الجوع أو الركوع ... سياسة الأسد وحلفائه لكسر إرادة "الغوطة الشرقية"
الجوع أو الركوع ... سياسة الأسد وحلفائه لكسر إرادة "الغوطة الشرقية"
● أخبار سورية ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧

الجوع أو الركوع ... سياسة الأسد وحلفائه لكسر إرادة "الغوطة الشرقية"

للعام الخامس على التوالي يواصل نظام الأسد حصاره لأكثر من 350 ألف مدني في غوطة دمشق الشرقية، يكابدون الموت جوعاً وقصفاً منذ سنوات على مرأى ومسمع العالم أجمع، والذي لم يحرك ساكناً لتخفيف الحصار عن المدنيين لاذنب لهم إلا أنهم ثاروا على نظام استبد بهم، فكان رد الأسد بسياسة الجوع أو الركوع من خلال الحصار الجائر والذي لم يكسر عزيمتهم خلال خمس سنوات مضت.

لموقع الغوطة الشرقية الاستراتيجي على الطرف الشرقي من العاصمة دمشق مركز قيادة نظام الأسد وعاصمته السياسية أهمية بالغة بالنسبة لوجوده، حاول جاهداً منذ بدء التدخل الإيراني والروسي لمساندته على كسر الطوق حول دمشق من خلال اتباع سياسة الحصار على العديد من المدن والبلدات، كانت جنوب دمشق داريا التي كسرت شوكة الأسد لسنوات وتحدت كل صنوف الموت الذي مورس ضدها، كذلك مضايا وبقين ومعضمية الشام والعديد من المناطق التي واجهت الحصار والموت لسنوات عدة.

استطاع الأسد خلال السنوات الماضية فك عقد الطوق حول دمشق من خلال عمليات التهجير التي مارسها بمساعدة روسيا وبمباركة من المجتمع الدولي، فأجبر غالبية المناطق الثائرة على توقيع المصالحات، ومن رفض وقاوم وصمد كل آلة القتل والتجويع أجبر على الخروج من أرضه وبلده باتجاه الشمال السوري، ليأتي الدور على الحزام الشرقي للعاصمة ممثلا في الغوطة الشرقية.

خمس سنوات مرت ونظام الأسد يحكم الحصار على بلدات ومدن الغوطة الشرقية، ويعمل جاهداً على تضييق المساحة المحررة تباعاً من خلال سلسلة عمليات عسكرية لاتزال مستمرة تمكن خلالها من السيطرة على سلة الغوطة الغذائية في القطاع الجنوبي، والسيطرة على الأحياء الشرقية للعاصمة دمشق والتي كانت مصدراً رئيسياً لإمداد الغوطة الشرقية بالمواد الغذائية ومستلزمات الحياة عبر الأنفاق.

يعيش اليوم قرابة 370 ألفاً من المدنيين في بقعة جغرافية صغيرة مؤلفة من مدن وبلدات "دوما، حرستا، مسرابا، عربين، بيت سوى، حمورية، زملكا، سقبا، حزه، عين ترما، كفربطنا، جسرين، افتريس، المحمدية، حوش الأشعري، أوتايا، النشابية، حوش الضواهرة، الشيفونية، الريحان"، وسط محاولات نظام الأسد المستمرة للتوسع وتضييق الخناق أكثر على المنطقة من خلال عمليات عسكرية مستمرة على جبهات عين ترما وحي جوبر شرقي العاصمة دمشق.

يبلغ تعداد النازحين داخلياً ضمن بلدات الغوطة الشرقية بحسب إحصائيات تقريبية 24 ألفاً من بلدات القطاع الجنوبي "المليحة، زبدين، دير العصافير"، و 40 ألفاً من بلدات المنطقة الشرقية والمرج، و 7900 شخص من أحياء العاصمة دمشق الشرقية، فيما بلغت عدد حالات الإصابة بإعاقة دائمة أكثر من 5 آلاف شخص، والأفراد المصابين والمعاقين أكثر من 4 آلاف، مع وجود 252 حالة طبية حرجة بحاجة الى إخراج فوري إلى مراكز العلاج خارج الغوطة.

تسبب الحصار المفروض على الغوطة الشرقية منذ تشرين الأول 2013 حتى اليوم باستشهاد 397 مدنياً، بينهم 206 أطفال، و 67 امرأة، بسبب الجوع ونقص الدواء بحسب "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، كما تشير تقديرات الشبكة إلى وجود 543 حالة مرض بأمراض مزمنة منها السرطان توفي منهم 7، بينهم 4 أطفال وسيدة، منذ إغلاق المعبر في آذار 2017.

تعرضت بلدات ومدن الغوطة الشرقية طيلة خمس سنوات لقصف جوي ومدفعي عنيف استخدمت فيها شتى أنواع الأسلحة منها صواريخ أرض - أرض ثقيلة ومتوسطة، وصواريخ الفيل والبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية والارتجاجية وقذائف المدفعية والصواريخ، بالإضافة لاستخدام السلاح الكيماوي المحرم دولياً والذي أوقع أكبر مجزرة في تاريخ الثورة السورية المعروفة بمجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية، خلف القصف بشتى أنواعه قرابة 18840 شهيداً، بينهم 4845 طفل، و 1279 امرأة.

يضاف لذلك سلسلة التدمير الممنهج للبنية التحتية السكنية في بلدات الغوطة الشرقية، وتدمير المئات من المدارس والمراكز الطبية والمستشفيات ومراكز الدفاع المدني، حتى كوادر الإسعاف والدفاع المدني لم تسلم من القصف والاستهداف في مراكزها وخلال عملها سجلت استشهاد وإصابة العشرات من كوادرها، وخرج غالبية المرافق الخدمة فيها عن الخدمة الأمر الذي يضاعف شدة الحصار على المدنيين.

زاد من معاناة الغوطة الشرقية خلال العاميين الماضيين هو الصراع الداخلي بين مكونات الثورة العسكرية التي تتشارك السيطرة عليها، أبرزها "جيش الإسلام وفيلق الرحمن وأحرار الشام وهيئة تحرير الشام"، حيث ساهم الصراع في تقسيم البلدات لقطاعات كل قطاع منها يخضع لسيطرة فصيل مكن قوات الأسد من استغلال هذا الصراع وتحقيق مكاسب كبيرة عسكرياً على الأرض، كما أن سيطرت الفصائل على المعابر والأنفاق سابقاً وتحكمها في بيع السلع التجارية عن طريق وكلاء وتجار لها في بلدات الغوطة سبب حالة فاحشة من الغلاء تفوق قدرة مئات العائلات على شرائها.

يريد الأسد وحلفائه من خلال تضييق الحصار يوماً بعد يوم مع السماح بدخول بضائع بين الحين والآخر وبضع قوافل إغاثية لا تسد رمق المحاصرين، لإيصال المدنيين لنقطة القبول بالمصالحات أو التهجير القسري على غرار مافعله في داريا ومعضمية الشام ومضايا ومناطق أخرى، يقابله إصرار أهالي الغوطة الشرقية على الصبر والثبات وتحمل الحصار وتبعياته والموت الذي يلاحقهم كل يوم، رافضين التخلي عن أرضهم والخروج منها بأي وسيلة كانت قدر استطاعتهم على تحمل رؤية أولادهم يموتون جوعاً أمام أعينهم لن تكون سحر أخر ضحايا الموت جوعاً.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ