التحوّل الوجداني من التجاهل والخذلان في عهد "الأسد" إلى الفخر والانتماء بحضور "الشرع"
التحوّل الوجداني من التجاهل والخذلان في عهد "الأسد" إلى الفخر والانتماء بحضور "الشرع"
● أخبار سورية ٩ مايو ٢٠٢٥

التحوّل الوجداني من التجاهل والخذلان في عهد "الأسد" إلى الفخر والانتماء بحضور "الشرع"

لاحق شاب سوري سيارة الرئيس السوري أحمد الشرع في شوارع باريس، يركض خلفها والدموع تملأ عينيه، فقط ليراه عن قرب، مشهد وثقته عدسات الكاميرات، وشاركه السوريون بكثافة على منصات التواصل، باعتباره لحظة انتصار شخصية وجماعية في آنٍ واحد. 


برأي مغردين لم تكن تلك اللحظة مجرّد موقف عابر، بل كانت تعبيراً عن تحوّل عميق في وجدان السوريين في الخارج، بعد سنوات طويلة من الشعور بالخذلان والانفصال عن من يمثلهم رسمياً.

أظهرت الجالية السورية في فرنسا، كما في دول أخرى، سعادة بالغة باستقبال الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، رفرفت أعلام الثورة في الساحات بلا خوف، وتعالت الهتافات باسمه، في مشهد طال انتظاره. 


أما على وسائل التواصل، فقد تتابعت الصور والفيديوهات والتعليقات، التي تعكس فخراً واعتزازاً حقيقيين. لم يعد الاهتمام بتفاصيل الزيارات الرسمية مقتصرًا على المتخصصين أو الإعلاميين، بل صار الشعب نفسه يتابع: كيف استُقبل؟ من صافحه؟ من رحّب به؟ وكيف بدا المشهد في عيون الآخرين؟

"شعرت للحظة أني أنتمي لدولة حقيقية، مش مشرد بلا هوية"، كتب أحد السوريين على تويتر بعد استقبال الشرع في باريس ... "من زمان ما حسّيت إنو في حدا يمثلنا هيك عن جد"، علّق آخر على فيسبوك مرفقاً صورة حشود الجالية وهي ترفع علم الثورة .. "مشهد الشاب اللي ركض وراء السيارة بيمثل كل واحد فينا… نحنا اللي لسه عايشين على أمل بسيط"، قالت مغتربة سورية على إنستغرام.

هذا التفاعل الشعبي لم يأتِ من فراغ، بل جاء بعد سنوات طويلة من الغياب الكامل لهذا النوع من الوجدان الجماعي، لم يعش السوريون قبل النصر مشاعر الفخر بزيارات رئيس يمثلهم. على العكس، كانوا في كل مرة يزور فيها بشار الأسد دولةً ما، يعيشون شعوراً بالخذلان أو الغضب أو المرارة. كان حضوره باهتاً، لا يثير إلا السخرية والاستياء، لا سيما بين أبناء الثورة السورية في الداخل والخارج. لم يكن أحد يخرج لاستقباله، وغالباً ما تجاهلته الجاليات، كأن وجوده لا يعنيهم.

في إحدى زياراته للأسد البائد، لم يُمنح حتى فرصة لإلقاء كلمة، بينما وُثقت لحظات يُعامل فيها كمجرد عبء سياسي، وتبقى رواية الإعلامي فيصل القاسم عن زيارته لروسيا واحدة من أكثر الصور المعبّرة عن هذا الانحدار، حيث تم إحضاره مع الغنم في شاحنة بضائع روسية، دون مرافق، وتجاهله الجميع أثناء توزيع الهدايا الرسمية. كان هذا المشهد مادةً دسمة للسخرية، لكنه في جوهره عكس حجم القطيعة بينه وبين من يفترض أنه يمثلهم.

"ما حدا طلع يستقبله، ولا حتى شتمه... كأنو معدوم"، هكذا وصف أحد الناشطين زيارة الأسد إلى بلد أوروبي ... "كل مرة بيزور فيها بشار دولة، بحس كأنو عم يزورنا الجرح من أول وجديد"، علّقت لاجئة سورية على منشور قديم.

اليوم، ومع زيارات الرئيس الشرع، شهد السوريون تحوّلاً ملحوظاً. باتت هذه اللقاءات الرسمية لحظات جامعة، يتفاعل معها الشعب، ويشعر أنها تعنيه. في المغتربات، لم يعد السوري يُعرّف على نفسه كضحية صامتة، بل كجزء من شعب حيّ ومقاوم. عبارة "أنا سوري" لم تعد تُقال بخجل أو مرارة، بل بفخر.

لحظة احتضان القائد لشعبه في ساحات أوروبية، ورفع علم الثورة وسط التصفيق والهتاف، كانت لحظة رمزية عميقة، عكست توقاً طويلاً للكرامة والانتماء. نشوة لم يعشها السوريون منذ سنوات، شعور بأن هناك من يمثّلهم، ويتحدث باسمهم، ويشبههم، لقد أصبح لدى السوريين، ولو للحظة، شعور بأن شيئاً ما يمكن أن يتحقق. وأن سوريا ليست فقط مأساة متكررة، بل حلم لا يزال ممكناً.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ