الدوحة 2025.. "الشرع" يكشف ملامح سوريا الجديدة ويؤكد التزامها بالاستقرار الإقليمي
الدوحة 2025.. "الشرع" يكشف ملامح سوريا الجديدة ويؤكد التزامها بالاستقرار الإقليمي
● أخبار سورية ٦ ديسمبر ٢٠٢٥

الدوحة 2025.. "الشرع" يكشف ملامح سوريا الجديدة ويؤكد التزامها بالاستقرار الإقليمي

شارك الرئيس أحمد الشرع في جلسة حوارية ضمن أعمال منتدى الدوحة 2025، المنعقد في العاصمة القطرية تحت شعار "ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى الواقع الملموس"، بمشاركة عدد من قادة الدول وصنّاع القرار والهيئات الدولية.

وخلال مداخلته، استعرض الرئيس الشرع المراحل الخطيرة التي مرت بها سوريا خلال العقود الستة الماضية، مشيراً إلى أن البلاد كانت تعيش عزلة سياسية خانقة وحصاراً اقتصادياً شديداً نتيجة سياسات النظام البائد، الأمر الذي دفع معظم الأطراف الدولية إلى الابتعاد عن سوريا. وأضاف أنه "في مثل هذه الأيام كنا نتهيأ للدخول إلى دمشق، وبعد التحرير استعادت سوريا الكثير من علاقاتها الدولية".

وأكد الرئيس الشرع أن الخطوات التي تتخذها الدولة اليوم تهدف إلى استعادة دور سوريا وموقعها الإقليمي والدولي، مضيفاً أن البلاد "تحولت من منطقة مصدّرة للأزمات إلى منطقة يمكن أن تكون نموذجاً للاستقرار الإقليمي"، مشيراً إلى أن العالم أعاد الانفتاح على سوريا للاستفادة من موقعها الحيوي وإسهامها في إرساء دعائم الاستقرار.

وفي معرض حديثه عن الاعتداءات الإسرائيلية، قال الرئيس الشرع إن إسرائيل تحاول "تصدير الأزمات إلى الدول الأخرى والهروب من المجازر التي ترتكبها في قطاع غزة، وتبرير كل شيء بالمخاوف الأمنية"، بينما كانت سوريا منذ التحرير توجه رسائل إيجابية بغية تعزيز الاستقرار الإقليمي. وكشف أن إسرائيل شنّت على سوريا أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغلاً داخل الأراضي السورية، كان آخرها المجزرة في بلدة بيت جن بريف دمشق التي راح ضحيتها العشرات.

وأوضح الشرع أن سوريا تعمل حالياً مع الدول الفاعلة للضغط على إسرائيل من أجل الانسحاب من المناطق التي احتلتها بعد الثامن من كانون الأول 2024، مؤكداً أن "جميع الدول تؤيد مطلبنا هذا". وشدد على تمسّك سوريا باتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974، معتبراً أن طرح المنطقة المنزوعة السلاح يثير تساؤلات جوهرية حول الجهة التي ستتولى حماية هذه المنطقة "إن لم يكن هناك وجود للجيش السوري".

وكشف الرئيس الشرع أن مفاوضات قائمة مع إسرائيل، وأن الولايات المتحدة منخرطة في هذا المسار، مشيراً إلى أن أي اتفاق يجب أن يضمن مصالح سوريا، فهي الطرف الذي يتعرض للهجمات والاعتداءات.

وفي الشأن الداخلي، أكد الرئيس الشرع أن السوريين "لا يشعرون بالخوف، وفي هذه الأيام الملايين ينزلون إلى الشوارع تعبيراً عن فرحهم بإسقاط النظام البائد"، مشيراً إلى أن سوريا اليوم تعيش واحدة من أفضل مراحلها. وشدد على أن النظام السابق خلّف وراءه نزاعات داخلية واستخدم الطوائف ضد بعضها، بينما اعتمدت الحكومة منذ معركة ردع العدوان نهج العفو والصفح سعياً إلى بناء مستقبل مستدام وآمن.

وأضاف أن سوريا انتقلت إلى نظام حكم جديد يختلف تماماً عن النظام السابق بعد نجاح الثورة الشعبية، ورغم بعض الإشكاليات التي ظهرت، فإن البلاد تسير في مسار إيجابي نحو الاستقرار والنمو الاقتصادي.

وبخصوص العقوبات الدولية، قال الرئيس الشرع إن التعافي الاقتصادي يشكّل ركيزة أساسية في تعزيز الاستقرار، مؤكداً مواصلة العمل لإقناع الولايات المتحدة بإلغاء "قانون قيصر" الذي فُرض أساساً لمحاسبة النظام البائد. وأشار إلى أن إدارة الرئيس ترامب تدعم مسار رفع العقوبات، وأن غالبية دول العالم تسير في الاتجاه ذاته، مؤكداً أنه "لا يجب أن يكون مصير الشعب السوري مرتبطاً بإرادة بعض الأشخاص الذين لا يريدون رفع العقوبات".

وقال إن سوريا "عرّفت معنى التعايش، وقدمت عبر تاريخها الطويل دروساً في السلم الأهلي"، مؤكداً أن جميع أطياف المجتمع السوري شاركت في الثورة.

وأكد الشرع أن جذور النزاعات التي شهدتها البلاد خلال العقود الماضية تعود إلى ممارسات النظام البائد، وما خلفه من شرخ اجتماعي واستقطاب طائفي، مشدداً على أن سوريا اليوم دولة قانون تصون حقوق جميع مواطنيها دون استثناء.

 وأوضح أن سوريا ليست مجرد فسيفساء من الطوائف، بل بلد غني بشعبه المثقف والواعي، معتبراً أن تعزيز مبدأ المحاسبة وفق القانون وتفعيل دور المؤسسات يمثلان الطريق الحقيقي لبناء دولة عادلة ومستقرة.

وأشار الرئيس الشرع إلى أن تركيبة الحكومة الحالية جاءت وفق معيار الكفاءة لا المحاصصة، مؤكداً أن سوريا تتجه نحو نموذج جديد في إدارة شؤون الدولة بعد الأزمات، وهو نموذج—بحسب وصفه—يمكن أن تتعلم منه دول أخرى. 


وأضاف أن الانتخابات تمثل ركناً أساسياً في الحياة السياسية السورية، ورغم أن البلاد لم تصل بعد إلى جاهزية كاملة لإجراء انتخابات شاملة، فقد أجريت انتخابات مجلس الشعب بطريقة تراعي ضرورات المرحلة الانتقالية، فيما يبقى مبدأ اختيار الشعب لقيادته خياراً لا بديل عنه.

وأعلن الشرع أن سوريا لا تبني مستقبلها على الأشخاص بل على المؤسسات، معتبراً ذلك التحدي الأكبر في المرحلة الحالية. وأوضح أن مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد بعد التحرير أسفر عن إعلان دستوري مؤقت منح الرئيس صلاحية الاستمرار لمدة خمس سنوات، يتم خلالها إصدار القوانين الأساسية والشروع في صياغة دستور جديد يشكل المرجعية العليا لنظام الحكم، مؤكداً أن الانتخابات ستُجرى بعد أربع سنوات “بالتأكيد”، وفق تعبيره.

وفي تعليقه على ملف الإرهاب، شدد الرئيس الشرع على ضرورة التمييز بين التوصيفات السياسية الفضفاضة وبين الوقائع المبنية على الأدلة، موضحاً أن توصيف أشخاص أو جهات بالإرهاب يحتاج إلى معايير محددة وإثباتات واضحة، وقال: “الإرهابي هو من يقتل الأطفال والأبرياء ويستخدم الوسائل غير الشرعية لإيذاء الناس”. 


وأشار إلى أن هذا التوصيف ينطبق على كثير من الجرائم التي يشهدها العالم اليوم، مستشهداً بمقتل أكثر من 70 ألف مدني في غزة، ومأساة أكثر من مليون سوري قتلوا في عهد النظام البائد، إضافة إلى تغييب أكثر من 250 ألف شخص وتهجير أكثر من 13 مليون.

وأكد الشرع أن السوريين باتوا أكثر وعياً بمعنى كلمة “إرهاب” ومن يستحق هذا الوصف فعلاً، لافتاً إلى أن الثورة أنهت عهد السجون التعسفية، وقال: “بأيدينا كسرنا قيود السجون التي عُذِّب فيها الناس، ونحن من كسرنا قيد سجن صيدنايا”. وأضاف أن الواقع—وليس الشعارات—هو ما يفضح ازدواجية المعايير التي يحاول البعض ترويجها في هذا الملف.

ولم يغفل الرئيس الشرع الإشارة إلى ملف المرأة، مؤكداً حرص الحكومة على ضمان حقوق النساء وتمكينهن في المجتمع، مشيراً إلى أن حضور المرأة السورية في الحياة السياسية والعامة سيزداد خلال المرحلة المقبلة عبر مشاركتها الواسعة في الحكومة ومجلس الشعب، مضيفاً: “ليس هناك أي خوف على المرأة السورية، فهي شريك أساسي في بناء المستقبل”.

وبذلك اختتم الرئيس الشرع مداخلته بالتأكيد على أن سوريا تسير في مسار إيجابي قائم على العدالة والقانون والمؤسسات، رغم الإرث الثقيل الذي تركه النظام السابق، مؤكداً أن البلاد تتجه نحو مرحلة أكثر استقراراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

 

في منتدى الدوحة 2025: قطر تؤكد أن العدالة هي مفتاح مستقبل سوريا
أكد رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني أن الشعب السوري، بعد سنوات طويلة من غياب العدالة، يسير اليوم في مسار يأمل أن يقوده نحو التعافي ضمن منظومة عدالة انتقالية تعزز التماسك الوطني وتنبذ الطائفية، معتبراً أن هذا المسار يمهّد لسلام حقيقي يطوي صفحة الماضي ويرسّخ مبدأ المشاركة والعدالة بين جميع السوريين.

وأشار الشيخ محمد بن عبد الرحمن خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة 2025، إلى أن عنوان منتدى الدوحة لهذا العام يعكس حقيقة يتلمّسها العالم، تتمثل في اتساع الفجوة بين الخطاب والممارسة على الساحة الدولية، موضحاً أن العدالة باتت في كثير من الأحيان غائبة عن مسار القانون الدولي في ظل واقع تتغلب فيه المصالح على المبادئ، وتُستبدل فيه قوة القانون بقانون القوة.

وأضاف أن تفاقم الأزمات الدولية لا يعود إلى نقص الموارد أو المعرفة، بل إلى غياب المساءلة واستمرار النزاعات دون حلول عادلة، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً للسلم والأمن الدوليين. ورأى أن إدارة الأزمات وفق منطق القوة وإبعاد المعتدين عن المحاسبة يجعل النظام الدولي مجرد “وعود مؤجلة” لا تتحقق على أرض الواقع.

وأكد رئيس الوزراء القطري أن الاكتفاء بالحلول الجزئية أو التوافقات المؤقتة لم يعد خياراً ناجحاً في مواجهة الصراعات المعقدة، إذ إن الأزمات التي لا تُعالج جذورها تعود بشكل أكثر تعقيداً وتتمدد خارج حدودها الطبيعية. وقال: “التاريخ لا يتوقف عند لحظة توافق مؤقت، بل يؤجل استحقاقاتها فحسب”.

وشدد على أن السلام المستدام لا يتحقق إلا عبر حلول عادلة تمنع تكرار دوائر العنف والانقسام، لافتاً إلى أن غياب المساءلة يمثل أحد أبرز أوجه الخلل في النظام الدولي، وهو ما يظهر بوضوح في قضايا المنطقة، سواء في معاناة الشعب الفلسطيني تحت انتهاكات صارخة للقانون الدولي، أو في المآسي المتفاقمة في السودان.

وفي ختام كلمته، أكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن أن تحقيق العدالة وحماية الحقوق باتا ضرورة لا غنى عنها لصون استقرار المنطقة ومنع تفككها، مشيراً إلى أن منتدى الدوحة يمثل منصة دولية مهمة لبحث هذه التحديات والعمل على تحويل الوعود إلى واقع ملموس.

وكانت انطلقت اليوم في العاصمة القطرية الدوحة أعمال النسخة الثالثة والعشرين من منتدى الدوحة 2025، برعاية أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبمشاركة الرئيس أحمد الشرع، إلى جانب عدد من رؤساء الدول وممثلي الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية، تحت شعار: "ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى الواقع الملموس".

 

الرئيس "الشرع" يشارك في افتتاح منتدى الدوحة 2025
شارك الرئيس أحمد الشرع في افتتاح النسخة الثالثة والعشرين من منتدى الدوحة 2025، الذي انطلق اليوم في العاصمة القطرية الدوحة تحت شعار "ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى الواقع الملموس"، بمشاركة واسعة من قادة دوليين وصنّاع قرار وخبراء في الحوكمة والتنمية وحقوق الإنسان.

ويأتي حضور الرئيس الشرع في سياق تعزيز موقع سوريا في منصات الحوار الدولي، وإبراز التزامها بمسار العدالة الانتقالية وإعادة بناء الدولة على أسس من سيادة القانون والمساءلة، بما ينسجم مع التحولات السياسية العميقة التي شهدتها البلاد خلال العام الأخير.

وشكّل المنتدى، الذي يُعد أحد أبرز المحافل السياسية والفكرية في المنطقة، فرصة لعرض رؤية سوريا للمرحلة المقبلة، لا سيما في ما يتعلق بترسيخ مؤسسات العدالة، وفتح شراكات دولية تسهم في دعم عملية التعافي وإعادة الإعمار، إضافة إلى تعزيز الحضور السوري في النقاشات العالمية المرتبطة بالسلم والأمن وحقوق الإنسان.

وتتضمن فعاليات منتدى الدوحة هذا العام جلسات نقاشية رفيعة المستوى تركز على آليات تعزيز العدالة في الدول الخارجة من الصراعات، ودور المنظمات الدولية والإقليمية في دعم التحولات الديمقراطية، إلى جانب محاور تتناول الذكاء الاصطناعي، تغيّر المناخ، وبناء اقتصادات أكثر شمولاً واستدامة.

ومن المتوقع أن يعقد الرئيس الشرع لقاءات ثنائية مع عدد من الرؤساء والوزراء وكبار المسؤولين المشاركين في المنتدى، بهدف توسيع دائرة التعاون الدولي ودعم الاستثمارات والمشاريع المشتركة التي تسهم في دفع عجلة الاستقرار والنمو في سوريا.

ويؤكد حضور سوريا في هذا الحدث الدولي البارز مكانتها المتجددة على الساحة الإقليمية، ويعكس توجهاً دبلوماسياً جديداً يقوم على الحوار والانفتاح وتقديم نموذج دولة تسعى لترسيخ العدالة والوفاء بوعود التغيير.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ