وثيقة مسربة تؤكد تقليص الدعم الروسي عن "الفيلق الخامس" في سوريا
كشف موقع "القدس العربي"، عن وثيقة مسربة، قال إنها تؤكد الأخبار التي تم تداولها عن تقليص الدعم الروسي لسوريا العام الماضي على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، لاسيما دعم فصيل "الفيلق الخامس"، جاءت بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال الموقع إن الوثيقة تتضمن خطاب من قائد المجموعة العملياتية الروسية الجنرال فاليري في 25 نيسان (أبريل) 2023 للواء السوري منذر سعد إبراهيم قائد الفيلق الخامس اقتحام تطوعي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية في إدلب التابع للقوات الروسية في سوريا، بأن رئيس روسيا الاتحادية اتخذ قرارا حول اختصار الفيلق الخامس والمجموعات الشعبية التابعة له التي يتم تأمينها على حساب الاتحاد الروسي إلى نسبة 50 في المئة اعتبارا من 1 تموز (يوليو) 2023.
وتوضح البرقية إلى أن المبالغ المالية اللازمة لتأمين الفيلق الخامس، والمجموعات التابعة له تبدأ بالاختصار من تاريخ 1 تموز (يوليو) 2023 ويضيف الجنرال الروسي في برقيته "أرجو من سيادتكم تحضير وإرسال مقترحاتكم حتى 7 أيار (مايو) 2023 وإخبارنا من أجل وضع القيادة ورئيس الأركان في روسيا الاتحادية حول اختصار عدد الفيلق الخامس والمجموعات الشعبية التابعة له".
وبين الموقع أن الجنرال فاليري استهل برقيته مخاطبا قائد الفيلق الخامس باعتباره "أحد أهم المسؤولين في الجمهورية العربية السورية الذين يتوقف عليهم اتخاذ القرار في أهم المسائل التي تخدم سوريا".
وتعتبر الوثيقة المسربة إضافة جديدة إلى الوثائق المسربة التي نشرتها "القدس العربي" في 10 شباط (فبراير) والتي كشفت طبيعة العلاقات المتوترة بين قادة القوات الروسية وقيادات القطع العسكرية السورية.
وتفسر الوثيقة تراجع الانضمام إلى الفيلق الخامس المدعوم من روسيا بعد تخفيض ميزانيته إلى النصف حيث خفضت رواتب المتطوعين فيه من 200 دولار أمريكي قبل تموز (يوليو) 2023 إلى 100 دولار بعد ذلك، كما تخلى لواء القدس الفلسطيني عن الدعم الروسي ليعود إلى الدعم والولاء الإيراني.
وحافظت ميليشيا القاطرجي على العلاقة مع روسيا، إلا إنها تعتمد على مصادر تمويل أخرى متعلقة بالعائدات من نقل النفط وترفيه من شرقي سوريا إلى مصفاتي حمص وبانياس، وتعتمد على شركاتها التجارية الفعالة وعلى الاستيلاء على عقارات الغائبين وتجارة المخدرات ويبقى الولاء والدعم الروسي بمثابة دعم سياسي يحفظ بقائها في ظل اشتداد الصراع والاستقطابات الحاصلة في هرم النظام مؤخرا.
وتأتي الوثيقة الثانية بمثابة رد فعل ضمني داخل وزارة الدفاع السورية على التشديد من أجل سرية الوثائق بعد سبعة أيام من نشر "القدس العربي" وثيقتين صادرتين عن وزيري الدفاع الحالي علي محمود عباس والسابق علي عبد الله أيوب في تقرير «وثائق مسربة: وزير دفاع النظام يمنع «الأصدقاء الروس» من دخول القطعات العسكرية في سوريا».
ويشير التعميم الجديد الصادر عن العماد عباس من خلال هيئة العمليات في القيادة العام للجيش والقوات المسلحة السورية على التأكيد على قرار بتاريخ سابق يلزم التشكيلات العسكرية بالالتزام والحفاظ على أمن وسرية الوثائق والمراسلات العسكرية.
وشدد التعميم على ضرورة «التقيد والالتزام بالأوامر والتعليمات فيما يخص عدم تصوير أية وثائق أو مستندات تخص الجيش العربي السوري في المكاتب المدنية، والتنبيه على كافة العسكريين بمختلف الرتب وعلى مسؤولية ضابط أمن الوحدة حرصا على أمن الوثائق وعدم تسريب معلومات عسكرية». ويلفت التعميم نظر جميع القادة إلى أن «ضرورة التقيد التام بمضمون التعميم وأن كل مخالفة تستوجب المسؤولية».
وتدلل سرعة التعميم الصادر بعد نشر الوثائق السابقة - وفق الموقع - على رغبة النظام السوري بتطويق الخلافات الحاصلة بين الجانبين خصوصا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وضعف استجابة النظام وقواته لطلب القوات الروسية لتطهير البادية خلال الأشهر الأخيرة، حيث كثفت خلايا تنظيم «الدولة الإسلامية» من نشاطها على الطريق الواصلة لحقول الغاز والفوسفات التي تسيطر عليها روسيا واقتراب عمليات عناصر التنظيم أكثر فأكثر من تلك الحقول.
وأكد الموقع أن تخفيض التمويل الروسي للمجموعات العسكرية السورية التابعة له، بدأ منذ مطلع عام 2017 بإعلان هيئة الأركان العسكرية الروسية عن تخفيض قواتها في سوريا، وقالت الهيئة حينها أن حاملة الطائرات «أدميرال كوزينتسوف» والطراد الحربي «فيليكي» والسفن الحربية المرافقة ستكون أول القطع العسكرية المغادرة، إلا أن التخفيض الفعلي جاء على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.
كذلك بعد قرارات وإجراءات روسية تقضي بسحب عدد من المجموعات العسكرية الروسية العاملة في سوريا، ومن ذلك تسليم القوات الروسية مستودعات مهين العسكرية الواقعة شرق حمص لـ«حزب الله» اللبناني والفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري، وكان لهذا الانسحاب دور كبير في فتح المجال أمام النفوذ الإيراني للتمدد والتوسع على مساحة جغرافية كبيرة على حساب النفوذ الروسي الذي بدأ من ذلك الحين بتقليص نفوذه في عدة مناطق من سوريا.
ورغم استبعاد فرضية الانسحاب الروسي من سوريا في وقت سابق، قبل الحرب الأوكرانية، إلا أن الخسائر الكبيرة واستنزاف دول حلف شمال الأطلسي «الناتو» الكبير لها على الأراضي الأوكرانية وتدمير كبريات السفن الحربية وإغراقها في قعر البحر الأسود بشكل متواصل، واستهداف المصافي النفطية في عمق الدولة الروسية، كل ذلك إضافة لضعف القدرات الجوية بعد تدمير عشرات القاذفات والطائرات الحربية الإنقضاضية قد يجعل أولوية بوتين التركيز على العمق الأوراسي وجعل قضيته منحصرة في الخروج من المأزق الأوكراني بأقل الاضرار.