
اتحاد الصحفيين السوريين: الصحافة الحرة ركيزة بناء المجتمع السوري بعد سنوات من القمع
جدد اتحاد الصحفيين السوريين، في بيان له، في الثالث من أيار، اليوم العالمي لحرية الصحافة، تأكيده على الأهمية الحيوية لإتاحة فضاء صحافي حر ومستقل في سوريا. إن حرية الرأي والتعبير، التي تشكل الصحافة الحرة ركيزتها الأساسية، ليست مجرد حق إنساني، بل هي ضرورة أساسية لبناء مجتمع ديمقراطي مزدهر وقادر على مواجهة التحديات.
في هذا اليوم، نستذكر بتقدير عميق التضحيات الجسيمة التي قدمها وما زال يقدمها الصحفيون السوريون من أجل وطن حر وصحافة حرة. لقد تحمّل زملاؤنا أعباءً ضخمة، وواجهوا مخاطر كبيرة، وفقدوا أرواحهم في سبيل نقل الحقيقة وتنوير الرأي العام. ولن تذهب تضحياتهم سدى، بل ستظل مصدر إلهام لنا في سعينا نحو مستقبل أكثر حرية وعدالة.
وأكد "اتحاد الصحفيين السوريين"، على ضرورة نبذ جميع أشكال خطاب الكراهية والتحريض الطائفي والمناطقي الذي عانى منه مجتمعنا السوري طويلاً. إن مسؤولية الصحافة والإعلام تقتضي تعزيز الوحدة الوطنية والتسامح والحوار البناء، ونشر قيم السلام والمحبة التي تجمع السوريين بمختلف انتماءاتهم.
وأشار الاتحاد إلى إيمانه بأن الصحافة الحرة والمسؤولة هي الضمانة الحقيقية لمستقبل سوريا، مؤكداً مواصلة العمل بكل إصرار وعزيمة لتحقيق هذا الهدف النبيل، وتوفير البيئة الآمنة والمناسبة لعمل الصحفيين والإعلاميين السوريين.
توثيقات حقوقية
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ آذار/مارس 2011 حتى أيار/مايو 2025، مقتل 724 من العاملين في الحقل الإعلامي، بينهم أطفال، و6 سيدات أنثى) بالغة، كما أن من بينهم 9 من الصحفيين الأجانب، بينهم 559 على يد قوات نظام الأسد.
وسجلت الشبكة الحقوقية ما لا يقل عن 486 من العاملين في الحقل الإعلامي بينهم 9 سيدات (أنثى بالغة)، و17 صحفياً أجنبياً ما زالوا قيد الاختفاء القسري حتى الآن، بينهم 392 على يد قوات نظام الأسد، مؤكدة أن تحقيق العدالة في سوريا يبدأ بكشف الحقيقة، وضمان عدم إفلات من ارتكبوا الجرائم ضد الصحفيين من العقاب."
وكانت أصدرت رابطة الصحفيين السوريين بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يوافق الثالث من مايو، تقريرًا بعنوان "الإعلام السوري بين التحديات والأمنيات – نظرة على التحولات بعد سقوط النظام". ويستعرض التقرير واقع الإعلام السوري في مرحلة ما بعد النظام، مع التركيز على التحولات الإيجابية التي يشهدها القطاع، على الرغم من التحديات المستمرة.
وأوصت الرابطة ضرورية لضمان بيئة آمنة ومستدامة للعمل الصحفي في سوريا، أبرزها: ضرورة محاكمة المسؤولين عن الجرائم ضد الصحفيين، وإلغاء القوانين التي شرعنت القمع الإعلامي، ومراجعة شاملة للقوانين المتعلقة بحرية الصحافة، بما يضمن تعزيز استقلالية الإعلام وحماية الصحفيين، والإفراج الفوري عن جميع الصحفيين المعتقلين والكشف عن مصير المختفين قسريًا، وإعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية لتكون مستقلة وتعزيز ثقافة احترام حرية التعبير وحقوق الصحفيين.
وطيلة أربعة عشرة عاماً، عمل النشطاء من أبناء الحراك الثوري السوري، على نقل صوت السوريين وصرخاتهم في مواجهة آلة القتل الأسدية، لم تمنعهم ضعف الخبرات أو الاستهداف الممنهج للنظام والملاحقات الأمنية من إغلاق عدسات كمراتهم أو كسر أقلامهم التي تحررت من قيود النظام البائد بعد عقود من كم الأفواه ومصادر الرأي، فكانت ثورة السوريين، بداية بزوغ فجر حرية القلم والعدسة التي فضحت جرائم النظام وواجهت تضليله.
سنوات طويلة، استطاع فيها (الناشط الإعلامي) تقديم ضروب في التضحية والفداء، فقدم المئات من النشطاء أرواحهم رخيصة لنقل الصورة الحقيقية، منهم قضوا في معتقلات النظام، وآخرون في القصف وخلال تغطياتهم الميدانية، ومنهم بعمليات الاغتيال، تاركين خلفهم حملاً ثقيلاً على زملائهم لمواصلة الكفاح والتغطية، ومواجهة تضليل إعلام النظام الذي لم يدخر جهداً في تكريس الإعلام لشيطنة الثورة ومحاربتها وتشويه صورتها.
في الطرف المقابل، إعلاميون وصحفيون للنظام، لمعوا في "تشبيحهم" والرقص على جثث الضحايا، فكلما زاد التشبيح والدعوة للقتل وسفك الدم والتحريض والرقص على جثث الموتى، كلما ارتقى وظهر ولمع وبات من المقربين لضباط النظام وأزلامه، الذين منحوهم امتيازات كبيرة في مواقعهم وحياتهم، فبرز من هؤلاء كثر يصعب المقام لذكر أسمائهم، ارتبطت أسمائهم وصورهم بمشاهد الموت والدعس على الجثث، ودعوات القتل والتجييش لقتل السوريين.
وكان عام 2011 تحولاً كبيراً لعقود طويلة من الاحتكار الإعلامي والشاشة والصوت الواحد، مع انطلاق شرارة الاحتجاجات الشعبية للحراك الشعبي السوري المناهضة لنظام الحكم، فكان لابد من صوت ينقل صحيات الثائرين على النظام القمعي، ولعدم امتلاك الجرأة لدى جل العاملين في الحقل الإعلامي إلا من هو خارج الحدود، برزت فكرة (الناشط الإعلامي)، الذي أوجدته طبيعة المرحلة والحراك، ليحمل المسؤولية الأكبر في نقل صورة الاحتجاجات والانتهاكات بحقها للعالم، ويوصل صوت الثائرين.
وبات لزاماً على إعلام الثورة، أن يثبت حضوره الفاعل في المرحلة الجديدة من عمر سوريا، وأن ينظم نفسه ويعزز خبراته، ولاينسى فضح وتجريد هؤلاء الشركاء في دماء السوريين، والدفع لاقتيادهم للمحاكم لمحاسبتهم وفق القانون، فلم يكونوا يوماً دعاة سلام أو مغصوبين على التغطية، بل كانوا يتفاخرون بتشبيحهم ودعواتهم للتحريض والرقص والدعس على جثث الضحايا الأبرياء.