
"الشيباني" لأول مرة في مجلس الأمن: سوريا ترفع علمها الجديد وتفتح أبوابها للعدالة والتعاون الدولي
عقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة 25 نيسان، اجتماعه الشهري لبحث آخر التطورات السياسية والإنسانية في سوريا، بمشاركة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، تليه جلسة مشاورات مغلقة، وذلك بالتزامن مع مراسم رسمية لرفع العلم السوري الجديد أمام مقر الأمم المتحدة، في حدث بارز يجسد وصول أرفع مسؤول سوري منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد.
شهدت جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة لبحث التطورات في سوريا، سلسلة من المداخلات الهامة من قبل ممثلي الدول الكبرى، رحبت بمعظمها بمشاركة وزير الخارجية السوري السيد أسعد الشيباني، في أول حضور علني لمسؤول رفيع من الحكومة السورية الجديدة، بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024.
الشيباني أمام مجلس الأمن: علم سوريا عاد مرفوعاً.. وبدأنا مرحلة بناء السلام والعدالة
وألقى وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية، السيد أسعد الشيباني، كلمة أمام مجلس الأمن الدولي، في أول ظهور رسمي لمسؤول حكومي سوري رفيع المستوى داخل أروقة الأمم المتحدة منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، مؤكداً أن سوريا اليوم تدخل مرحلة جديدة قائمة على السلام والعدالة والانفتاح الدولي.
وقال الشيباني، في مستهل كلمته خلال الجلسة الخاصة ببحث تطورات الوضع السوري، إنه "رفع علم الجمهورية العربية السورية في مقر الأمم المتحدة إلى جانب أعلام 193 دولة، وهو علم يمثل رمزاً للتغيير بعد سنوات من الألم والضحايا"، مضيفاً أن بلاده بدأت "تلتقط أنفاسها مجدداً، وتستقبل أبناءها العائدين والوفود الدولية التي تشهد على بداية جديدة لسوريا".
وأوضح الشيباني أن ما تعيشه سوريا اليوم هو "سوريا مختلفة عمّا كانت عليه في عهد النظام السابق"، مشدداً على أن الحكومة الجديدة "ستظل تعمل بلا كلل من أجل ترسيخ قيم العدالة وتحقيق الإنصاف لكل من تضرر من منظومة الاستبداد".
نهاية مرحلة العزل.. وبداية شراكة دولية
ولفت الوزير السوري إلى أن "المنظمات الدولية الكبرى مُنحت ولأول مرة وصولاً مباشراً إلى الأراضي السورية"، وهو أمر "طالما رفضه النظام السابق"، مؤكداً أن بلاده "تنسق حالياً مع المجتمع الدولي في ملفات مكافحة الإرهاب، وملف الأسلحة الكيميائية، وتعمل بشكل حثيث على تجفيف منابع المخدرات التي كانت تشكل تهديداً للمنطقة برمتها".
وتابع الشيباني قائلاً: "أصبحنا اليوم نرمي الزهور لا البراميل، ونسعى لاستبدال صور الدمار بأخرى تعكس الحياة والكرامة". كما أعلن عن قرب تشكيل "هيئة العدالة الانتقالية"، وهيئة معنية بملف "المفقودين"، ضمن إطار مسار وطني شفاف لمعالجة تداعيات الماضي.
فلول النظام تحاول إشعال الفتنة.. وسوريا موحدة
وحمّل وزير الخارجية السوري فلول النظام السابق مسؤولية محاولة إشعال صراع أهلي في الساحل السوري مؤخراً، مشيراً إلى أن الدولة تعاملت مع الأحداث "بمسؤولية وشفافية"، مؤكداً أن الفصائل المسلحة تم توحيدها ضمن جيش وطني واحد، في إطار إنهاء حالة الفصائلية، وإعادة ترسيخ مفهوم المؤسسة العسكرية المهنية.
كما شدد على أن "سوريا بلد التنوع وليست دولة مقسّمة على أسس طائفية أو فئوية"، كاشفاً عن عودة عدد من المواطنين السوريين اليهود إلى البلاد بعد غياب طويل، لتفقد معابدهم ومناطقهم الأصلية، في إشارة رمزية إلى مرحلة جديدة من المصالحة الوطنية والانفتاح الاجتماعي.
العقوبات تهدد الاقتصاد.. وندعو لوقف الاعتداءات الإسرائيلية
وتطرق الشيباني إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلاده، معتبراً أنها باتت "تثقل كاهل الشعب وتمنع دخول رؤوس الأموال اللازمة لإعادة الإعمار"، داعياً المجتمع الدولي إلى رفع هذه العقوبات فوراً كجزء من دعم استقرار البلاد ومرحلة ما بعد النزاع.
وفيما يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، قال الشيباني إن "تلك الهجمات تمثل تهديداً مباشراً للاستقرار الإقليمي"، مطالباً مجلس الأمن بالتحرك الجاد للضغط على إسرائيل من أجل وقف انتهاكاتها المتواصلة.
دعوة إلى الشراكة والتعاون
واختتم وزير الخارجية السوري كلمته بالتأكيد على أن بلاده "منفتحة على التعاون مع المجتمع الدولي، وتنتظر المعاملة بالمثل"، مشيراً إلى أن "الشعب السوري يستحق أن يُمنح الثقة في قدرته على بناء دولة مستقرة تحترم القانون وتعيد لأبنائها كرامتهم".
كما شدد على أهمية بناء شراكات إقليمية ودولية قائمة على المصالح المتبادلة، وأكد أن سوريا الجديدة لن تكون ساحة نفوذ أو منصة للصراعات، بل دولة تسعى إلى الأمن، والعدالة، والازدهار المشترك.
ترحيب واسع بظهور سوريا الجديد ودعوات لرفع العقوبات ووقف الاعتداءات الإسرائيلية
شهدت جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة لبحث التطورات في سوريا، سلسلة من المداخلات الهامة من قبل ممثلي الدول الكبرى، رحبت بمعظمها بمشاركة وزير الخارجية السوري السيد أسعد الشيباني، في أول حضور علني لمسؤول رفيع من الحكومة السورية الجديدة، بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024.
المملكة المتحدة: لحظة تاريخية لسوريا
ممثل المملكة المتحدة شدد على أن سوريا تمرّ بلحظة تاريخية لرسم مستقبل أكثر أماناً واستقراراً، مشيراً إلى أن بلاده تقف إلى جانب الشعب السوري خلال هذه المرحلة المفصلية. وأعرب عن قلق لندن من الإجراءات الإسرائيلية التي من شأنها تهديد استقرار المنطقة، مطالباً بضرورة الالتزام الكامل باتفاق فك الاشتباك لعام 1974.
روسيا: يجب احترام سيادة سوريا ووقف الاعتداءات
من جهته، دعا المندوب الروسي إسرائيل إلى الانسحاب الفوري من الأراضي السورية ووقف الهجمات التي تستهدف مناطق داخل البلاد، مؤكداً على وجوب احترام عبارة "سيادة سوريا على أراضيها" من قبل جميع الدول المجاورة دون استثناء. وأشار إلى أن الحكومة السورية أبدت استعدادها الكامل لبناء علاقات بنّاءة مع دول الجوار كافة.
وأكد المسؤول الروسي أن الوضعين الاجتماعي والاقتصادي في سوريا لا يزالان صعبين، مشدداً على أن الأمم المتحدة مطالبة بأخذ احتياجات النازحين والسكان في المناطق الساحلية وفي محيط قاعدة حميميم بعين الاعتبار. كما نوه إلى أن نسبة التمويل التي وصلت حتى الآن لخطة الاستجابة الإنسانية لم تتجاوز 9 في المئة من المبلغ المطلوب.
الولايات المتحدة: نرحب ونتابع
بدورها، رحبت سفيرة الولايات المتحدة بحضور وزير الخارجية السوري إلى الجلسة، وأشادت بدعم مجلس الأمن للتحقيقات الجارية في الجرائم التي ارتكبها النظام السابق. كما عبّرت عن ترحيب واشنطن بالتقدم المحرز في اتفاق "سد تشرين"، وأكدت أن مساءلة المتورطين بأحداث الساحل خطوة أساسية لإثبات أن لا أحد فوق القانون.
وأشارت إلى أن بلادها تنتظر من دمشق اتخاذ خطوات ملموسة لتدمير ما تبقى من أسلحة الدمار الشامل، ولضبط النفوذ الإيراني في سوريا. وأضافت أن الشعب السوري "يستحق قيادة تنقله نحو مستقبل أفضل من ذاك الذي عاشه تحت حكم الأسد"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تواصل مراقبة أفعال السلطات السورية الجديدة عن كثب.
وفي الشق الأمني، دعت السفيرة الأمريكية الدول المعنية إلى تسريع عمليات ترحيل مواطنيها المنتمين إلى تنظيم "داعش"، وأكدت أن القوات الأمريكية نفذت كافة الإجراءات الضرورية لمنع التنظيم من إعادة تنظيم صفوفه. كما أكدت أن القيادة المركزية الأمريكية تبقى في حالة استعداد دائم للتعامل مع أي تهديد إرهابي محتمل، مع استمرار التنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية.
الأمم المتحدة: سوريا تعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم
وفي كلمتها، أكدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن سوريا تمر بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، مشيرة إلى أن الاتفاق الأخير في شمال شرقي سوريا انعكس إيجاباً على المدنيين، لكنه لم يوقف تداعيات الانهيار الاقتصادي. كما حذّرت من احتمال إغلاق مستشفيات في دير الزور وشمال غربي البلاد بحلول نهاية الشهر المقبل، بسبب نقص التمويل والدعم الدولي.
المبعوث الأممي إلى سوريا: انتقال سياسي مشجع لكنه هش
من ناحيته، أكد المبعوث الأممي إلى سوريا أن الشعب السوري يُظهر عزيمة واضحة لإنجاح العملية الانتقالية، لافتاً إلى أن تشكيل "مجلس الشعب السوري المؤقت" يمثل خطوة جوهرية في هذا المسار. وذكر أن الإعلان الدستوري أسهم في سد جزء من الفراغ القانوني الذي خلّفه انهيار مؤسسات الدولة السابقة.
وفي الوقت ذاته، شدد على ضرورة محاسبة جميع المتورطين في أحداث الساحل بعد انتهاء التحقيقات الجارية، مؤكداً أن التوغلات الإسرائيلية المستمرة تؤجج التوتر في سوريا ويجب أن تتوقف فوراً. كما دعا إلى الرفع العاجل للعقوبات المفروضة على سوريا لدعم عملية إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن الوضع لا يزال هشاً ويتطلب دعمًا دوليًا متواصلاً، خصوصاً في ما يتعلق بتعزيز شعور الانتماء لدى بعض شرائح المجتمع التي لا تزال تشعر بالإقصاء.
مندوب تركيا: الإدارة السورية أنجزت ما كان يُعدّ مستحيلاً ونطالب بدعم دولي حقيقي لإعادة الإعمار
أشاد المندوب التركي الدائم لدى الأمم المتحدة بالخطوات التي اتخذتها الإدارة السورية الجديدة خلال الأشهر الماضية، واصفاً إياها بأنها "تقدّم غير مسبوق" في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها البلاد، مضيفاً أن ما تحقق خلال هذه الفترة القصيرة "كان يُعتبر من قبل كثيرين ضرباً من المستحيل".
وأشار المندوب التركي في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي إلى أن التحولات الجارية في سوريا "تؤسس لمرحلة انتقالية سلمية ومصالحة وطنية حقيقية، بعد عقود من القمع وسفك الدماء"، مشدداً على ضرورة أن يترافق ذلك بدعم ملموس من المجتمع الدولي.
ودعا إلى "مشاركة دولية فعالة في مسار إعادة إعمار سوريا"، مع التأكيد على أهمية رفع العقوبات الاقتصادية التي تعيق عملية التعافي وتهدد الاستقرار المعيشي للسوريين.
ونوّه المندوب التركي بما وصفه "تطوراً واضحاً في قدرات المؤسسات الحكومية السورية"، لافتاً إلى أن هذه المؤسسات "تظهر تماسكا لافتا وقدرة على حفظ النظام العام في مختلف المناطق".
وفي السياق ذاته، أعرب عن قلق بلاده البالغ من "العدوان الإسرائيلي المتكرر على الأراضي السورية"، معتبراً أن هذه الهجمات تمثل "انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية وتهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة بأكملها".
وأضاف: "نُدين بشدة الضربات الجوية الإسرائيلية داخل سوريا، وندعو إلى وقفها الفوري واحترام اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974".
واختتم المندوب التركي مداخلته بالتأكيد على استعداد أنقرة للتعاون مع السلطات السورية في ملفات متعددة، أبرزها "تأمين مراكز الاحتجاز في شمال شرقي البلاد"، بما يخدم الاستقرار الأمني والحد من مخاطر التهديدات العابرة للحدود.
خلاصة الجلسة
عكست الجلسة توجهًا دوليًا مشتركًا نحو التعامل مع الحكومة السورية الجديدة بانفتاح مشروط بالإصلاحات، ومساءلة المتورطين بجرائم الحرب، ووقف أي نفوذ خارجي مزعزع للاستقرار. فيما شددت معظم المداخلات على أن رفع العقوبات، وتعزيز الدعم الإنساني، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، باتت ضرورات لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في سوريا.