
اجتماع متوتر بين وفدي السلطة والطائفة الدرزية في أشرفية صحنايا أفضى لاتفاق جزئي
كشفت مصادر مطلعة حضرت الاجتماع الذي جمع الوفد الحكومي السوري بعدد من مشايخ ووجهاء الطائفة الدرزية في منطقة أشرفية صحنايا، أن اللقاء لم يفضِ إلى اتفاق شامل ونهائي بشأن التوترات الأمنية المتصاعدة، بل تم التوصل إلى تفاهمات جزئية وعمومية اعتُبرت "غير مُلزمة".
أبرز هذه التفاهمات هي وقف إطلاق النار في أشرفية صحنايا بشكل كامل، وتشكيل لجنة مشتركة تضم وجهاء المنطقة إلى جانب ممثلين عن السلطة، لبحث تداعيات الأحداث، إلى جانب بحث آلية تنظيم انتساب شباب المنطقة لاحقاً إلى جهاز الأمن العام.
روايات متضاربة.. وتبادل للاتهامات
وقالت مصادر نقل عنها موقع "السويداء 24" أن الرواية الرسمية التي قدمها مسؤولون حكوميون خلال الاجتماع، فإن مجموعات وصفوها بـ"العصابات الخارجة عن القانون" هي من بادرت إلى الاعتداء على عناصر الأمن العام، ما أدى إلى مقتل 35 عنصراً في منطقة أشرفية صحنايا. وشدد الجانب الحكومي على ضرورة بسط سيادة الدولة وتنظيم حيازة السلاح في كل من الأشرفية وصحنايا، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً لعودة الاستقرار.
في المقابل، رفض شيخ عقل الطائفة الدرزية، أبو أسامة يوسف جربوع، هذه الرواية، معتبراً أن الأحداث بدأت بما وصفه بـ"استهداف ممنهج" لمدينة جرمانا، تلاه تصعيد في أشرفية صحنايا، ثم امتد لاحقاً إلى السويداء، محذراً من وجود محاولات منظمة لإشعال فتنة في الجنوب السوري. وأشار جربوع إلى وجود "أزمة ثقة حقيقية" بين الحكومة وأبناء الطائفة الدرزية، داعياً إلى وقف فوري للاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها الطائفة في مناطق عدة.
مطلب حكومي بتسليم أشخاص ورفض قاطع من قادة الطائفة
خلال النقاش، طرح ممثلو السلطة مطلباً بتسليم عدد من الأفراد إلى القضاء، من بينهم قيادي في "حركة رجال الكرامة". إلا أن الشيخ أبو حسن يحيى الحجار، قائد الحركة، رفض بشكل قاطع هذا المطلب، مشيراً إلى أن من يجب تقديمهم للعدالة هم أولئك الذين نفذوا "اعتداءات عشوائية على المدنيين في منازلهم"، مستندين إلى ما وصفه بـ"تسجيل صوتي مفبرك" جرى استخدامه كذريعة لتفجير الأوضاع.
توتر متجدد في السويداء أثناء الاجتماع
وفي خضم الاجتماع، وردت أنباء عن تصعيد في قرية "الصورة الكبيرة" في محافظة السويداء، ما أثار استياء الحاضرين، ودفع مسؤولي الحكومة إلى إجراء اتصالات فورية مع قيادة الفرقة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع في جنوب سوريا، بهدف احتواء التصعيد ومنع امتداد الاشتباكات.
ووفق التطورات، فإن نتائج الاجتماع بقيت غير حاسمة، وسط تباين الروايات، وغياب الثقة بين الطرفين، وتزايد المخاوف من اتساع رقعة التوتر الأمني في الجنوب السوري، خصوصاً مع استمرار الأخبار الواردة من السويداء عن اشتباكات جديدة، ما يلقي بظلال قاتمة على جهود التهدئة الهشة.
محافظ ريف دمشق: اعتداءات في أشرفية صحنايا وسقوط شهداء.. ولا تسامح مع الإساءة للمقدسات
في السياق، أكد محافظ ريف دمشق، السيد عامر الشيخ، خلال مؤتمر صحفي عُقد اليوم، أن مجموعات مسلحة خارجة عن القانون تسللت إلى الأراضي الزراعية في منطقة أشرفية صحنايا، وقامت باستهداف التحركات المدنية والأمنية، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من المدنيين وعناصر قوات الأمن العام.
وأوضح الشيخ أن قوات الأمن العام تمكّنت من اعتقال عدد من المتورطين في هذه الاعتداءات، مؤكداً على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وعدم السماح لأي جهة بزعزعة الأمن والاستقرار تحت أي ذريعة.
وأشار المحافظ إلى أن طائرة إسرائيلية نفذت غارة استهدفت إحدى نقاط قوات الأمن في المنطقة، ما أدى إلى مقتل أحد عناصر الأمن، واصفاً ذلك بأنه انتهاك مباشر للسيادة السورية، ويُضاف إلى سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
وفي إطار التحرك الرسمي لاحتواء التوتر، قال الشيخ إنه قام، إلى جانب محافظي السويداء والقنيطرة، بزيارة أشرفية صحنايا، حيث جرى لقاء مع عدد من الفعاليات الاجتماعية المحلية، وتم التأكيد خلال اللقاء على ضرورة عودة مؤسسات الدولة بشكل كامل، واستعادة الحياة الطبيعية في المنطقة.
وشدّد المحافظ على أن الدولة "تقف على مسافة واحدة من جميع أبناء سوريا"، وأن مسؤولية الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي هي مسؤولية جماعية، مشيراً إلى أن التصعيد الأخير لا يخدم إلا أجندات الفتنة والتفتيت.
كما وجّه عامر الشيخ رسالة واضحة بشأن احترام الرموز والمقدسات، قائلاً: "لن يكون هناك أي تسامح أو تهاون مع أي إساءة للمقدسات الدينية، وعلى رأسها مقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم"، مشدداً على أن حرية التعبير لا تعني انتهاك حرمة العقيدة أو التعدي على مشاعر المواطنين.
وختم المحافظ بالتأكيد على أن الدولة مصممة على بسط سلطتها في كل المناطق، وإنهاء أي مظهر من مظاهر الفوضى أو السلاح غير الشرعي، داعياً الجميع إلى الالتفاف حول مؤسسات الدولة ودعم جهود التهدئة والحفاظ على السلم الأهلي.