
الرقة تنتفض ضد الأنفاق.. دعوات لإضراب عام رفضًا لممارسات "قسد"
دعا ناشطون من أبناء مدينة الرقة إلى تنفيذ إضراب عام يوم الخميس، 23 أيار/ مايو، احتجاجًا على العبث الخطير الذي تمارسه ميليشيا "قسد"، عبر الاستمرار في حفر الأنفاق تحت الأحياء السكنية داخل المدينة.
واعتبر القائمون على الدعوة من نشطاء وحقوقيين ومدنيين أن أعمال الحفر الممنهجة تشكل تهديدًا مباشرًا لأمن المدنيين وسلامتهم، وتُعد استهتارًا صارخًا بحقوق السكان، فضلًا عن مساهمتها في فرض واقع عسكري بالقوة وتغيير جغرافية المدينة ومستقبلها.
وأكد البيان، الذي حمل عنوان "نداء إلى أحرار الرقة وثوارها"، أن الإضراب يمثل صرخة جماعية في وجه السياسات التي تُكرّس الترهيب وتقوّض البنية المجتمعية، داعيًا كل من يحمل في قلبه حبًا للمدينة إلى الوقوف بكرامة رفضًا لحفر الأنفاق وطمر الرقة تحت الأرض.
كما طالب القائمون على الحملة النشطاء الإعلاميين وصفحات المجتمع المدني بالمشاركة الفاعلة في دعم الإضراب ونشر الرسالة على أوسع نطاق، محذرين من خطورة تحويل الرقة إلى "ساحة مغلقة تحت الأرض".
ويعيش أهالي مدينة الرقة حالة من القلق والخوف الدائمين، وسط تزايد حالات الانهيار الأرضي الناتجة عن استمرار قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في حفر أنفاق تحت الأحياء السكنية، ضمن مشروع يُوصف بأنه ممنهج وغير معلن الأهداف.
ففي 26 آذار الماضي، انهار طريق في شارع الوادي إثر مرور شاحنة ثقيلة، ليكتشف السكان وجود نفق في الموقع، ما أثار موجة غضب شعبية ومناشدات عاجلة لوقف الحفر، قوبلت بصمت وتجاهل من الجهات المسؤولة.
أنفاق بلا هوية وأهداف مقلقة
يؤكد "سلامة الفيصل"، أحد سكان المدينة، أن المشروع غير مرتبط بالخدمات كما يُروّج، بل يحمل طابعًا عسكريًا سريًا، وذلك في حديثه لموقع "العربي الجديد" يوم الاثنين 19 أيار/ مايو.
ويضيف: "نعرف أن الحفر يقوده شخص يُدعى إسماعيل الأحمد، بمساعدة شقيقه، وقد شُقّت مرافق كاملة تحت الأرض، ويُخشى من استخدامها كمستودعات أسلحة أو حتى كسجون سرية".
هذه المخاوف تعززها شهادات محلية عن وجود سجن تحت مبنى الرقابة والتفتيش في مركز المدينة، يُزج فيه مدنيون دون علم أهاليهم، وسط غياب تام لأي رقابة حقوقية.
أحياء مهددة بالانهيار
تتسارع وتيرة الحفر في مناطق حيوية كدوار النعيم، والمشفى الوطني، والفردوس، والجميلي، ما يزيد من احتمالية حدوث انهيارات أرضية، خصوصًا في المناطق ذات التربة غير المستقرة. وقد شهدت المدينة مؤخرًا انهيارًا أرضيًا قرب جامع الجراكسة، ما أعاد إشعال المخاوف بين الأهالي.
ووفق مصادر محلية، أنشأت "قسد" أكثر من 20 نفقًا في مناطق مختلفة من المدينة، بعضها قريب جدًا من سطح الأرض، في تجاهل خطير لمخاطر التربة وهشاشة البنية التحتية.
ورثة "داعش" في استراتيجية الأنفاق
يرى مراقبون أن قسد تعتمد تكتيكًا مشابهًا لتنظيم "داعش"، الذي أنشأ شبكة أنفاق معقدة خلال فترة سيطرته. ويقول فارس ذخيرة: "نشهد اليوم تكرارًا لنفس النهج، لكن تحت اسم مختلف"، مضيفًا أن الحفر يتم في وضح النهار ضمن مناطق مسوّرة، وبمعدات ثقيلة.
الاستهتار بحياة المدنيين
يصف "عمر الحاج"، أحد أبناء المدينة، المشهد بـ"الاستهتار الصارخ بأرواح الناس"، متسائلًا عن مبرر حفر الأنفاق في مدينة تحتاج لخدمات أساسية، وليس لتوسيع الممرات تحت الأرض.
وكانت حملة "الرقة تذبح بصمت" قد وثّقت استمرار الحفر في حي الجميلي، رغم تضرر مبانيه سابقًا خلال الحرب على "داعش"، محذّرة من كارثة وشيكة إن استمرت الأعمال دون رقابة أو محاسبة.