤية متكاملة لـ “بناء الدولة بعد الأسد”.

ورغم غياب الاعتراف الرسمي الأمريكي بسوريا الجديدة حتى الآن، فإن التطورات المتسارعة تُشير إلى أن واشنطن باتت تتعامل مع سوريا على أساس واقع جديد، قد يكون بصدد التبلور دبلوماسيًا خلال الأسابيع القادمة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ