وفاة كيسنجر الذي ثبت حكم عائلة الأسد لعقود ووسع نفوذها
وفاة كيسنجر الذي ثبت حكم عائلة الأسد لعقود ووسع نفوذها
● أخبار سورية ٣٠ نوفمبر ٢٠٢٣

وفاة كيسنجر الذي ثبت حكم عائلة الأسد لعقود ووسع نفوذها

رحل هنري كيسنجر، أستاذ جامعة هارفارد، الذي هندس الكثير من السياسات الأمريكية سابقا والتي أصبحت السياسة المعتمدة حتى هذا اليوم، من ضمنها تثبيت حكم عائلة الأسد في سوريا كما أدار ملفات حساسة كثير من ضمنها لحرب الباردة وحرب فيتنام، والسلام بين مصر وإسرائيل.

وبصفته كبير مساعدي الرئيس، ريتشارد نيكسون، في السياسة الخارجية، تفاوض كيسنجر على خروج الولايات المتحدة من حرب فيتنام الكارثية، ليفوز بجائزة نوبل للسلام.

كما أنه كان العقل المدبر لسياسة الانفراج التي أدت إلى ذوبان الجليد في الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، وساعد في تحطيم السور الدبلوماسي العظيم، الذي كان يحيط بالصين الشيوعية لمدة عقدين ونصف من الزمن.

وكانت حرب الستة عشر يوما التي بدأت في 6 أكتوبر 1973، بهجمات منسقة على إسرائيل من قبل مصر وسوريا، أصعب الاختبارات في حياة كيسنجر المهنية، حسبما تشير "واشنطن بوست".

وهددت الحرب وجود إسرائيل، وأشعلت مواجهة مع الاتحاد السوفييتي، وألهمت السعودية وغيرها من المصدرين العرب لفرض حظر نفطي أدى إلى شل تدفق الوقود في العالم.

وساعدت "دبلوماسيته المكوكية" الشهيرة بعد حرب عام 1973 في استقرار العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب، وفق "واشنطن بوست".

وتفاوض كيسنجر على إنهاء حرب يوم الغفران عام 1973 التي أشعلتها الهجمات المشتركة بين مصر وسوريا على إسرائيل.

ومن أكثر ما قام به كيسنجر و سيحاسبه التاريخ على ما قام به هو تثبيت حكم نظام الأسد ودعمه بكل السبل، حيث يرتبط هنري كيسنجر، في ذاكرة العامة من السوريين باتفاقية فصل القوات بين سوريا وإسرائيل في أيار عام 1974، والتي منحت دولة الاحتلال حدودها الأكثر أماناً طوال نحو أربعة عقود،، وأيضا بدخول القوات السورية إلى لبنان في حزيران عام 1976، بضوء أخضر أميركي، هندسه ودعمه، كيسنجر نفسه، الذي وصف النظام بأنه يتميز بروح "المسؤولية" والحفاظ على سلامة الطوائف، معتبراً الدور السوري بنّاءً، وذلك في إفادة قدمها أمام لجنة من لجان الكونغرس الأميركي.

يتحدث باتريك سيل عن العلاقة الحميمية التي توطّدت كثيرا بين حافظ أسد وكيسنجر، إلى حدّ أنّهما أمضيا معاً في الفترة الممتدة من 29 نيسان/ أبريل إلى 29 أيار/مايو 1974  حوالي 130 ساعة، سجّل خلالها كيسنجر 26 حالة وصول ومغادرة إلى مطار دمشق، الأمر الذي كان من دواعي سرور الطرفين كليهما على ما يبدو، حتى باتريك سيل، كاتب سيرة حافظ أسد وأحد أهم مروّجي سياساته لدى الغرب والأمريكان، لم يجد ما يقوله سوى أن: "الأسد كان متشوّقاً لتعلم الكثير عن العالم، ووجد كيسنجر معلّماً خصوصياً جاهزاً".

وقد انتزع كيسنجر من حافظ أسد اتفاقا لإطلاق سراح بضع عشرات من الأسرى الإسرائيليين مقابل تخلي الدولة اليهودية عن مساحة من هضبة الجولان المحتل"، وكانت هذه المساحة في الحقيقة مدينة القنيطرة. ثم لا يلبث أن يتبيّن لاحقا، وبعكس الإشاعات التي راجت بعد ذلك الاتفاق، أن الإسرائيليين الأسرى كانوا من الجنود الشباب في جيش -تساحال- وأنهم لم يعذبوا أو يُضطهدوا، بل إنهم عوملوا معاملة حسنة في الأسر، بعكس ما كان يحدث للمعارضين السوريين آنذاك، لكن المفاجأة الأكبر جاءت من إسرائيل نفسها، التي قامت "بلدوزراتها" بتدمير ما تبقى من القنيطرة المحتلة عاصمة الجولان (وتسوية كل بناء فيها بالأرض) قبل تسليمها لحافظ أسد، الذي حوّلها بدوره إلى متحف للأنقاض، ولم يسمح لأحد من سكانها بالعودة إليها.

يقول كيسنجر في مذكراته أن الاسد الأب تعلّم من إخفاقاته السابقة، حينما قال إنه وجد الأسد قد تغيّر كثيراً بعد سنة ونصف من أول لقاء به، إذ كان مستعداً للمشاركة في عملية السلام، ومتقبلاً لفكرة المفاوضات الرسمية لإعلان وقف الحرب بين سوريا وإسرائيل. وحظي كيسنجر، وفق وصفه، باستقبال حارٍ، وبشكل غير عادي، في دمشق. لكن الإسرائيليين يومها، كانوا يرفضون بشكلٍ مطلق، تقديم أي تنازلات أخرى في هضبة الجولان، بعد اتفاق فصل القوات، وهو ما أجهض أي مسار محادثات ثنائي بين سوريا وإسرائيل، حتى التسعينيات.

وأشار كيسنجر في مذكراته إلى أن الأسد الأب اكتفى بالمعارضة الكلامية لمسار السلام المنفصل بين مصر وإسرائيل. وبرر كيسنجر ذلك، بأن الأسد الأب كان أكثر حكمة من أن يتورط في حرب جديدة مع إسرائيل. وأنه لم يكن يريد أن يخسر احتمالات الوساطة الأميركية. وهو ما يتعارض مع بروباغندا النظام حول مناوئة الأسد الأب، التاريخية، للغرب.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ