الساروت في جلسة مع "شام" : الثورة ليس لها ثروة .. لا حلم لدي إلا العودة من جديد
الساروت في جلسة مع "شام" : الثورة ليس لها ثروة .. لا حلم لدي إلا العودة من جديد
● أخبار سورية ١٤ يونيو ٢٠١٦

الساروت في جلسة مع "شام" : الثورة ليس لها ثروة .. لا حلم لدي إلا العودة من جديد

وضع في صدارة الأسماء التي استحوذت على لقب أيقونة الثورة و هو بعيد المنال، تصدح أناشيده و يدغدغ صوته مشاعر ملايين السوريين، بكوا معه و ضحكوا معه ، اختلفوا حول توجهاته لكن لم يختلفوا حول صدق انتمائه  للثورة

جنة.. جنة.. جنة .. يا يمة ثوب جديد زفيني جيتك شهيد ... عبد الباسط ساروت ابن الـ ٢٥ عاماً، ستة منها مضت في رحى الثورة، من شابٍ يانع وبطل على مستوى آسيا بلعبة الجماهير، الى منشد في ساحات الحرب و حارات الجماهير في حمص العدية، ثم قائد فصيل عسكري في حص وريفها بين الجبال، قاتل وخسر في معارك عديدة عشرات المقاتلين من رفاق الدرب، لينتقل إلى مطارد وملاحق من الأمن، وفي النهاية ملاحق بتهم من بعض الفصائل في الثورة على رأسها جبهة النصرة وأحرار الشام، وبعد أن كانت الكاميرات تلاحقه لتتغنى بالناشئ والشاب الذي كان يهدف لأن يكون نجماً في سماء كرة القدم، تحول الساروت الى نجم من نوع آخر في سماء الثورة السورية

الثورة هي .... "الشعب" :

بنظرة رجلٍ عاصر كافة مراحل الثورة من السلمية الى العسكرية وحتى الروسية، بانتصاراتها وانهزاماتها ، حصارها و انتشارها، وبين هروب بين جبال وصحراء، يلخص الساروت الثورة بأنها "الشعب، والثورة لم تتعب ولن تتعب، ولانهاية لها إلا بسقوط الأسد، السقوط الذي لن يكون إلا بالقوة و الحرب، ولا يطيل عمر نظام الأسد إلا السياسات والغايات"

عبد الباسط الله يحميك هي ما أبحث عنه :

عبد الباسط إسم يختلف الكثيرون حوله و خصوصاً فيما يتعلق بالمرحلة الأخيرة من مسيرته في الثورة، ورغم كل ذلك لن تجد أحداً يشتمه او يشكك فيه لأنه من الأيقونات النادرة التي بقيت وحافظت على وجودها ورونقها في الثورة السورية، ويعزوا الساروت سبب محبة الناس له الى أنها من الله، لا يدغدغ مشاعره الألقاب على اختلاف أنواعها ، و لكن يقول مع ابتسامة رضا عارم " عبد الباسط الله يحميك" هي ما تسعده و يجد فيها مبتغاه

صاحب الشعر الأشعث والجسد الهرم :

كان يخيل لي قبل أن ألتقيه أنه سيكون فظاً و قد أخذ السلاح من وداعته وقلبه، فوجدته شاباً أشعث الشعر، يقوم على جسد هرم من كثرة الإصابات، في قلبه يحمل طفل بريء، لا تحتاج لأكثر من نصف ساعة حتى يتحول عبد الباسط كفرد من عائلتك

بعضٌ من خلافاته التي يرفض الغوص فيها :

يحاول الساروت الهروب من الحديث عن أمر يتعلق بشخصه، و يقول أنه من غير المعقول أن تسفك دماء السوريين في حلب وحمص وادلب والغوطة وكل سوريا، و يأتي ليتحدث عن خلاف حدث معه هنا أو مشكلة وقع بها هناك، ورغم ذلك لم يستطع أن يخفي القصة كثيراً لأنه يرى في حلها البوابة التي ستمكنه من الولوج إلى سوريا من جديد.

يرفض التعميم في أي شيء، حتى في الخلافات التي دفعته للخروج من سوريا ، يرفض التعميم اتجاه كل من لاحقه، و عندما يأتي الحديث عن الأخبار الحالية من وجود نصر هنا و صمود اسطوري هناك، يكرر الساروت نفس الجملة " مازال في الثورة ٢٠٪ من الرجال المجاهدين، هؤلاء من يجعلون الجميع يقفون باستعداد أمام الثورة"

لو انطلقت الثورة من الكنائس لخرجت معها :

لا يؤكد الساروت "سنّية" الثورة، و يقول أن الثورة لو خرجت من الكنائس لخرجت معها، و لكن الثورة خرجت من المساجد لذلك أخذت طابعاً إسلامياً منه، ولكن هذه نظرة عامة و تتعلق بالفترة الأولى من الثورة، وحالياً بات واضحاً و جلياً و للجميع أن المستهدف هم المسلمون بعد القصف الممنهج للمساجد و تهجير السكان "السنة" من بيوتهم، و يكرر "لم نكن يوماً طائفيون و النظام و أتباعه من اتسم بالطائفية الحاقدة ضد المسلمين"

لا أحب الإعلام :

ليس من السهل الحصول على موافقة الساروت للقاء صحفي، فهو يهرب من الإعلام و لديه من الحواجز ما يكفي لعدم الظهور، فبرأيه أنه ليس إعلامي للظهور على المواقع و القنوات، و في حال ظهوره إعلامياً عليه أن يظهر للإفادة أو ليس هناك داعٍ لظهوره، و لن يظهر إلا عند الضرورة القصوى و هذا ما دفعه لتصوير لقائه الأخير والوحيد مع صديقه الإعلامي خالد أبو صلاح، والذي أجراه لتوضيح نقاط الخلاف و أسباب الخروج من سوريا  وحقيقة الاتهامات التي نعت بها و روج لها الكثيرون

الغربة مُرة :

بعد مرور أشهر قليلة على خروجه من سوريا، سألته هل تزوجت أم لا زلت تبحث عنها، فقال أنا أنوي "الدخلة"، ضحكنا واستطردت سآئلة ماذا تقصد فقال : "أنوي الدخول من جديد إلى سوريا"، ويؤكد أنه لم يعشق امرأة إلا "حمص"، و ما إستوقفني أن المعارك و الحصار و الإصابات كلها لا تعني شيء له، عندما يقول أن "الغربة أصعب من الجهاد"

كل من يعمل بشرف هو مجاهد :

وبعد حديث طويل عن مافقده الساروت في الثورة من أخوة وأبناء اخوة وأصدقاء، إعتبر أن الثورة لا تقتصر على حمل السلاح والقتال في الجبهات و ان الجهاد لا يقتصر على المعارك  ، فالصحفي مجاهد حين يخدم القضية و المغترب الذي يعمل لتعيش عائلته مجاهد، وكل من يعمل في سبيل العيش الكريم الشريف هو مجاهد، ولكن لم يمنعه ذلك من التأكيد أن القائد الحقيقي في ساحات الحرب هو من يقوم بإقتحام المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، لا من ينتظر الأوامر لتحركاته

الجميل في عبد الباسط المشهور باللعب التكتيكي في ساحتي الملاعب والحرب، أنه لا يستطيع اللعب بالكلام و المراوغة فرغم أنه يعتبرأن التوحد هو الحل الوحيد لانتصار الثورة، إلا أنه يؤكد خجله من المطالبة بالتوحد ملقياً اللوم على نفسه ليقول "أني لا أستطيع الحديث عن التوحد فأنا جزء من التفرقة بسبب مشاكلي"

أنا لست رجل سياسة :

(الثورة ليس لها ثروة) كلمة يعتبرها الساروت قانوناً و دستوراً لا يحيد عنه، فقد تستغرب طبيعة العمل الذي يقوم به الساروت حالياً، وعندما تقول له أنك تستحق مكان أفضل، فيأتي الرد حاسماً لا أعمل مع ساسة ولا مسيسين و لن أسمح لأحد بأن يستغل الثورة عن طريقي، و يمضي بالحديث بشكل عصبي "و لو أردت الثورة أن تتوجني فهذا هو قمة الفساد فأنا لا أملك الشهادات والعلم اللذان يؤهلاني لاستلام أي منصب أو مكان" ، تابع قائلاً " رحم الله امرئ عرف حده فوقف عنده، وأنا رجل مقاتل ولست رجل سياسة ولا عمل لي ضمن المنظمات"، و اذا ما استلم عملاً سياسياً فوفقاً له أنه تم استنساخ نظام الأسد من جديد، معتبراً ان جزاؤه "عند الله"،  و بعد انتهاء الثورة سيعود لعمله الأصلي في الحدادة ".

عشقه لسوريا هو سبب تتويجه كبطل من أبطال الثورة، فبرأيه الثورة ليست لحمص او بحمص ، و إعتبر أنه "أتشرف أن أقاتل في كل مكان في سوريا ولكن حبي لحمص شيء طبيعي لأني ابن هذه المدينة وقاتلت فيها و تربيت فيها"

قلة هم القادة الحقيقيون في الثورة :

لم يمنعه وضعه الأمني الحذر من قول كلمة حق، حين أشار الى أن معظم القادة بعيدون عن الثورة و هم قادة عبر شاشات الانترنت، وإعتبر أن هناك مسارات كثيرة في الثورة حركتها أيدي خفية، في  إشارة منه إلى وجود فساد داخل بعض الفصائل، ولكن هذه الثورة كما يقول عبدالباسط هي ثورة شعب ولن تنتصر إلا بشعبها والرسول الكريم بنى أمة و مجتمع اسلامي ولم يبني فصائل و تنظيم

تخاذل عربي ودولي واضح :

عبر الساروت عن حزنه و اغرورقت عيناه على كل من راح شهيداً في سبيل الثورة وفي سبيل سوريا، بأن ما أوصل الثورة الى ماهي عليه الأجندات و السياسات و تخاذل الدول العربية و تخاذل المجتمع الدولي لأنهم أصدقاء بشار الأسد وليسوا أصدقاء سوريا، وان كانوا يقدمون الدعم فهو دعم مسيس وأضراره أكثر من فوائده، و أضاف أنه حين تتوقف السياسة والدول ستتحسن حمص وريفها الشمالي وستتحسن الاوضاع في سوريا كلها، مرجحاً سبب تعثر الأمور في حمص يعود لسببين الأول موقعها الجغرافي الذي يجعل العين عليها، وثانيها فساد معظم القيادات فيها، معتبراً أن معظم الفصائل الكبيرة مسيسة ليس فقط في حمص ولكن

في كل سوريا

تشتت السوريون :

"عندما يتوحد الداعمون تتوحد الفصائل بعدها وحينها لن يكون هناك مجال لتفرق السوريين" هذا ماقاله عبد الباسط في حديثه، وأضاف "للأسف القيادات ليست في مكانها والدول تدعم من هو ليس أهل، الدعم يكون دوماً للمسيسين ولمن يمشي وفق أجنداتهم، وليس لمن يقاتل على الارض، ولكنه في الوقت نفسه كان مصراً عى أن نهاية الإيرانيون في سوريا والدليل بحسب تعبيره الخسارات الكبيرة التي لحقت بهم في عدد ضباطهم و عناصرهم في سوريا، مشدداً على أن "الارض تقاتل مع أهلها"

لم يقطع المتهم البطل يوماً الأمل في العودة الى سوريا، ويتمنى في كل لحظة العودة للالتحاق بجبهاتها، ولكنه أرجى لخروجه من سوريا فضلاً لرؤيته المشهد من الخارج ورأيته أموراً لم يرها على الأرض ما جعله يوقن أن الشعب حطب على الأرض بالنسبة للدول والسياسة الدولية، والأصعب من ذلك صعوبة الغربة

لا أؤمن بالحل السياسي :

لم يستسلم الساروت رغم خروجه الإجباري من سوريا ولم يعتبر يوماً ان الحل السياسي هو الوسيلة لإنتصار الثورة، بل اعتبر أن الحل السياسي لايخدم الشعب على الأرض، بل يشكل  أزمة سياسية وليس حلاً ونهاية انتصار للثورة

 

و أكد الساورت أكثر من مرة أن الثوار لم يتعبوا من ثورتهم، و أن "ما أتعبنا الخلافات الداخلية وفي هذه الأرض ينبت مجاهدين، فأطفالنا يقاتلون و شبابنا يقاتلون، والدليل أننا لم نطلب يوماً تدخل عسكري على الأرض لأننا شعب قادر على فتح بلادنا و لدينا رجال على الأرض،  وحاجة الثوار تتلخص في توفير غمكانيات صادقة لهم ليستمروا في القتال ولن نتخلى عن الثورة فإما النصر أو الشهادة"

وفي نهاية حديثي معه، حاولت استفزازه لأسمع منه شيئاً يتعلق بالمشكلات التي تواجهه مع الفصائل في ريف حمص ، إلا أنه ورغم كل القذف الذي تعرض له لم يوجه أي كلمة تسيء للفصائل وإعتبر أن النصرة و الأحرار هم مقاتلين شرفاء ومن المعيب أن يتحدث عنهم، ولكنه كان يتأمل لو أن المحكمة التي نظرت في قضيته كانت محكمة شرعية بمعنى الكلمة تحكم وفق كتاب الله وسنة نبيه ووفقاً للعرف وليس بناء على المناطقية والسياسة والأحقاد و الانتقام وإتباع الهوى

المصدر: شبكة شام الكاتب: رنا هشام
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ