
"الشرارة" يُعرض في درعا: وثائقي يُعيد رسم لحظة انطلاق الثورة السورية
شهد المركز الثقافي في مدينة درعا، اليوم الثلاثاء، عرض الفيلم الوثائقي "الشرارة"، الذي يُوثق البدايات الأولى للثورة السورية، بحضور عشرات الوجهاء وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، في مشهد أعاد للأذهان لحظات مفصلية من تاريخ البلاد الحديث.
رواية بصرية توثق البداية
يسرد الفيلم أبرز المحطات التي شهدتها محافظة درعا في الأيام الأولى للثورة، مستعرضاً مشاهد حصرية لسقوط أول تمثال لحافظ الأسد في مدينة داعل، ومقتل أول شابين برصاص قوات النظام. كما يُسلط الضوء على قضية اعتقال الأطفال في درعا، التي شكّلت شرارة الغضب الشعبي في 18 مارس/آذار 2011.
المخرج محمد المسالمة، المقيم في ألمانيا، أوضح في تصريح لموقع الجزيرة نت، أن العمل هو ثمرة جهد دام سنوات، وشارك فيه عدد من النشطاء والإعلاميين من داخل درعا وخارجها، بهدف حفظ سردية الثورة بصرياً. وأشار إلى أن الفيلم يستند إلى أرشيف نادر يُعرض للمرة الأولى، ويُجسد لحظة انفجار الغضب الشعبي قبل 14 عاماً.
أول عرض في درعا بعد سقوط الأسد
ويُعد "الشرارة" أول فيلم وثائقي يُعرض في مدينة درعا منذ سقوط نظام بشار الأسد، بحسب ما أكده المسالمة، الذي عبّر عن مشاعر متضاربة من الفرح لعرض الفيلم والحزن لعدم تمكنه من حضور العرض بسبب بُعد المسافة. وأكد أن العمل جارٍ حالياً على نسخة مطوّلة سيتم عرضها في دمشق، وفي الجامعات والمدارس السورية لاحقاً.
وأضاف المسالمة: "وقوفي على المسرح في سوريا هو حلم مؤجل، لكني مؤمن أن هذا الفيلم ليس مجرد عمل فني، بل وثيقة تحفظ الذاكرة الوطنية وتنقلها للأجيال القادمة".
وثيقة من رحم الميدان
المصور محمود المسالمة، أحد المشاركين في إنتاج الفيلم، أوضح في حديثه للجزيرة نت أن "الشرارة" جمع بين نشطاء عايشوا لحظة انطلاق الثورة وأشخاص احتفظوا بأرشيفها على مدى سنوات. وأضاف أن مقاطع الفيديو التي التُقطت خلال تلك الفترة تم تنسيقها لتقديم سرد بصري صادق وموثوق يعكس حجم التضحيات التي قدمها أبناء درعا.
ودعا المصوّر جميع العاملين في المجال الإعلامي إلى إنتاج مزيد من الوثائقيات المشابهة، مؤكداً أن هذه الأعمال ستكون "المرجع الثابت لسرد الحقيقة، والرد على محاولات طمسها".
تفاعل واسع ومرحلة جديدة
لاقى العرض تفاعلاً كبيراً من الحضور، الذين اعتبروا الفيلم وثيقة حيّة تسلط الضوء على لحظة فارقة من تاريخ سوريا. ويأتي عرضه في وقتٍ تشهد فيه درعا مرحلة جديدة من العمل المدني وحرية التعبير، بعد سنوات من التعتيم والتضييق.
"الشرارة" لم يكن مجرد عرض سينمائي، بل محطة مؤثرة في استرجاع ذاكرة الثورة، ونداء بصرخة الحق الذي انطلق من درعا، ليظل حياً في وجدان السوريين.