الإيكونوميست: انتقال سوريا يسير أفضل من المتوقع… والشرع مطالب بتعزيز شمولية الحكم
الإيكونوميست: انتقال سوريا يسير أفضل من المتوقع… والشرع مطالب بتعزيز شمولية الحكم
● أخبار سورية ٦ ديسمبر ٢٠٢٥

الإيكونوميست: انتقال سوريا يسير أفضل من المتوقع… والشرع مطالب بتعزيز شمولية الحكم

نشرت "مجلة الإيكونوميست" البريطانية تقريراً تناولت فيه العام الأول من المرحلة الانتقالية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، مؤكدة أن البلاد تخطّت المخاوف الكبرى التي روّج لها النظام السابق، وأن الرئيس أحمد الشرع نجح في تثبيت الاستقرار والانخراط في بيئة إقليمية ودولية مختلفة، رغم التحديات العميقة التي ما تزال ماثلة أمام الحكومة الجديدة.

وبحسب التقرير، فإن النظام السابق اعتمد طوال سنوات حكمه على معادلة "الأسد أو الفوضى"، مدعياً أن البلاد ستنهار دون قبضته الحديدية، إلا أن الوقائع التي تلت فرار بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 أظهرت أن سوريا استطاعت الحفاظ على بنيتها ووحدتها، وأن غياب النظام السابق كان بداية انفراج وليس مقدمة لانهيار شامل. 


وتضيف المجلة أن الرئيس أحمد الشرع، الذي كان النظام السابق يستخدم خلفيته لتخويف السوريين والدول الغربية، أثبت خلال عامه الأول قدرة لافتة على إدارة الدولة وتفادي الانزلاق نحو صراع أهلي جديد.

وتشير الإيكونوميست إلى أن الشرع نجح دبلوماسياً في تغيير موقع سوريا الإقليمي، حيث تمكن من بناء علاقات وثيقة مع الدول الغربية والخليجية، وحظي بدعم واضح من الولايات المتحدة عقب لقائه بالرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، وهو ما انعكس في تعليق العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا خلال مرحلة النظام السابق، إضافة إلى انفتاح خليجي على الاستثمار وإعادة الإعمار. ورغم محاولات الرئيس السوري فتح قنوات تواصل مع إسرائيل، فإن تل أبيب – وفق المجلة – تعاملت مع هذه الإشارات "بعداء غير مبرر".

وترى المجلة أن غياب الفوضى كان التطور الأبرز، إذ لم تنزلق البلاد نحو حرب أهلية جديدة كما حدث في دول عربية أخرى بعد ثوراتها، ولم تشهد دمشق أو غيرها من المدن فرض قيود دينية أو اجتماعية، حيث بقيت الحياة المدنية قائمة، بما في ذلك استمرار الأنشطة الثقافية وحرية النساء في اللباس والتنقل.

ورغم هذا الاستقرار النسبي، تؤكد الإيكونوميست أن الاقتصاد السوري ما يزال في حالة انهيار شديد، مع تراجع الناتج المحلي بأكثر من 70% منذ عام 2011 واحتياج البلاد إلى إعادة إعمار تتجاوز 200 مليار دولار. 


وترى المجلة أنه من غير الواقعي مطالبة الحكومة بحل هذه التحديات خلال عام واحد، لكنها تنتقد توجه الشرع نحو إنشاء مؤسسات موازية خارج بنية الدولة، مثل الهيئة الجديدة للجمارك التي أسندها إلى أحد المقربين منه، معتبرة أن هذا النموذج يعيد إنتاج الهياكل غير الرسمية ويضعف الوزارات الحكومية.

وتشير الإيكونوميست إلى أن التحدي الأكثر حساسية يتعلق بطمأنة الأقليات، خصوصاً العلوية والدرزية والمسيحية، بعد وقوع انتهاكات خطيرة ضد مجموعات منها خلال العام الماضي. ورغم إدانة الشرع لهذه الأحداث، فإنه – بحسب المجلة – لم يتخذ خطوات كافية لتبديد مخاوف تلك المكوّنات من هيمنة أغلبية سنية يقودها رئيس بخلفية سابقة مثيرة للجدل. 


وتؤكد المجلة أن بناء الثقة بين السوريين لا يزال مهمة صعبة، وأن مستقبل البلاد سيعتمد على قدرة الرئيس على توسيع دائرة صنع القرار وإشراك جميع المكونات في الحكم، والابتعاد عن تركيز السلطة بيد دائرة ضيقة من المقربين.

ويعتبر التقرير أن البرلمان الجديد، المتوقع انعقاده في يناير المقبل، سيكون اختباراً رئيسياً لطبيعة الحكم المقبل، فإما أن يشكل سلطة رقابية حقيقية على الحكومة، أو يتحول إلى مجلس صوري يعيد إنتاج نموذج الهيمنة المركزية الذي ميز عهد النظام السابق. وتقول المجلة إن الشرع قدم أداءً جيداً خلال عامه الأول وحافظ على استقرار البلاد، لكنه مطالب الآن بالانتقال من مرحلة إدارة الأزمة إلى بناء دولة حديثة تقوم على المؤسسات وسيادة القانون، لا على حكم الفرد.

وتختم الإيكونوميست تقريرها بالتأكيد أن السوريين منحوا الشرع فرصة تاريخية، وأن نجاحه لن يقاس فقط بقدرته على منع التفكك، بل بقدرته على تأسيس نموذج مختلف تماماً عن النظام الذي أسقطه السوريون في ديسمبر الماضي.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ