
أربعة رفات ومزيد تحت التراب.. اللجاة مجددًا على خارطة المقابر الجماعية
عثر أهالي منطقة اللجاة شمالي محافظة درعا، صباح اليوم السبت، على مقبرة جماعية جديدة قرب قرية المسمية، تضم رفات أربع جثث على الأقل، وفق حصيلة أولية أعلنتها مصادر محلية، وسط ترجيحات بوجود المزيد من الضحايا في الموقع ذاته.
وبحسب ما أفادت به مصادر محلية، سارعت فرق الدفاع المدني السوري وقوى الأمن الداخلي إلى تطويق المكان، فيما تم استدعاء فرق مختصة لمتابعة عمليات التوثيق والكشف عن الموقع وتحديد هويات الضحايا إن أمكن.
الصور التي انتشرت من الموقع تُظهر بوضوح ثيابًا ممزقة تعود للضحايا، ورفاتًا متناثرة قرب حفر ترابية بدائية، ما يعيد إلى الأذهان مشاهد المقابر الجماعية التي كُشفت خلال الأشهر الماضية في أكثر من منطقة سورية، بعد سقوط النظام السابق في كانون الأول 2024.
وتشير شهادات سكان محليين إلى أن الضحايا قد يكونون من المدنيين الذين اعتقلتهم قوات النظام المخلوع عند حاجز "منكت الحطب" سيئ الصيت، قبل أن يتم تصفيتهم ميدانيًا دون أي إجراءات قانونية، في واحدة من أبشع صور الإخفاء القسري والإعدام خارج نطاق القانون.
اللجاة.. منطقة الخفاء والموت الصامت
منطقة اللجاة، ذات التضاريس الوعرة، كانت طوال سنوات الحرب مركزًا معروفًا لعمليات الاحتجاز الميداني والإعدام السري على يد أجهزة النظام الأمنية، بحسب ما وثّقته منظمات حقوقية سورية ودولية.
وتُعد هذه المقبرة المكتشفة حديثًا واحدة من بين عشرات المواقع التي يُعتقد أنها تخفي في باطنها فصولًا دامية من انتهاكات طالت آلاف المدنيين، بينهم نشطاء ومعارضون ومعتقلون سابقون، وكانت منظمات حقوقية قد وثّقت في وقت سابق جرائم مشابهة في قرى مثل كحيل وبصر الحرير، بالإضافة إلى مقابر جماعية في أطراف بصرى الشام.
سجل متراكم من الجرائم
منذ انهيار النظام البائد في أواخر العام الماضي، تم الكشف عن عشرات المقابر الجماعية في مناطق متفرقة من البلاد، من ريف دمشق إلى حمص وحماة ودرعا، جميعها تعود لضحايا اختفوا قسرًا أو أُعدموا ميدانيًا خلال فترة حكم بشار الأسد.
وسبق أن أعلنت إدارة الأمن الداخلي في ريف حمص الشمالي عن العثور على مقبرة تضم رفات 11 ضحية من أبناء مدينة الرستن، جرى التعرف عليهم من خلال شهادات ذويهم وتحليل الأدلة المتبقية في موقع الدفن، وتبيّن أنهم قضوا في واحدة من مجازر النظام المبكرة عقب اندلاع الثورة عام 2011.
مطلب مستمر: المحاسبة وكشف المصير
الاكتشاف الجديد في اللجاة يفتح من جديد ملف المقابر الجماعية، ويضع مسؤولية قانونية وأخلاقية أمام الجهات الحكومية والمجتمع الدولي لمتابعة التحقيقات وكشف مصير آلاف المفقودين، كما يُعيد التأكيد على مطالبات الأهالي بإنشاء آلية وطنية مختصة تعمل بالتوازي مع لجان الحقيقة والمحاسبة، لضمان عدم ضياع الأدلة وحقوق الضحايا في خضم العملية الانتقالية الجارية.