
إيجارات المنازل تُحلق عالياً: منازل بأضعاف رواتب الموظفين واستغلال بلا ضوابط
يشهد سوق إيجارات العقارات في المدن السورية الكبرى ارتفاعاً قياسياً غير مسبوق، وسط غياب أي رقابة أو ضوابط رسمية، ما جعل تأمين منزل للإيجار تحدياً حقيقياً، لا سيما في دمشق وحلب وحماة وحمص، حيث أصبحت الأسعار تفوق أضعاف رواتب الموظفين في الدولة.
إيجارات تضاهي الأسعار العالمية
في العاصمة دمشق، تتراوح إيجارات المنازل حالياً بين 4 ملايين و20 مليون ليرة سورية شهرياً، فيما تتراجع الأسعار نسبياً في مناطق ريف دمشق، لكنها تبقى بعيدة عن متناول ذوي الدخل المحدود، حيث يعادل إيجار منزل متوسط نحو أربعة أضعاف الراتب الحكومي البالغ 390 ألف ليرة.
إلى جانب ارتفاع الإيجارات، يواجه المستأجرون مطالب بدفع مقدمات مالية ضخمة تصل إلى ستة أشهر أو سنة كاملة مسبقاً، مما يزيد من أعبائهم في ظل الظروف الاقتصادية المتردية.
قصص معاناة تبحث عن حلول
لؤي الخطيب، الذي عاد إلى دمشق في زيارة للبحث عن منزل، قال لـ"العربي الجديد" إن الأسعار "مبالغ فيها بشكل صارخ"، مشيراً إلى أن إيجارات المنازل تضاهي مثيلاتها في تركيا، بل تتجاوزها أحياناً رغم الفارق الكبير في مستوى الخدمات.
وأضاف أن منزله العائلي المدمر في حي جوبر يمنع عودتهم، لافتاً إلى "طمع واضح من الملاك واستغلال للظروف".
وفي حماة، حيث البنية التحتية لا تزال جيدة نسبياً، ارتفعت الإيجارات أيضاً بشكل لافت "حمزة الأحمد"، وهو من أبناء المدينة، أوضح أن العثور على منزل بسعر معقول أصبح مهمة شبه مستحيلة، مشيراً إلى أن إيجار منزل مناسب يتجاوز ثلاثة ملايين ليرة شهرياً، وهو ما يحول دون عودته مع عائلته من تركيا.
أما في حمص، فإن الوضع ليس أفضل حالاً، حيث تجاوزت إيجارات الشقق في مركز المدينة 15 مليون ليرة، ما دفع كثيرين إلى الإحجام عن العودة رغم توفر فرص العمل.
وأشار "عمار زكريا" إلى أن إيجار منزل في حي الوعر يبلغ مليوني ليرة، مع تكاليف نقل شهرية مماثلة، ما يجعل الدخل بالكاد يكفي لتغطية هذه المصاريف الأساسية.
سوق خارج السيطرة واستغلال فجّ
مع قلة العرض الناجم عن الدمار الواسع، وغياب تدخل الجهات المعنية، يواصل مالكو العقارات فرض أسعارهم دون حسيب أو رقيب. دعا زكريا إلى تدخل رسمي لفرض سقف للإيجارات، محذراً من أن أزمة السكن قد تستمر لعشر سنوات قادمة.
"فاطمة العبد الله"، وهي أم لطلاب جامعيين، أوضحت أن العثور على منزل ملائم في حمص بات شبه مستحيل، بعد أن ارتفعت الأسعار إلى مستويات تفوق إمكانيات معظم العائلات، مشيرة إلى اضطرارها لعقد إيجار قصير الأمد وسط حالة من القلق حول المستقبل.
مستقبل سكني غامض وغياب للحلول
أمام هذا الواقع، تبدو أزمة السكن مرشحة للتفاقم مع غياب مبادرات جدية لتنظيم السوق، وسط معاناة يومية يعيشها السوريون بين البحث عن منزل واستنزاف مواردهم المالية في ظل غياب حلول حقيقية ومستدامة.