
أول عيد بلا قصف أو أسد.. السوريون يستذكرون أحبّاءهم بزيارة قبورهم بعد غياب
مع بزوغ فجر أول يوم عيد فطر، انطلقت أم علي بالسيارة مع ابنها من مدينة إدلب نحو قريتها كفر سجنة بريف إدلب الجنوبي، لتزور قبر ابنها الذي ظلّت محرومة منه لمدة خمس سنوات وسبعة شهور. واصطحبت معها باقة أوراق ريحان وقارورة مياه ومصحف صغير.
حلَّ عيد الفطر السعيد في سوريا، وصدحت المساجد بالتكبير، لتمتلئ الأجواء بالفرح، ويبدأ أغلب السوريين بممارسة أول طقس وهو معايدة أحبائهم المتوفَّين في المقابر بعد انتهاء صلاة العيد. والذي كان أغلبهم محروماً منه خلال سنوات النزوح، وخاصة الذين ينحدرون من مناطق كانت واقعة تحت سيطرة قوات نظام الديكتاتور بشار الأسد، واضطروا لمغادرتها قسراً على أمل العودة قريباً.
طوال الطريق كانت أم علي تستذكر آخر مرة نزحت فيها من القرية، كان اليوم الأول في شهر رمضان الكريم المصادف لـ 5 أيار عام 2019، حينها الحملة العسكرية على ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي كانت قد بدأت وقوات نظام الأسد المخلوع وحلفائه تتقدم.
مرّت الأيام وأصبحت القرية ومقبرتها وجميع أماكنها بمثابة حلم لسكانها، وصاروا يسألون عنها الناس الذين يستطيعون زيارتها عنها، ويطلبون صوراً كي تُبث الطمأنينة في نفوسهم. وأصبحت كل مناسبة دينية أو اجتماعية لديهم خالية من الفرح.
لكن كل ذلك أصبح مجرد ذكرى مؤلمة انتهت، فبعد تحرير القرية من رجس الأسد، وانتصار الثورة ووصول قوات المعارضة نحو العاصمة السورية دمشق في الثامن من كانون الأول الفائت، وفرار الأسد هارباً مع عائلته، لم يعد هناك حاجز بين السوريين ووطنهم وعيدهم وأفراحهم وكافة طقوسهم المحببة إليهم.
ويُذكر أن جنود الأسد ومؤيديه كانوا ينشرون فيديوهات مستفزة ومهينة لمشاعر النازحين من أهل القرى التي سيطروا عليها، وأبرزها وأكثرها فظاعة نبش القبور، والعبث بحرمة الأموات والجماجم مثل ما حصل في قرية خان السبل بريف إدلب الشرقي، إذ قامت قوات ما يسمى الرئيس السابق الأسد بكسر شاهدة قبر ونبشه. علاوة على ذلك كانوا يتعمدون قصف المقابر كنوع من الانتقام من معارضيه، إلا أن أولئك المسيئين لن ينجوا من العقاب والمحاسبة.