
الشرع يحذر من تعثر دمج "قسد": تركيا قد تتحرك عسكرياً قبل نهاية العام
حذر الرئيس أحمد الشرع من أن فشل مسار دمج "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) قبل نهاية العام الجاري قد يدفع تركيا إلى تحرك عسكري، متهماً بعض الأجنحة داخل "قسد" وحزب العمال الكردستاني بعرقلة تنفيذ الاتفاقات القائمة.
وقال الشرع، في تصريحات نقلتها صحيفة "ملييت" التركية، إن مشاركته المرتقبة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل "سابقة تاريخية"، إذ ستكون المرة الأولى منذ ستة عقود التي يشارك فيها رئيس سوري في هذه الاجتماعات.
واعتبر ذلك "منعطفاً جديداً" يعكس – بحسب تعبيره – انضمام سوريا إلى النظام الدولي بعد أن "لم تعد دولة مصدّرة للمخدرات أو اللاجئين أو الإرهاب"، مشيراً إلى أن 90% من تجارة المخدرات توقفت وأن نحو مليون لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم رغم عدم انطلاق عملية الإعمار بعد.
وحول المفاوضات مع إسرائيل عقب الهجوم الأخير على قطر، قال الشرع: "إذا كان السؤال هل أثق بإسرائيل؟ فالجواب: لا أثق بها"، معتبراً أن استهداف إسرائيل لمبنى الرئاسة ووزارة الدفاع "إعلان حرب".
لكنه شدد في الوقت ذاته على أن "التوصل إلى اتفاق أمني مع إسرائيل لا مفر منه"، بينما يبقى الالتزام الإسرائيلي موضع شك، وأوضح أن سوريا "تعرف كيف تحارب لكنها لم تعد تريد الحرب"، مؤكداً أن أحداث السويداء الأخيرة كانت "فخاً مدبراً" في وقت كانت المفاوضات على وشك الانتهاء.
ورفض الرئيس الشرع مطالب "قسد" المتعلقة باللامركزية، موضحاً أن القانون السوري رقم 107 يضمن أصلاً نسبة 90% من اللامركزية الإدارية، واصفاً هذه المطالب بأنها "غطاء للنزعة الانفصالية". واستعاد لقاؤه الأول مع قائد "قسد" مظلوم عبدي قائلاً: "إذا جئت للمطالبة بحقوق الأكراد فلا داعي، فمبدئي أن الأكراد مواطنون سوريون متساوون، وأنا أحرص على حقوقهم أكثر منك".
وأشار الشرع إلى أن اتفاق 10 آذار شكّل للمرة الأولى مساراً مدعوماً من الولايات المتحدة وتركيا للحل، لكن بعض الأجنحة داخل "قسد" وحزب العمال الكردستاني عمدت إلى عرقلته، لافتاً إلى أن "قسد" تجاهلت دعوة عبد الله أوجلان لحل نفسها وأصبحت تشكل تهديداً للأمن القومي في تركيا والعراق. وألمح إلى أن صبر أنقرة قد ينفد مع نهاية العام إذا لم يتحقق الاندماج، مؤكداً أن تركيا امتنعت سابقاً عن شن عمليات عسكرية ضد "قسد" استجابة للجهود السورية.
في السياق ذاته، كان دعا وزير الدفاع التركي يشار غولر التنظيمات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وفي مقدمتها وحدات حماية الشعب (YPG) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إلى إنهاء أنشطتها وتسليم أسلحتها بشكل فوري ودون شروط.
وقال غولر خلال مشاركته في مراسم "يوم المحاربين القدامى" بموقع أتاتورك الثقافي التابع لوزارة الدفاع الوطني في أنقرة، إن تركيا "لن تسمح لأي تنظيم إرهابي بأن يترسخ في المنطقة أو ينشط تحت مسميات مختلفة"، مشدداً على أن العملية الجارية "تستند إلى عقل الدولة العريق والوعي الوطني التاريخي، وتستهدف بناء مستقبل آمن للأجيال المقبلة بلا دماء أو دموع".
وأوضح الوزير أن العملية الجديدة تهدف إلى التخلص من "آفة الإرهاب" التي تهدد أمن تركيا منذ أكثر من 40 عاماً، وضمان مستقبل أبناء البلاد، مؤكداً أنه "لا مجال للتنازل أو المساومة" وأن جميع الخطوات تُتخذ بما يحفظ كرامة الشهداء وتضحيات المحاربين القدامى.
وسبق أن جدّد المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية، العميد البحري زكي أكتورك، موقف أنقرة الرافض للانسحاب من الأراضي السورية في المرحلة الراهنة، موضحاً أن الوجود العسكري التركي يستند إلى "حق الدفاع المشروع وفق القانون الدولي"، وأن إعادة النظر في هذا الوجود لن تتم إلا بعد تحقق أمن الحدود بشكل كامل وزوال التهديد الإرهابي نهائياً.
تجمع هذه التصريحات والتحركات بين تحذير دمشق من فشل دمج "قسد" واستعداد أنقرة للتحرك العسكري، وبين سعي الرئيس الشرع إلى تثبيت حضور سوريا على الساحة الدولية عبر مشاركته المرتقبة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويرى مراقبون أن هذا المشهد يعكس تداخلاً غير مسبوق بين المسارين الداخلي والإقليمي، ويضع مستقبل الملف الكردي في قلب الحسابات الأمنية والسياسية للمرحلة المقبلة.