
الإدارة الذاتية: اللقاءات مع الحكومة السورية برعاية دولية خطوة نحو حوار سوري شامل
أصدرت الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا بيانًا رسميًا أكدت فيه أن اللقاءات الأخيرة التي جمعت وفدها مع ممثلين عن الحكومة السورية، وبحضور وفدين من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، تُعدّ تطورًا مهمًا على طريق إطلاق حوار سوري-سوري جاد، كانت تطالب به منذ انطلاق الثورة السورية.
وقد وجّهت الإدارة في بيانها الشكر لكل من واشنطن وباريس على ما وصفته بـ"الدور البنّاء والدعم المتواصل الذي يقدمانه لاستقرار سوريا ودفع مسارها الديمقراطي".
وأضاف البيان أن الجلوس على طاولة واحدة بعد سنوات من القطيعة والنزاع، لمناقشة قضايا مصيرية بروح من الجدية والشفافية، يمثّل إنجازًا سياسيًا وتاريخيًا، وخطوة ضرورية لاستعادة الثقة بين القوى الوطنية السورية، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحوار المسؤول.
وأكدت الإدارة الذاتية أن الوقت قد حان لتجاوز الخطابات التي تؤدي إلى تمزيق النسيج السوري وتعميق الانقسام، مشددة على أن التنوع القومي والديني والثقافي في البلاد لا يجب أن يُنظر إليه كتهديد، بل كعنصر قوة أساسي يجب دعمه وتعزيزه، وأن بناء الدولة لا يتم إلا عبر الشراكة لا الإقصاء.
كما جددت الإدارة تأكيدها على أن وحدة الأراضي السورية مبدأ غير قابل للمساومة، وأنه جزء أصيل من رؤيتها السياسية، مشيرة إلى أن المزايدة في هذا الملف تضرّ بالجهود المبذولة من أجل الوصول إلى حل سياسي شامل.
وأشار البيان إلى أن مطالب الإدارة — بإقامة نظام ديمقراطي تعددي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة بين الجنسين، وصياغة دستور يضمن الحقوق المتساوية لكل المكونات — ليست مستجدة، بل تعبّر عن جوهر ما خرج السوريون لأجله في مظاهرات عام 2011. واعتبرت الإدارة أن محاولات تصوير هذه المطالب على أنها دعوات انفصال هي "تشويه متعمّد لحقيقة نضال السوريين ضد الاستبداد".
وانتقد البيان إرث النظام المركزي، الذي احتكر السلطة والثروة، وأقصى الإرادات المحلية، مؤكداً أن سوريا الجديدة يجب أن تُبنى على قواعد لا مركزية تضمن التمثيل العادل لجميع أبنائها.
واختتمت الإدارة بيانها بالتشديد على تمسكها بأهداف ثورتي 15 آذار و19 تموز، باعتبارهما محطتين نضاليتين في سبيل الديمقراطية والحرية. كما عبّرت عن التزامها الكامل بالعملية السياسية، واستعدادها للانخراط في مؤسسات الدولة وفق أسس ديمقراطية، والمشاركة الفاعلة في صياغة دستور وطني جديد يعكس تطلعات السوريين كافة.
ودعت الإدارة جميع القوى السياسية السورية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية، ونبذ العنف وخطابات الكراهية، والعمل المشترك للحفاظ على فرص الحوار، ومنع البلاد من الانزلاق مجددًا إلى أتون الصراع الداخلي، وصولاً إلى دولة مدنية ديمقراطية تحقق العدالة لكل مواطنيها.
قائد "قسد": لا حاجة لنزع السلاح إذا تم تنفيذ اتفاق الدمج مع الجيش السوري
وسبق أن أكد مظلوم عبدي، القائد العام لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، أن تنفيذ اتفاق آذار الموقع مع الحكومة السورية بشأن دمج "قسد" ضمن صفوف الجيش، يلغي الحاجة إلى نزع سلاح القوات أو تفكيكها.
وفي مقابلة مصورة مع الصحفية الألمانية – الكردية دوزان تيكال، نُشرت عبر حسابها على تطبيق "إنستغرام"، شدد عبدي على التزام "قسد" الكامل باتفاق آذار، الذي ينص على توحيد المؤسسات العسكرية والمدنية في شمال شرقي سوريا ضمن هيكل الدولة السورية.
وقال عبدي: "في حال تنفيذ الاتفاق، فإن ’قسد‘ ستصبح جزءاً من الجيش السوري، وبالتالي لا حاجة لنزع سلاحها، لأن حماية شمال شرقي سوريا ستكون حينها مسؤولية الجيش الوطني".
ودعا عبدي إلى دعم الحوار الجاري مع الحكومة السورية، مشيراً إلى ضرورة بناء نظام سياسي جديد يقوم على دستور عادل ومؤسسات مدنية، تضمن حقوق جميع المكونات السورية، محذرًا من تكرار السياسات الإقصائية التي مارستها الحكومة السابقة بحق الأكراد وغيرهم من المكوّنات.
من جانبها، قالت القيادية في "قسد"، روهلات عفرين، خلال المقابلة ذاتها، إن الواقع الأمني المعقّد، واستمرار تهديد تنظيم "داعش"، وانعدام الديمقراطية، يجعل من المستحيل التخلي عن السلاح في الظروف الراهنة. وأضافت: "لا أحد يرغب في القتال، لكننا سنواصل الدفاع عن أنفسنا إذا تعرضنا لأي تهديد".
الولايات المتحدة: لا فيدرالية في سوريا
في السياق ذاته، شدد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والسفير لدى تركيا، توماس باراك، على أن الولايات المتحدة ترفض أي مشروع فيدرالي أو انفصالي داخل سوريا. وأوضح أن واشنطن تدعم الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وتعتبرها تبذل جهودًا جادة نحو التوحيد السياسي والمؤسسي رغم التحديات.
وأكد باراك أن بلاده تواصل العمل مع "قسد" باعتبارها شريكًا فاعلًا في محاربة "داعش"، لكنها لا ترى في "قسد" كيانًا مستقلاً، مضيفًا: "ندعم دمجها الكامل في مؤسسات الدولة، ضمن جيش موحّد، وسيادة مركزية، وعلم واحد".
وأشار إلى أن اتفاق آذار تعثر بسبب غياب التفاصيل التنفيذية، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية تعمل حاليًا على صياغة مسودة جديدة تضمن العدالة، وتضع آلية واضحة لإدماج "قسد" تدريجيًا في بنية الجيش السوري.
وقال المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، إن “هناك طريقاً واحداً فقط لا غير أمام قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهو الذي يؤدي إلى دمشق”، مؤكداً أن الحكومة السورية “أبدت حماسًا لا يُصدق” لضم قسد إلى مؤسسات الدولة، ضمن ما وصفه بمبدأ: “دولة واحدة، أمة واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة”.
وكانت أصدرت الحكومة السورية بياناً رسمياً أكدت فيه تمسكها بوحدة البلاد، مشيرة إلى أن “الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية الجامعة، وترحب الدولة بانضمام المقاتلين السوريين من قسد إلى صفوفه ضمن الأطر القانونية”.
وأضاف البيان أن “أي تأخير في تنفيذ الاتفاقات لا يخدم المصلحة الوطنية، ويعيق جهود إعادة الأمن والاستقرار”، مشدداً على ضرورة عودة مؤسسات الدولة إلى شمال شرق البلاد، وإنهاء ما وصفته بـ”حالة الفراغ الإداري”، وتأكيد أن “الهوية الوطنية الجامعة هي الطريق الوحيد إلى الاستقرار”.
يعود الاتفاق الأساسي إلى 10 آذار 2025، حين تم توقيع تفاهم شامل بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، برعاية أميركية، ينص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية للإدارة الذاتية ضمن مؤسسات الدولة، وإعادة السيطرة على المعابر والموارد، وضمان حقوق المكوّن الكردي ضمن الإطار الدستوري السوري